مسرور بارزاني: الفيدرالية لا تعني إضعاف السلطات ومن المهم أن نتأقلم مع الظروف والمتغيرات بالمنطق

أربيل- التاخي

حث رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني، الأربعاء (16 نيسان 2025)، على مواصلة الحلول السلمية لسوريا وتركيا، ولاسيما ما يتعلق بوضع الكورد، مشدداً على أن الفيدرالية ليست صياغة تضعف السلطات، بل تعد حلاً لبلد تعددي، لكن بحيث أن تتوفر النية والإرداة وتوافق بين جميع الأطراف. وفي سياق آخر، أكد مسرور بارزاني على ضرورة حل ملف نفط الإقليم الذي تسبب وقف صادراته بخسائر تقدر بـ23 مليار دولار.

جاء ذلك خلال حديثه في ملتقى السليمانية التاسع، حيث بدأ مسرور بارزاني حديثه في الملتقى باستذكار ضحايا الأنفال، وقال “ننحي إجلالاً لشهداء الأنفال وجميع شهداء كوردستان ونعمل كل ما بوسعنا لمنع تكرار هذه الجرائم”. كما هنأ الإزيديين في كوردستان والعالم أجمع بمناسبة رأس السنة الإيزيدية وتمنى لهم عام الخير والنجاح.
وتطرق مسرور بارزاني إلى اللقب الذي أحرزه نادي دهوك الرياضي يوم أمس على نظيره نادي القادسية الكويتي، مشيداً بهذا الفوز وأعتبره انجازاً كوردستانياً وعراقياً هو الأول في تاريخ البلاد.

الوضع في سوريا
في ما يتعلق بالتطورات في الشرق الأوسط والوضع في سوريا، قال مسرور بارزاني ، إنه “من الصعب لنا ولأي شخص القيام بقراءة دقيقة وكاملة لجميع الأحداث الراهنة، لكن يبدو حدوث تغييرات كبرى وحساسة في المنطقة، وهذه التغييرات غير متوقعة. كما رأينا التغييرات المتسارعة في سوريا والتي لم تكن في حسبان السلطات السورية سواء الحالية أم السابقة. لكن الأحداث وقعت بسرعة وخلقت أوضاعاً جديدة وخاصة في سوريا، وفي الوقت ذاته، نتجت عن الانتخابات الأمريكية حكومة جديدة وبسياسة مختلفة فيما يتعلق بالشرق الأوسط، فضلاً عن الحروب القائمة في المنطقة، وهذه كلها تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على المنطقة ككل ونحن لسنا بمنأى عن هذه التغييرات.”

واضاف أنه “من المهم أن نتأقلم مع الظروف والمتغيرات، مبيناً أن “حكومة إقليم كوردستان تتخذ نهج مغاير لزعزعة أمن واستقرار المنطقة، بل تؤدي دوراً فعالاً في تقريب الأطراف وتحسين أمن المنطقة وتحقيق السلام، فهذا أفضل. لكن يجب أن لا يكون إقليم كوردستان جزءاً من هذه الصراعات وعاملاً في تعقيد الأمور، فهذا ليس من مصلحة شعب الإقليم وشعوب المنطقة، لأن شعبنا مرهق ويأمل بمستقبل أفضل، لذا فأن الإقليم سيكون داعماً لأي خطوة لتتثبيت السلام والاستقرار.”
وحول مساعي السلام في المنطقة، قال مسرور بارزاني أنه ما يتم سماعه من الولايات المتحدة وخاصة بإدارتها الحالية، هو أنها تبدي رغبتها في تحقيق السلام، ولكن يبدو أن لهم سبل مختلفة في كيفية الوصول لهذا الهدف، وذلك باستخدام القوة من أجل إرساء السلام.

الكورد في سوريا
في سياق متصل، قال رئيس حكومة إقليم كوردستان، أنه بإمكان الكورد في سوريا الاستفادة من التجربة الغنية لإقليم كوردستان، والمهم لدينا أن يكونوا موحدين، وكلما توحدت صفوف الكورد في سوريا كان بمقدورهم الدفاع عن حقوقهم المشروعة، للوصول إلى اتفاق مع سلطات دمشق يضمن الحقوق التي يطالبون بها.”
وتحدث مسرور بارزاني عن سوريا بسرده الأوضاع التي يشهدها البلد “المتعدد الأعراق”، مشيراً إلى أنه “من الناحية الجغرافية والمكوناتية، نرى في المناطق الكوردستانية هناك أغلبية كوردية فيما تنتشر الأطراف المتحالفة والقريبة من تركيا في شمال غرب سوريا، والعلويون في المناطق الساحلية والدروز في جنوب سوريا. فحتى المكونات العشائرية السورية ليست على موقف واحد، في ظل سلطات جديدة في دمشق، وهناك مناطق واسعة لم تستطع سلطة واحدة السيطرة عليها، وخاصة دير الزور وصولاً إلى تدمر حيث ينشط داعش، وبحسب التقارير الواردة فأن تحركات داعش ازدادت، وسط وجود مخيمات لمعتقلي داعش التي تعد مصدر خطر، وبالتأكيد أي مكان يفتقد الأمن والاستقرار والاقتصاد القوي قادر على الاستجابة لمطالب المواطنين، فهذا يهيء المناخ لظهور المزيد من العنف”.

