غفور مخموري*
كانت انتفاضة ربيع عام 1991 حدثاً تأريخياً عظيماً في الحياة السياسية والإجتماعية لكوردستان، ونقلت كوردستان إلى مرحلة سياسية مهمة، بعد انتفاضة ربيع عام 1991 لشعب كوردستان، تبدأ مرحلة جديدة في الحياة السياسية لجنوب كوردستان تختلف عن الحياة السياسية السابقة، لأن الإنتفاضة أدت إلى تفكيك كامل لأجهزة ومؤسسات نظام البعث في كوردستان، ولأول مرة تم تحرير غالبية المدن والبلدات في كوردستان بما في ذلك كركوك ووقعت في أيدي شعب كوردستان، على الرغم من أن الإنتفاضة قمعت في البداية من قبل نظام البعث، وفي 31/3/1991 شن الجيش العراقي هجوماً شرساً على مدن وبلدات كوردستان بالطائرات والدبابات وأنواع مختلفة من الأسلحة الثقيلة، وبدأ نزوح مليوني جماعي لشعب كوردستان (الهجرة المليونية)، في هجرة جماعية بالملايين ترك شعب كوردستان رجالاً ونساءً وأطفالاً مدن وبلدات كوردستان وتوجهوا نحو الجبال والسهول، وبهذا وقعت أكبر كارثة إنسانية، لكن على الرغم من آلام ومعاناة النزوح (الهجرة)، فقد فتح باباً أكبر لشعب كوردستان.
في 3/4/1991، رفع عدد من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بمبادرة من فرنسا مذكرة إلى الأمين العام للأمم المتحدة UN، ذكروا فيها الهجرة المليونية لشعب كوردستان، الذين تعرض لهجرة مأساوية خطيرة نحو حدود (تركيا وإيران) خوفاً من هجمات الجيش العراقي، وكانوا يتوقعون وقوع كارثة إنسانية كبرى الخوف من هجمات الجيش العراقي جعلهم في هجرة خطيرة نحو حدود (تركيا وإيران)، وكانوا يتوقعون وقوع كارثة إنسانية كبرى وإبادتهم جميعاً، لذلك اجتمع مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة في يوم 5/4/1991 وفي جلسته رقم (9282)، واستنادًا إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وأصدر القرار 688، صدر هذا القرار لحماية شعب كوردستان من تهديدات النظام البعثي العراقي، وبموجب هذا القرار تم إنشاء منطقة حظر طيران (NO FLY ZONE) فوق الخط (36)، وجعل إصدار هذا القرار شعب كوردستان يعودون إلى ديارهم وممتلكاتهم بعد تعرضهم للكثير من الألم والمعاناة.
بعد عودة شعب كوردستان إلى ديارهم وممتلكاتهم في المدن والبلدات، بدأت قيادة الجبهة الكوردستانية ونظام البعث بعد ذلك باجراء المفاوضات والمحادثات، حتى ذلك الحين، كانت بعض الدوائر الحكومية العراقية في كوردستان قد بقيت، وفي تموز 1991 طالب جماهیر أربيل في مظاهرتين منفصلتين بإنهاء وجود البعث بشكل كامل في كوردستان، بعد فشل المحادثات بين الجبهة الكوردستانية ونظام صدام حسين، وبعد أن توصل نظام البعث إلى قناعة تامة بأنه لم يعد بإمكانه البقاء في كوردستان، بدأت الحكومة العراقية في 26/10/1991 بسحب جميع الدوائر والأجهزة الإدارية التابعة لها من مدن وبلدات كوردستان، مما أدى إلى خلق فراغ قانوني وإداري في كوردستان.
ولسد الفراغ القانوني والإداري والإدارة الذاتية؛ قررت القيادة السياسية للجبهة الكوردستانية إجراء انتخابات، وشكلت لجنة متخصصة من (15) قانونياً، وفي عدة اجتماعات عقدتها اللجنة خلال الفترة من 23/12/1991 حتى 28/1/1992، قدمت مشروع قانون باسم (القانون رقم “1” لسنة 1992 قانون انتخابات المجلس الوطني الكوردستاني – العراق) إلى القيادة السياسية للجبهة الكوردستانية، وفي يوم 28/4/1992 تم إقراره من قبل الجبهة الكوردستانية وتم اتخاذ قرار بشأنه، وقررت قيادة الجبهة الكوردستانية إجراء انتخابات.
وهكذا في 19/5/1992 توجه شعب كوردستان ولأول مرة بحرية إلى صناديق الاقتراع وانتخب أول برلمان كوردستاني، ثم في 4/7/1992 منح البرلمان الثقة لأول تشكيلة وزارية لحكومة كوردستان، من هنا أصبح شعب كوردستان يمتلك (برلماناً وحكومة) خاصة به، وواجه تجربة وحياة سياسية جديدة وهي إدارة البلاد والحكم، وهكذا تم تكليف ذلك البرلمان والحكومة بمهمة إعادة تنظيم الأجهزة والمؤسسات وصياغة القوانين ووضعها وامور الإدارة الذاتية، بدأت تلك المؤسسات العمل والنضال من أجل إدارة البلاد، لذلك يمكننا القول إن انتفاضة ربيع عام 1991 والهجرة المليونية على الرغم من آلام ومعاناة النزوح (الهجرة)، فقد فتح باباً أكبر لشعب كوردستان وكانت نقطة تحول في تأريخ كوردستان ووضعت شعب كوردستان في مرحلة جديدة بكل معانيها.
* السكرتير العام للإتحاد القومي الديمقراطي الكوردستاني YNDK