ابيات من مراثي الحيوان

د . صباح ايليا القس
في مقال سابق تحدثنا عن الحصان والفرس واهميتهما في الحياة العربية حيث كان الحصان أحد مفاخر العرب لا سيما اهميته عند الفرسان في الحروب وفي السلم أحد مظاهر الجاه والثراء اذ لا يستطيع الفقراء تربية هذا الحيوان ربما لغلاء ثمنه اولا ولصعوبة حمايته من الامراض فضلا عن وجوب توفير مكان خاص وتدريب شاق وطعام يختلف عن ما يقدم لغيره من الحيوانات .
لذلك نجد أحد ملوك اليمن يرثي حصانين له اسم الاول (مسك ) والآخر ( صقر ) اللذين هلكا في احدى علل الخيل . نستطيع عن طريق الاسماء معرفة الوانها فالمسك اسود والصقر يوحي بالصفرة ، والمسك والصقر في مظاهر الترف فالمسك عطر غالي الثمن والصقر عزيز وثمنه كبير فهو من مستلزمات الصيد والترف يقول :
أ أكتم وجدي وهــــــو لا يكتـــــم وأخفي عن الناس الاسى وهو يعلم
فحزني على المسك الكريم معظّمٌ وحزني على الصقر المكرّمِ اعظــم
فيا صقر من في الخيل مثلك أصفر ويا مسكُ من في الخيل مثلك أدهــم
ونجد في العصور السابقة واللاحقة من يرثي الكلب. والكلب له أهميته في التراث العربي وهناك دراسات جامعية غطت هذا الجانب . أذ لا يستطيع أهل البادية العيش من دون وجود الكلب فهو الحارس للبيت والحيوانات الاليفة وهو دليل الضيف اذ يستطيع الضيف الاستدلال على وجود الناس ( لا سيما اذا كان ضائعا في الصحراء او ادر كه الليل ) فينبح الرجل نباح الكلب والكلب معروف بنشاطه و سمعه فاذا سمع صوتا نبح للرد عليه فيدرك الضائع ان هناك بيتا قريبا وعن طريق الصوت يستدل على البيت فيكون ضيفا عندهم حتى يدركه الصباح فيعرف طريقه .
والناس الكرماء يعرفون من كلبهم أو كلابهم فالبيت الذي يکثر زواره ورواده تأنس الكلاب بهم وتكون اقل شراسة اذ اعتادت على حضور الضيوف ويكون الكلب هاشا باشا لانه يعرف انه اذا كثر الوافدون فسيكون هناك طعام وحتما سيکون له نصيب من الوليمة وقصة الكلب وحيوان الوحش يتداولها الشعر الجاهلي بكثرة . وعلى طريقة القدماء ، حافظ الشعراء لاحقا على تربية الكلب ولكن على الطريقة الحديثة يقول العقاد :
نسيت ؟ لا . بل ليتني قد نسيت
أحسبني ذاكره ما حييت
لو جاء في نسيانه ما رضيت
ويقول العقاد وهو يرثي ظبيا صغيرا رماه صياد فقتله امام الظبية امه يسعيان لشرب الماء
فيقول :
رأى ام خشف من بعيد وخشفها صديين جاءا يطلبان المجاريا
فما ضره لو كان خلاه مثلمـــــا رأه وخلى أمــــه كما هيـــــا
والحبوبي يرثي نحلة أحرقها رجل بنار لفافته ( السيكاره ) وهي تسعى لتوفير غذاء الشتاء يقول الحبوبي :
اتت نحونا تمشي وتحمل رزقها على فمها لمّا به رضيت قسمــــا
وحرق رجليها بنار لفافـــــــــــة له ، فكبت تشكو قساوته العظمى
والادهى من كل ما سبق أن هناك من رثى العقرب وهذا انموذج غريب ليس له مثيل فيما قرأنا من شعر يقول بحر أبو قوس في رثاء العقرب :
في النفس ذكرى عقرب لم تزل تثير أشجاني واحزاني
تحدثت اختي عــــن عقــــــرب قد قتلتها ام مــــــروانِ
فحزّ في نفســــي ما نابهـــــــا و رحت في همٍّ وأشجانِ
قد يعجبك ايضا