محمد سليم المزوري
اعتمدت الكثير من الدول المواثيق الدولية الخاصة بالأنهار الدولية وما تمخض عنها من قرارات وتوصيات تفيد في حل بعض الخلافات ولضمان الحقوق المكتسبة لدول الحوض بغية الحد من الاستخدام التعسفي لدول المنبع وقد برزت العديد من الاتفاقيات والمعاهدات خاصة بعد الحرب العالمية الأولى، وتقسيم الدول إلى أجزاء لتصبح فيما بعد دولاً وطنية جديدة والحال يسري على العراق خلال مرحلة الانتداب البريطاني أو بعد حصول العراق على الاستقلال.
وفي هذا الصدد أبرمت الكثير من الاتفاقيات بين العراق وتركيا من جهة وبين العراق وسوريا من جهة أخرى لتنظيم حالة المياه وقد كانت أول هذه الاتفاقيات التي ابرمت بين العراق وكان يمثله بريطانيا لأن العراق كان في عام 1920 يقع تحت الاحتلال البريطاني وبين سوريا التي مثلتها فرنسا كونها كانت تحت الاحتلال الفرنسي وتركيا وقد تمخض عن هذه الاتفاقية تشكيل لجنة لدراسة المشاريع التي تنفذ على نهر الفرات من قبل دول الحوض.
إذ تستند السياسة المائية العراقية من الوجهة القانونية إلى القواعد والأحكام الخاصة بتنظيم استخدام مياه نهري دجلة والفرات، بموجب الاتفاقية المذكورة ويدعوا العراق دائماً للالتزام بتلك الاتفاقيات فضلاً عن تأكيد على دولية النهرين ويرفض العراق الرؤية التركية القائمة على ان نهري دجلة والفرات هما نهر واحد وان تركيا مستعدة لمناقشة مسألة مياه النهرين من خلال منهج متكامل يشمل جميع ابعاد المشكلات، ويصير المفاوضين العراقيين على ان حقيقة ان النهرين منفصلين، ولكل منهما ظروفه الخاصة، ولاسيما أن الوثائق الموقعة بين البلدين تشير إلى ذلك ومنها بروتوكول عام 1980، فضلاً عن ان العراق يدعو الدول المتشاطئة دوماً، إلى الالتزام بالقواعد التي تتطلبها مستلزمات الحفاظ على البيئة، وما يتبع ذلك من وجوب اتخاذ اجراءات لمنع ومكافحة تلوث مياه نهري دجلة والفرات، جراء المشاريع الاروائية والمخلفات الأخرى.
اما بروتوكول التعاون الاقتصادي والفني بين العراق وتركيا في 25/12/1980 والذي انضمت له سوريا عام 1983 ففي هذا البروتوكول وفي الفصل الخامس منه الخاص بالمياه الاقليمية نص على :
اتفق الطرفان حول مسألة المياه على التعادل في مجال السيطرة على تلوث المياه المشتركة في المنطقة.
وافق الطرفان على إنشاء لجنة مشتركة للمياه الاقليمية التركية السورية العراقية مهمتها دراسة الشؤون المتعلقة بالمياه الاقليمية وخصوصاً حوضي دجلة والفرات واقتراح الطرق والأساليب التي تؤدي إلى تحديد كمية المياه المعقولة والعادلة التي يحتاجها كل من البلدان الثلاث في الأنهار المشتركة.
ويمكن القول ان تركيا تعمدت لأكثر من ثلاث عقود مضت وخصوصاً بعد عام 1990 وما رافقه من تراجع لدور العراق الاقليمي وإنهيار مؤسسات الدولة العراقية بعد عام 2003 بعدم التوقيع على أي اتفاق يضمن حصة ثابتة للعراق من مياه نهري دجلة والفرات فضلاً عن صيانة المجرى المائي وسلامته من التلوث، وفي عام 2009 اقترح العراق على تركيا إضافة بندين لاتفاق الشراكة بينهما، يتعلق الأول بتقاسم الحصص المائية بين الدول التي يعبرها نهري دجلة والفرات، أما البند الثاني فيتعلق بمجالات التعاون وتفعيل فرص الاستثمار وتبادل الخبرات في القطاع الزراعي، وتنمية الثروة الحيوانية ويمكن القول ان الرغبة التركية في ممارسة دور اقليمي اكبر وإدارة بوصلة سياستها الخارجية باتجاه المشرق العربين بعد تراجع إنضمامها الى الاتحاد الاوربي، جعلها تناور من مياه نهري دجلة والفرات التي تعد الشريان الرئيس للعراق، كورقة رابحة تستخدمها للضغط عليه من اجل الحصول على مكاسب سياسية واقتصادية أما الموقف الايراني، فهو لا يختلف حيال الازمة المائية التي يمر بها العراق عن مواقف تركيا ان لم يكن أكثر سوءاً من خلال قيام ايران بتحويل اغلب روافد دجلة والتي تغذي هذا النهر داخل الأراضي العراقية والذي ينتج عنه بالتأكيد خفض مناسيب المياه في نهر دجلة من خلال هذا العمل أو قيام ايران بقطع المياه عن الكثير من الأنهر التي تجري داخل العراق ومنها نهري الوند وسيروان على سبيل المثال.
وان إقامتها للسدود دون أخذ رأي الجانب العراقي هو موقف مناقض لجميع الاعراف الدولية وللقانون الدولي، حيث ان ايران لم تطبق الاتفاقيات والبروتوكولات الموقعة سابقاً بين الطرفين العراقي والإيراني بشأن مياه المجاري المائية التي تنتهي في الأراضي العراقية.