اربيل- التاخي
أكد رئيس اقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني أن الفيدرالية هي الضامن الحقيقي لحقوق جميع مكونات العراق بدون تمييز، عاداً إقليم كوردستان عامل أمان واستقرار، ويستطيع أن يلعب دوراً إيجابياً ومهماً في تعزيز الأمن والسلام في المنطقة.
وقال نيجيرفان بارزاني في كلمة له خلال أعمال ملتقى السليمانية امس الأربعاء : إننا في إقليم كوردستان نعتقد أن على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته المشتركة تجاه القضايا العالمية التي تهم البشرية جمعاء.
وأشار الى أن تطور إقليم كوردستان كجزء من العراق مرتبط باستقرار العراق، وتقدم إقليم كوردستان قوة كبيرة للعراق.
وأدناه نص كلمة رئيس اقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني:
دولة السيد محمد شياع السوداني، رئيس مجلس وزراء العراق الاتحادي،
الحضور الكرام،
الضيوف الأعزاء من كل مكان،
صباح الخير،
أهلاً وسهلاً بكم جميعاً.
تغمرني السعادة اليوم ونحن نجتمع معاً في مدينة السليمانية العريقة والحبيبة، للمشاركة في هذا المنتدى. كانت السليمانية دائماً منارة للفكر والثقافة والتعددية السياسية وقلعة شامخة للوطنية، وقد أصبح منتدى السليمانية منبراً مهماً للحوار وتبادل الآراء حول القضايا الإقليمية والدولية.
أشد على يدي أخي العزيز الدكتور برهم صالح وجميع منظمي هذا المنتدى والجامعة الأميركية في العراق – السليمانية. أنا واثق من أن منتداكم سيخرج بنتائج إيجابية في سياق إثراء الحوار بشأن القضايا وصياغة أفكار إبداعية للتعامل مع التحديات.
الحضور الكرام،
ينعقد هذا المنتدى في وقت يشهد فيه العالم مجموعة من التغييرات الجيوسياسية الكبرى التي تغير بدورها طبيعة العلاقات الدولية وقد تُحدث تغييرات في بعض التوازنات الإقليمية والعالمية. الحروب والصراعات في أماكن مثل أوكرانيا وغزة، وتصاعد وتيرة المنافسة الاقتصادية بين القوى العظمى، كلها يؤثر على منطقتنا أيضاً.
في نفس الوقت، يواجه العالم حالياً تحديات مشتركة، خاصة في مجال التغير المناخي الذي يمثل خطراً على الأمن الغذائي، وهناك أيضاً الهجرة والإرهاب والعديد من المخاطر الأخرى التي تهدد حاضر ومستقبل العالم والبشرية. هذه التأثيرات تتراءى لنا بوضوح في العديد من مناطق العراق، حيث اضطر الآلاف إلى تغيير أماكن إقامتهم نتيجة شحة المياه.
إننا في إقليم كوردستان نؤمن بأهمية التعاون والعمل المشترك والتنسيق الدولي لمواجهة هذه التحديات، ونعتقد أن على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته المشتركة تجاه القضايا العالمية التي تهم البشرية جمعاء.
في خضم كل هذه التحديات كلها، يسرنا أن نلمس تطورات إيجابية في المنطقة تهدف إلى تحقيق السلام. ما شهدته تركيا مؤخراً من سعي باتجاه تحقيق السلام هو عملية وفرصة تاريخية، ونحن نؤكد ترحيبنا به ودعمنا لإنجاحه بكل الطرق. إن هذه فرصة لتعزيز الاستقرار في المنطقة وفتح صفحة جديدة من التعاون البناء الذي سيعود بالنفع والفائدة على المنطقة برمتها.
إن السلام قوة، والسعي للسلام هو نهج المؤمنين والأقوياء. ليس في السلام هزيمة لأحد، بل يكون الجميع فيه منتصرين وتزدهر بلدان المنطقة في ظله. فقوة السلام أشد من قوة كل الحروب.
إن الكورد وشعب كوردستان بشكل عام محبون للسلام، وكلما كان هناك بصيص أمل للسلام في أي وقت وأي مكان، رحب به شعب كوردستان دائماً بأمل. على كل فرد ومنظمة سياسية في كوردستان أن يؤمن بهذا النهج وبهذه الإرادة لدى شعب كوردستان.
إن اتفاق جميع الأحزاب والأطراف الكوردستانية على المطلب السلمي لحل القضية الكوردية في سوريا مبعث سرور، وقد اتخذوا خطوات جيدة في هذا الاتجاه من خلال توحيد مطالبهم. نأمل أن يتمكنوا، مع الحكومة السورية، من بناء سوريا ديمقراطية تضمن حقوق جميع القوميات والمكونات لتصبح مصدراً للاستقرار في المنطقة. يجب أن تكون الحكومة السورية معبرة عن جميع مكونات البلاد بدون تمييز، وأن تضمن مشاركة وحقوق الجميع فيها.
