الصين تجري مناورات عسكرية واسعة النطاق في محيط تايوان

التآخي-وكالات

حشد الجيش الصيني الثلاثاء قوّاته البرّية والبحرية والجوّية في محيط تايوان لإجراء مناورات عسكرية واسعة النطاق تحاكي حصار الجزيرة التي قالت بكين إن تحركها باتجاه الاستقلال سيشعل “حرباً” وسيكون “مصيره الفشل”.

وقال شي يي الناطق باسم قيادة الجيش الصيني في الشرق إن القوّات الصينية المسلّحة “تقترب من جزيرة تايوان من اتّجاهات عدة”، واصفاً المناورات بأنها “مشروعة وضرورية لصون سيادة الصين ووحدتها الوطنية”.

وأوضح شي أن “هذه المناورات ترتكز خصوصاً على دوريّات الاستعداد لمعارك بحر-جوّ وبلوغ تفوّق شامل ومهاجمة أهداف بحرية وبرّية ومحاصرة مناطق رئيسية ومسالك بحرية”.

وردّاً على هذه المناورات، أعلنت تايبيه تحريك طائراتها وسفنها وتشغيل الأنظمة المضادة للصواريخ. وقالت إن الصين حشدت 21 سفينة حربية و71 طائرة لهذه التمارين الجديدة.

واعتبر الاتحاد الأوروبي أنّ هذه المناورات العسكرية “تؤدي إلى تفاقم التوترات”، مطالباً “الطرفين” بإظهار “ضبط النفس”.

وقالت الناطقة باسم خارجية الاتحاد أنيتا هيبر، “ندعو جميع الأطراف إلى إظهار ضبط النفس وتجنّب أي عمل من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم التوترات”.

من جهته، أكد قائد الجيش في الفيليبين الثلاثاء أنّ بلاده ستتدخّل “لا محالة” في حال غزو تايوان.

وقال الجنرال روميو براومر لجنود في جزيرة لوزون الشمالية، “ابدأوا التخطيط للتحرّكات في حال حدوث غزو لتايوان… لأنّه إذا حدث شيء في تايوان سنتدخل حتماً”.

وفي الوقت ذاته، أعلن خفر السواحل التايوانيون توقيف مواطن صيني كان يحاول دخول إحدى جزر تايوان “بطريقة غير نظامية” على متن قارب مطاط.

وقال خفر السواحل في بيان إنّه تمّ توقيف الرجل قبل وقت قليل من الساعة 7,00 (23,00 بتوقيت غرينتش) قبالة الجزيرة الرئيسية الواقعة في أرخبيل كينمن الغربي.

وتخضع هذه الجزر لإدارة تايبيه، رغم أنها تبعد كيلومترات فقط عن البر الرئيسي للصين.

ولم يبسط الحزب الشيوعي الصيني سيطرته على تايوان لكنّه يطالب بالأرخبيل كجزء أصيل من الصين ولا يستبعد اللجوء إلى القوّة إن لزم الأمر ذلك.

وفي السنوات الأخيرة، كثّفت بكين من عمليات نشر الطائرات القتالية والسفن الحربية حول تايوان دعماً لمطالبها التي ترفضها تايبيه.

ويقضي الهدف من المناورات الجيدة توجيه رسالة “تحذير حازم وردع شديد” إلى مؤيدي استقلال الجزيرة، وفق ما أفادت القوّات الصينية المسلّحة.

والهدف منها أيضاً التدرّب “على ضربات دقيقة متعدّدة الاتّجاهات” حول الجزيرة، على ما جاء في بيان القيادة العسكرية.

ويرى خبراء أن الصين قد تكون أكثر ميلاً إلى محاصرة تايوان بدلاً من اجتياحها الذي قد ينطوي على مخاطره كبيرة ويستدعي انتشاراً عسكرياً واسعاً.

ولفت الخبير العسكري سو تزو-يون المتعاون مع مركز الأبحاث “آي ان دي اس آر” الذي تموله حكومة تايوان إلى أن هذه المناورات تبدو شبيهة بحجمها بتمارين “جوينت-سوورد” التي أجريت في أيار/مايو وتشرين الأول/أكتوبر من العام 2024.