وأضاف:” بحكم تجربتنا فأن المناطق التي أوضاعها الاقتصادية أفضل، سيكون الأمن فيها أكثر استتباباً، أي أن الأمرين مرتبطين ببعضهما. سوريا الآن في أوضاع حساسة للغاية، وبعد الكثير من الحروب فهي تواجه أوضاعاً اقتصادية صعبة تتطلب مساعدات دولية، كما أن وجود دعم دولي مع حكومة متعددة وشاملة يشكل فرصة جيدة، وأعتقد أنه يمكن الاستفادة من هذه الفرصة. يجب تقديم الدعم لسوريا دون تهميش أي طرف، ويمكن لأخوتنا الكورد العمل على هذه النقطة ويكونوا جزءاً من بناء سوريا ديمقراطية يشعر الجميع فيها بالانتماء، وتحقق مصالح الجميع.”
وفي حديثه عن ما إذا كان من الممكن تطبيق الفيدرالية في سوريا، قال مسرور بارزاني :”إذا كانت هناك نية التوافق والتعايش المشترك، سيكون من السهل إيجاد صيغة مناسبة للحل. الفيدرالية دون مصداقية حتى لو كانت هذه الفيدرلية قد وضعت ورسمت بالوثائق، سيكون من الصعب تطبيقها.”

وتابع القول :”اتمنى من الجهات التي تقف بالضد من الفيدرالية، أن يعيدوا النظر في توجهاتهم، لأن الفيدرالية لا تعني إضعاف سلطات الدولة، بل هي اعتراف بالتعددية التي تكمل بعضها البعض في الوطن الواحد. لذا فأن صيغة الفيدرالية باعتبارها هي مصدر لقوة للدولة، ستكون لها مساهمة في تقريب الأطراف. من الممكن أن يستفيد الأطراف في سوريا حتى لو بشكل جزئي من تجاربنا في العراق، وأتمنى التوفيق لهم”.

مشروع السلام في تركيا
عن مشروع السلام في تركيا، قال مسرور بارزاني إنه “جرت المحاولات سابقاً لإرساء السلام ونبذ الحرب، لكن السلام لا يمكن تطبيقه من طرف واحد، بل يجب أن يشارك فيه كل أطراف المشكلة، وأن يكون الجميع على استعداد لمساعي السلام. هذه المرة نرى أنه في تركيا هناك تغيرات في وجهة نظر الأطراف بما فيهم المتطرفة، بل هي نفسها اصبحت تتحدث عن السلام، بالتالي هناك فرق بين هذه المرحلة والمراحل السابقة. إضافة إلى أن رسالة السيد أوجلان تدعو إلى السلام، وكذلك الأطراف الأخرى بما في من هم في السلطة.”
واعتبر مسرور بارزاني أن كل هذه المتغيرات في تركيا هي إيجابية وكبيرة، لكن يبقى كيفية التعامل مع كل هذه التطورات أبرزها توفر إرداة الجهات التي تدفع للسلام وتغلبها على كل جهة ترفضه.

وفي الشأن الإيراني قال :”لا اعتقد أن إيران ضعفت أمام الأطراف الفاعلة بالمنطقة، ولازالت لها تأثيرها، وهي دولة جارة وكانت تتعاون معنا في الكثير من المراحل، ولنا معها علاقات صداقة، وفي الوقت نفسه لنا علاقات صداقة مع الولايات المتحدة التي دعمتنا في مواجهة الأزمات، ونشكرها على هذا الدعم ذات التأثير للكورد والعراقيين بشكل عام”.
وشدد على ضرور الحفاظ على العلاقة مع إيران وكذلك مع الولايات المتحدة، وأن يكون الكورد “عاملاً جيداً في تقريب الرؤى، لتحسين الوضع الأمني وتحقيق الاستقرار. لذا ليس من مصلحة الكورد أن يكونوا طرفاً في المشكلة، بل يجب أن يكون طرفاً مؤثر في حل المشكلة، وينطبق ذلك على الكورد في شرق كوردستان.”
وفي ملف النفط، أكد مسرور بارزاني على أهمية حل مشكلة النفط باقرب وقت، إذ تسبب تعليق صادرات نفط إقليم كوردستان منذ عام 2023، بخسائر مالية تقدر بحوالي 23 مليار دولار، متمنياً حل كل القضايا العالقة بين بغداد وأربيل.

قد يعجبك ايضا