أيتها السيدات والسادة،
أثبت إقليم كوردستان باستمرار أنه عامل أمان واستقرار، ويستطيع أن يلعب دوراً إيجابياً ومهماً في تعزيز الأمن والسلام في المنطقة. من هنا نؤكد التزام إقليم كوردستان بمواصلة هذا الدور، من خلال تعزيز علاقاتنا مع الدول المجاورة والمجتمع الدولي، على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
نحن مؤمنون تمام الإيمان بالتكامل بين إقليم كوردستان والعراق ودول المنطقة لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة في جميع المجالات. فالتعاون والعمل المشترك بين إقليم كوردستان والعراق، وبينهما وبين دول الجوار والمنطقة من أجل حل المشاكل وتحقيق السلام من خلال الدبلوماسية والحوار، ينتج فرصاً كبيرة أمام شعوب ودول المنطقة لضمان حاضر ومستقبل أفضل. إن تطور إقليم كوردستان كجزء من العراق مرتبط باستقرار العراق، وتقدم إقليم كوردستان قوة كبيرة للعراق.
أثبتت السنوات المائة الأخيرة بجلاء أن تجاهل وإنكار حقوق الكورد وشعب كوردستان لم ولن يؤدي إلا إلى الحرب والفوضى والدمار والمعاناة والتخلف للمنطقة وشعوبها.
قدم لنا الماضي درساً وعبرة تاريخية، ولكن الثمن كان باهظاً، ومفاد هذا الدرس هو أن المحاولات العبثية لمحو شعب في منطقة الشرق الأوسط، تعداده عشرات الملايين، يعيش في وطنه وعلى أرضه الأصلية، لن تجلب أبداً الأمان والاستقرار للمنطقة، بل على العكس، ستبقي المنطقة دائماً في مواجهة مصير واحتمالات مخيفة.
لذلك، وبعد هذا الماضي المرير، نعتقد أن الوقت قد حان للالتفات بجدية إلى هذه القضية. علينا جميعاً في هذه المنطقة، أن نضع يد الصداقة في يد بعضنا البعض ونحقق معاً بروح التعايش والوئام وقبول الآخر والتعاون المشترك والتعايش السلمي والطوعي، سلاماً دائماً، سلاماً يضمن مستقبلاً مشرقاً للجيل الحاضر ولأجيال المستقبل لجميع شعوب المنطقة، مستقبلاً تكون فيه هذه المنطقة مركزاً مهماً للعالم والبشرية.
ولهذا الغرض، فإن الفرصة مواتية والظروف ملائمة في جميع البلدان التي يعيش فيها الكورد والقوميات الأخرى معاً، وتربطهم علاقات تاريخية وقديمة تمتد لآلاف السنين، لكي يتم حل المشاكل في كل بلد، وفقاً لوضعه وطبيعته وخصوصيته، وضمن حدوده، ومن خلال الحوار والتفاهم والطرق السلمية، فتتحقق الطمأنينة والأمان والاستقرار الدائم، ولكي يمضي الجميع معاً نحو مستقبل آمن وخالٍ من المخاوف.
إن الكورد من الشعوب الأصيلة والكبيرة في المنطقة، والسلام سيعزز كثيراً دور الكورد في تقدم المنطقة، وبالتالي ستتمتع دول المنطقة بقوة أكبر بكثير.
الحضور الكرام..
هنا، في إقليم كوردستان، وبخصوص علاقاتنا مع الحكومة الاتحادية في بغداد، نؤكد التزامنا الثابت بالدستور العراقي كإطار لتنظيم هذه العلاقة. فنحن نعتقد أن الدستور بمبادئه المتمثلة في الفيدرالية والتعددية والشراكة، هو الضامن الحقيقي لحقوق جميع مكونات العراق بدون تمييز.
لقد شهدت الفترة الأخيرة تقدماً ملحوظاً في حل القضايا بين أربيل وبغداد، بفضل الجهود المشكورة لدولة رئيس مجلس الوزراء السيد محمد شياع السوداني، والتي تستحق منا التقدير. إن رؤية السيد السوداني في تعزيز المشتركات وتقليل الخلافات هي رؤية صحيحة للحل، وأؤكد هنا على التنفيذ العاجل لقانون إعادة الملكية وتفعيل لجنة تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي.
سنستمر في الحوار البناء مع الحكومة الاتحادية للوصول إلى حلول دائمة لجميع المشاكل بطريقة تخدم مصلحة العراق بجميع مكوناته وتضمن وتؤمن الحقوق والاستحقاقات الدستورية للجميع.
أيها الكوردستانيون الأعزاء،
الحضور الكرام..
يجب تفعيل برلمان كوردستان في ظل الظروف والتحديات الحالية في المنطقة، ولهذا فإن المهمة الأولى للحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني والأطراف الفائزة في انتخابات برلمان كوردستان هي الإسراع في تشكيل الكابينة الحكومية الجديدة لإقليم كوردستان، وأن تكون حكومة تستجيب لتطلعات المواطنين وقادرة على التعامل بشكل مناسب مع التطورات والتحديات.
وأود أن أستغل هذه المناسبة، لأجدد التهنئة لأهالي مدينة حلبجة الأعزاء بمناسبة استحداث محافظة حلبجة، وأؤكد لهم أننا جميعاً سنعمل على أن نتخذ من هذا فرصة أخرى لتقديم المزيد من الخدمات لحلبجة ولأبناء المنطقة.
وفي الختام، باسم كل المشاركين، أهنئ نادي دهوك بفوزه في البطولة (كأس الخليج للأندية) وأقول لهم أنتم فخر للعراق وإقليم كوردستان
أرجو لكم جميعاً يوماً سعيداً والنجاح.
شكراً جزيلاً..