لماذا لا نحس بأننا عراقيين ؟!

مدحي المندلاوي

هذه حكاية مرعبة عن اربعين طفلا كوردياً من ابناء مدينة السليمانية ، ألقت السلطات الأمنية البعثيةالقبض عليهم في شهر كانون الاول من عام ١٩٨٨ ، ليس لذنب اقترفوه بل إمعاناً في اذلال أهالي المدينة وزيادة وجعهم وآلامهم ، وحباً للجريمة وسفك الدماء .

وأشتهرت مأساة هؤلاء الأطفال في وقتها بقضية الأربعين طفلاً . وكان المسؤولون عن دائرة امن السليمانية يتلهون بأخذ طفلين او ثلاثة من هؤلاء في كل مرة ، ويرمونهم بالرصاص في ساحة السجن . حتى بقي عشرة منهم فقط . أنا كنت أعرف طفلاً واحداً منهم ، واسمه جلال امين ، من أهالي قرية ( هەڵەدن ) التابعة لقضاء دوكان . كان تلميذاً في المرحلة الابتدائية ، رحلت عائلته إلى المدينة في منتصف الثمانينيات . صورته مع المساجين تحمل الرقم ( 15 ) وكان احد الأطفال العشرة الذين كتبت لهم النجاة . التقيت به خلال ايام عيد نوروز في القرية . وحكى لي عن تلك الايام المرعبة ، وهو لا يزال يرتجف من هولها . القضية ليست هنا ، بل مع السلطات الحكومية الحالية في بغداد التي لا تقل كراهية وظلماً عن سابقاتها بالنسبة لكل ما يتعلق بحقوق المواطن الكوردي . ففي الوقت الذي تغدق حكومة بغداد على الرفحاويون من رواتب ضخمة لمجرد انهم هربوا من العراق ، وتعتبر كل من سجن في عهد النظام السابق حتى في قضايا سرقة وجرائم مخلة بالشرف مساجين سياسيين ، هذه الحكومة لا تعتبر جلال سجين سياسي ، وليست له اية حقوق لدى هذه الحكومة . وبعد ذلك تتبجح بالعدالة وحكم القانون . ترى كيف يعتبر جلال نفسه عراقياً وهو يرى مواطنين عراقيين من العرب يغرفون الرواتب بدون حساب ، وهو ينظر كاليتيم إلى مائدة اللئيم .

الصورة ؛ الأطفال في السجن ، وصورة حديثة مع الطفل جلال امين من سكنة قرية هلدن .

قد يعجبك ايضا