وبحسب لين يينغ-يو من جامعة تامكانغ في شمال تايوان، يظهر تنظيم هذه التمارين بعيد مغادرة وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث المنطقة أن الصين تمتحن الولايات المتحدة.

وقال في تصريحات لوكالة فرانس برس إن “الصين تريد امتحان الولايات المتحدة بواسطة مناورات عسكرية قبل قمّة بين ترامب وشي”.

نقطة توتّر

الشهر الماضي، وصف الرئيس التايواني المنتخب ديمقراطياً لاي تشينغ-تي الصين بأنها “قوّة خارجية عدائية” اتهمها بالتجسس وطرح تدابير جديدة لمواجهتها.

وتزامناً مع تنفيذ المناورات الثلاثاء، حذّرت بكين تايوان من أن “استقلالها هو بمثابة حرب”. كما إن التحريض على الاستقلال يعني إلقاء سكان تايوان في أتون “نزاع مسلّح خطر”، بحسب ما قالت في بيان جو فنغليان الناطقة باسم مكتب الشؤون التايوانية في بكين

كما أكّدت الصين الثلاثاء أن المبادرات المؤيّدة لاستقلال تايوان “مصيرها الفشل”. وقال غوو جياكون الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية في إحاطة إعلامية دورية إن “تعنّت سلطات (الجزيرة) في ما يخصّ الموقف من استقلال تايوان ومحاولاتها الباطلة فصل البلد من الخارج من خلال السعي إلى الاستقلال” سيكون “مصيرها الفشل”.

ونشرت قيادة الجيش الصيني في الشرق التي تشرف على العمليات في مضيق تايوان رسماً بيانياً الثلاثاء بعنوان “تضييق الخناق” ظهرت فيه سفن وطائرات حربية تحوّط الجزيرة مع إرفاقه بتحذير إلى “الانفصاليين التايوانيين” من أنهم “يخاطرون بأنفسهم”.

وأظهر شريط مصوّر نشره الجيش الصيني الرئيس التايواني على شكل حشرة تحترق في نار متأجّجة.

وتعتبر هذه المناورات الأوسع منذ شباط/فبراير عندما أعلنت تايبيه أن الصين أقامت تمارين بـ”الذخيرة الحيّة” مع طائرات وسفن حربية في منطقة على مسافة نحو 74 كيلومتراً من جنوب الجزيرة.

وردّ الجيش التايواني عليها بإرسال قوّاته “للمراقبة والإنذار والاستجابة كما ينبغي”.

وندّدت الصين من جانبها بما اعتبرته “تضخيماً” من قبل تايوان لما وصفته “تمريناً روتينياً”.

وتشكّل تايوان إحدى نقاط التوتّر الشديد بين الصين والولايات المتحدة، الداعم السياسي الأبرز لتايبيه وأكبر مزوّديها بالأسلحة.

وتأتي هذه التمارين بعد يومين من إعلان وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث من طوكيو إلى جانب نظيره الياباني أن “الولايات المتحدة عازمة على المحافظة على قوة ردع موثوقة” في مضيق تايوان.

ومنذ عقود، تلتزم الولايات المتحدة إمداد تايوان الأسلحة، رغم اعتراضات الصين، لكنها تبقي على سياسة “الغموض الاستراتيجي” بشأن ردّها المتوقّع إذا تعرّضت الجزيرة لهجوم صيني.

والأسبوع الماضي، شارك نائب وزير الدفاع التايواني في مراسم في الولايات المتحدة في مناسبة تشييد أوّل طائرة قتالية من طراز “اف-16في” تباع إلى تايوان. ومن المرتقب إنجاز كلّ الطائرات التي طلبتها تايوان العام المقبل، على أن تسلّم بحلول نهاية 2026.

وتعود التوتّرات بين الصين وتايوان إلى العام 1949 عندما تحصن الحزب القومي الصيني في تايبيه بعد هزيمته أمام الجيش الشيوعي.

المصدر: أ ف ب

قد يعجبك ايضا