د . صباح ايليا القس
في التراث العربي هناك كتب تخصصت بأشعار النساء ولا سيما المشهورات منهن . وقد تناول الباحثون لاحقا دراسة هؤلاء الشاعرات دراسة جامعية واستحصلوا شهادات في هذا الجانب .
غير ان هناك نساءً شاعرات لا يسعف شعرهن لانجاز دراسة جامعية فظلت اشعارهن حبيسات في كتب التراث سوى من قام بكتابة شيء من اشعارهن او اشار اليهن في بحث او مقالة ..
نجد في خبايا الكتب ثلاث شاعرات من بني عقيل منهم من اشار الى الاسم الاول وغيره اشار الى القبيلة فقط وظل اسم الشاعرة مغمورا .
جاء عن الاولى ان زوجها سمعها وهي تنشد ابيات غزل لأحد الشعراء فظن بها السوء وسألها هل أنت عاشقة ؟ فقالت لا . فهددها بالضرب على جانبيها اذا هي اعتادت مثل هذا الامر فقالت :
فإن تضربوا ظهري وبطني كليهما فليس لقلب بين جنبي ضـــــاربُ
يقولون : عزَّ النفس عمن تـــــوده وكيف عزاء النفس والشوق غالبُ
والعقيلية الثانية اعتاد اهلها على التنقل والترحال بحسب طبيعة المكان وصادف ان عاشوا مدة قرب بني نمير فصارت بينها وبين اصدقاء لها علاقة جيرة لكن السفر فرق بين هذه الصحبة فقالت :
أتربي من عليا نمير بن عامر أجدّا البكا ان التفرق باكــــــــر
أتربي عاقتنا نوى عن نواكـم وشعب نوى قد بان لي متشاجر
فما مكثنا دام الجمال عليكمـا بثهلان إلا أن تزم الاباعــــــــر
الاتراب = الاصدقاء , ثهلان = اسم مكان .
والعقيلية الثالثة اسمها ( ماوية ) وكانت بينها وبين ابن عم لها علاقة حب وكان اسمه ( كثير ) فقالت :
ألمَّ ( كثير ) لمّةً ثم شمـــــرتْ به خلة يطلبن برقا يمانيـــــــــــا
ألا ليتنا والنفس تصبر بالمنى يمانون إذْ أضحى ( كثير ) يمانيا
والمقصود ان حبيبها سوف يسافر مع اهله الى اليمن وهي تتمنى ان تكون يمانية حيث يكون .
الشاعرة صعبة اليمانية
اليمانية نسبة الى اليمن . واليمن مدنية في عمرانها واسواقها وحياتها فهي لذلك بعيدة عن حياة القرى والارياف ومن اعتادت العيش على ترف وبذخ المدن يصعب عليها التكيف والعيش في القرى والارياف وما فيها من قساوة وربما فقر ايضا وهذه الشاعرة المدنية قد تزوجت او زوجوها رجلا من الريف فرافقته وأحست بحياة لم تألفها سابقا مما اضطرها الى ان تقول :
وقالوا : كلي الطفشيل يا صعب تسمني
فشحمي على الطفشيل شحم ممانع
وما أنا والطفشيل والخل والقـــــــرى
وديك على رأسي من الليل صائـــح
فما لأبي لا أحسن الله رفـــــــــــــده
وقامت عليه المعولات النوائـــــــــــح
الطفشيل = أكلة بسيطة يعرفها اهل القرى .
فهي لم تعرف مثل هذا الاكل في المدينة وهي تنام من دون ان تسمع صياح الديك صباحا وحتما هناك اعمال تقوم بها نساء الريف كل هذه الصعوبات جعلتها تدعو على أبيها الذي زوجها وتطلب من الله ان يأخذ روحه وتقوم عليه النائحات الباكيات ولا ينال رحمة الله جزاء هذه الزواج .