إرهاصات بيئية .. دور الإعلام في نشر الوعي البيئي

 

صادق الازرقي

الإعلام لم يعد مجرد وسيلة ترفيه أو إخبار، بل أصبح شريكا أساسيا في صناعة التغيير الإيجابي، ومن هنا تأتي أهمية الاستثمار فيه كأداة لنشر الوعي البيئي وبناء مستقبل أكثر استدامة.

 

وبالنظر لأهمية البيئة في حياة الإنسان، لاسيما مع المخاوف من التغيرات المناخية التي تشمل تحديات راهنة   (التلوث، التصحر، ذوبان الجليد القطبي… الخ)، فان الحاجة الملحة لزيادة وعي الناس بهذه التحديات تصبح في سلم الأولويات بالنظر لوظيفة الإعلام كأداة فعالة في التأثير وتغيير السلوك.

ان أنواع وسائل الإعلام ودورها البيئي تشمل الإعلام التقليدي: الصحف، التلفزيون، الإذاعة، و الإعلام الرقمي: مواقع التواصل الاجتماعي، المدونات، القنوات الرقمية؛ وكذلك الإعلام البيئي المتخصص الذي يتضمن مجلات وقنوات تهتم بالشأن البيئي.

ان من ابرز وظائف الإعلام البيئي هي التثقيف البيئي، و التحذير والتنبيه من الأخطار البيئية، و تشجيع المبادرات الخضر والسلوك الإيجابي، و فضح الانتهاكات البيئية وتسليط الضوء على قضايا مهملة.

وباختيار أمثلة  من الواقع نظمت لأجلها حملات إعلامية بيئية في بلدان أخرى، نجد حملات إعلامية ناجحة مثل، “ساعة الأرض” أو “أوقفوا البلاستيك”.

وفي العراق تبرز بوضوح قضايا بيئية ملحة وخطيرة يجب ان يتناولها الاعلام ويقترح المعالجات لها، وان يتميز دوره في تناول مشكلات، مثل شح المياه أو تلوث الهواء او استمرار حرق الغاز المصاحب وعدم استفادة محطات الكهرباء منه، واستمرار العمل بالمولدات الاهلية التي اثبتت الدراسات مخاطرها على الصحة، وغيرها من الموضوعات.

يجب ان تجري وسائل الاعلام تحقيقات وتنظم تقارير مع الاستعانة بذوي الاختصاص في هذا الشأن؛ كما يتوجب توظيف الإعلام في التوعية ابان الكوارث البيئية (حرائق الغابات، الفيضانات…).

ومع ذلك فاننا ندرك  تحديات الإعلام البيئي، ومن ذلك قلة التخصص في الشأن البيئي و تأثير الإعلانات التجارية على مضمون الرسائل البيئية، و نقص التمويل والدعم للمشاريع الإعلامية البيئية.

لقد غيرت الشبكة العنكبوتية “الانترنت” أساليب التوعية، وابرزت دور الإعلام الجديد ومواقع التواصل، كما لوحظ تأثير “المؤثرين” والناشطين البيئيين على الوعي العام، و التفاعل المباشر مع الجمهور وصناعة المحتوى البيئي.

اي ان الإعلام يمكن أن يكون عاملا حاسما في تغيير سلوكيات الأفراد تجاه البيئة، كما ان دعم الإعلام البيئي المتخصص مهم جدا، وكذلك يجب  التعاون بين الإعلاميين والخبراء البيئيين، و إدراج موضوعات بيئية بشكل مستمر في الإعلام العام.

وتأتي اهمية الاهتمام بشؤون البيئة في العراق بسبب المخاطر الفعلية الواقعة على البيئة، ويتمثل ذلك في المخاطر الصحية المباشرة على الانسان، ومنها انتشار الاصابة بالسرطان؛ ويمكن الاشارة هنا الى  تقرير نظم عام 2018، أجرته المنظمة الألمانية لحقوق الإنسان بزيارة ميدانية لمناطق قضاء “المدينة” شمالي البصرة للوقوف على ما تعانيه تلك المناطق من “ارتفاع لافت” في معدلات الإصابة بالسرطان ونسب التلوّث.

ووفقا لما يقوله رئيس المنظمة، سجلت المنظمة 1200 حالة سرطانية في مناطق شمالي البصرة في ثلاثة أشهر فقط، وهي مدة بحث ميداني أُجري في 2018؛ ويرتبط ارتفاع نسب السرطان بين الأهالي، بتفاقم الملوثات الهوائية المنبعثة من الحقول النفطية في تلك المناطق، ومنذ ذلك الحين تتصاعد الإصابات ولا تنخفض وعلى الإعلام التحرك وكشف المستور من أمور البيئة.

قد يعجبك ايضا