العالم يتكلم كوردي… وخطاب تاريخي للرئيس مسعود البارزاني

د. نهلة الأفندي*

في مشهد ثقافي مهيب، وتحت شعار “العالم يتكلم كوردي”، افتُتحت يوم الأربعاء الموافق 9 نيسان 2025 فعاليات الدورة السابعة عشرة من المعرض الدولي للكتاب في أربيل، عاصمة إقليم كوردستان. وقد شرف الافتتاح فخامة الرئيس مسعود البارزاني، زعيم الأمة الكوردستانية، الذي ألقى خطابًا تاريخيًا استثنائيًا أعاد فيه التأكيد على ثوابت المشروع القومي الكوردي، وطرح رؤى واضحة لمواجهة التحديات السياسية والمرحلة المفصلية التي يمر بها الإقليم والعراق عمومًا.

دعوة إلى الوحدة السياسية
في مستهل كلمته، وجّه فخامة الرئيس البارزاني نداءً وطنيًا صادقًا إلى القوى والأحزاب السياسية الكوردية، مؤكدًا على ضرورة توحيد الصف وتنظيم المواقف لمواجهة التحديات الراهنة. واعتبر أن هذه الوحدة ليست مجرد خيار، بل الطريق الوحيد نحو الانتصار وحماية المكتسبات القومية التي تحققت بتضحيات جسام.

كما شدد على ضرورة تحمل المسؤولية التاريخية، لا سيما من قبل الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني، عبر الإسراع في تشكيل الكابينة الوزارية العاشرة لحكومة الإقليم. وأكد أن التأخير في هذه العملية لا يصب في مصلحة الشعب الكوردستاني، في ظل التغيرات السياسية الإقليمية المتسارعة التي تتطلب جاهزية واستعدادًا لمواجهة أية تطورات محتملة.

توحيد الخطاب السياسي واعتماد الحوار
أبرز ما تضمنه الخطاب كان تأكيد فخامته على ضرورة توحيد الخطاب السياسي الكوردي، داعيًا جميع القوى السياسية في كوردستان والعراق إلى التخلي عن الانقسامات والنزاعات، وجعل لغة الحوار الوسيلة الوحيدة للتفاهم والتعامل. وأشار إلى أن الالتزام بالحوار من شأنه أن يرسّخ الاستقرار السياسي ويقوي الموقع الكوردي على الساحة الوطنية والإقليمية.

رسالة إلى بغداد: مراجعة النهج السياسي ضرورة وطنية

وفي محور آخر من الخطاب، توجه فخامة الرئيس برسالة واضحة إلى الحكومة الاتحادية في بغداد، معربًا عن أسفه لاستمرار النهج الإقصائي في إدارة الدولة العراقية، رغم مرور 24 عامًا على إسقاط نظام البعث البائد. وأكد أن الدستور العراقي تضمّن ضمانات واضحة لحقوق الكورد، إلا أن الممارسة السياسية على أرض الواقع ما زالت تفتقر إلى الشراكة والتوازن والتوافق، وهو ما أدى إلى أزمات متكررة تهدد بانهيار العملية السياسية.

وقال فخامته بكل صراحة: “لو أن السياسة في العراق بعد عام 2003 بُنيت على أسس التفاهم والشراكة الحقيقية، لما وصل الحال إلى ما هو عليه اليوم”.

دعوة إلى المصالحة ورفض الحروب بالوكالة

واختتم فخامته خطابه بنداء إنساني صادق، داعيًا فيه القوى السياسية إلى الاعتراف بالأخطاء وفتح صفحة جديدة، تسودها المصالحة والتعاون من أجل مصلحة الوطن والمواطن. كما أعرب عن أمله بانتهاء الحروب والصراعات التي تعصف بالمنطقة، مشددًا على ضرورة أن يبقى العراق بعيدًا عن المهاترات السياسية وألا يتحول إلى ساحة لحروب بالوكالة.

هذا الخطاب جاء ليشكل محطة مهمة في سياق الأحداث، ورسالة قوية تؤكد على ثوابت النهج السياسي المعتدل والواقعي الذي يتبناه الرئيس البارزاني، كما يعكس حرصه الدائم على حماية وحدة الصف الكوردي، وصون الاستقرار في العراق والمنطقة.

*عضو مجلس النواب العراقي
عن كتلة الحزب الديمقراطي الكوردستاني

قد يعجبك ايضا