اعداد: عدنان رحمن
اصدار: 25- 3- 2025
عن دار العصامي للطباعة والتجليد- بغداد- المتنبي في العام 2020 صدرت الطبعة الاولى لكتاب بعنوان ( الكنوز- خبايا ورموز) للدكتور صباح ايليا القس وقد ورد في المقدمة ما أدناه:
– ” منذ عام ۲۰۱۲ وانا اعمل في جريدة التآخي بوصفي مصححاً لغوياً ولكن هاجس الكتابة ظل يلاحقني، لم اكتب شيئا في الاسابيع الأولى ريثما أتعرف على الجو العام اولا وعلى مجموعة العمل ثانياً، مضت الايام وبدأ التعارف بين مجاميع العمل الصحفي من محررين ومراسلين ومنضدين ومصممين وادارة وحسابات وكل الملاك العامل بمن فيهم مُشغّل المولدة واختصاصي الشاي. كان الدوام على وجبتين صباحاً حتى الثانية وظهراً ومساء حتى صدور الجريدة. يبدأ واجبي بعد الثانية ظهراً مع زميلين احيانا وزميل واحد في اغلب الاحيان ننظر في كل صفحات الجريدة بعد أن تكون قد مرّت على المحررين والمنضدين حتى المسحوبة منها من الانترنيت. يكون التركيز في العمل على الصفحة الاولى والصفحات السياسية إذ ان الجريدة تُمثل صوت الحزب الديمقراطي الكوردستاني وهذا لا يعفي من متابعة الصفحات الأخرى. يحرص كل المسؤولين ابتداء من رئيس التحرير وسكرتير التحرير والمحررين على متابعة الجريدة ويكون هناك عتاب لو ظهر خطأ لغوي… كان هناك ألف عين تراقب وترصد أي خطأ لغوي ويكون للادارة علم بالأمر. كان هناك دفتر يُحدد مسؤولية كل مُصحح إذ نكتب فيه اسم المقال وصاحب المقال والمصحح والتاريخ وعدد الاخطاء اللغوية. يُعد هذا الدفتر دليلاً على المصحح الذي فاته خطأ لغوي لم يشر اليه ولم يصححه، وقد يكون هناك تجاوز لخطأ في الصفحة الرياضية مثلاً ولكن لا بد من التنبيه اذا كان الخطأ فادحة وفاضحاً ولا سيما في العناوين الرئيسة والفرعية. للحقيقة أقول كنا نتعب كثيراً ونسهر احياناً حتى يصدر أمر الاذن بالطبع، ولكن كل شيء يهون سوى أخطاء العنوان الرئيس او الفرعي في الصفحة الأولى، ولذلك كنا نحقق كثيراً ونعيد النظر مرات متعددة، انا الوحيد بين الزملاء من كان يسمع صوتي في صياغة العنوان الرئيس ويؤخذ باقتراحي في اعادة الصياغة او استبدال بعض الكلمات او البحث عن عنوان اكثر اثارة ووقعا بعد مناقشة مع السيد سكرتير التحرير الاستاذ المهندس حسام صباح- كتب المقال قبل وفاة الزميل حسام صباح- الذي يرفع الامر احيانا الى رئيس التحرير السابق الدكتور بدرخان السندي ولاحقا الاستاذ المرحوم أحمد ناصر الفيلي. عملي في التصحيح لم يكن عائقا امام الانفتاح على الكتابة، عرضت الامر على الاخ المحرر جبار عطية وكتبت له اكثر من مقال فاقتنع الرجل بالافكار والموضوعات والاساليب التي اعتمدها وخصص لي حقلاً اسبوعيا في صفحته أطلق عليه ( بين بين). كتبت ضمن هذا العمود اكثر من مئة مقال ضمها كتابي الجديد ( مقالات ليست بريئة جداً). الدكتور بدرخان السندي علم من اعلام الصحافة الكوردية والعربية فضلاً على تخصصه الاكاديمي بوصفه استاذا جامعيا، كان دقيقاً وواضحاً في طروحاته ومقالاته…. ونظراً للاجهاد المترادف بين الجامعة والصحافة اصيب بامراض القلب وأخذ وقتا في العلاج داخل العراق وخارجه، وحينما اشتد عليه المرض رأى انه من الافضل له وللجريدة أن يستريح بعد رحلة طويلة في عالم الابداع الادبي والصحفي والشعري والاكاديمي و هكذا استقال من رئاسة التحرير وتوقفت الجريدة عن الصدور ريثما يتم تكليف شخصية اخرى لهذا المنصب، وكان أن توقفت مقالاتي عند هذا الحد. المرحلة الثانية من الكتابة جاءت بعد تسنم الاستاذ احمد ناصر الفيلي مسؤولية رئاسة تحرير التأخي. كانت بدايتي في مقال يُعد مفتتحا لعلاقة توضيحية مع السيد رئيس التحرير، وبعد أن استقبلنا في مكتبه. استمع الينا واستمعنا اليه. ويمكن قراءة مقالي الاول في هذا الكتاب ( التأخي… الموقف والمحبة( لتكتمل صورة اللقاء واشارة البدء لمرحلة جديدة من عمر التآخي الطويل بعون الله. دخل ضمن الملاك الجديد الاستاذ الاديب الروائي حسين شريف ليكون مسؤولاً عن الصفحة الثقافية ( بعد ان اعتذر الاستاذ حسب الله يحيى). يبدو انه اطلع على كتاباتي وسمع باسمي لذلك زارني في غرفة التصحيح للتعارف والتعاون….. أحببته واحبني منذ اللقاء الاول وعرض عليَّ الكتابة في الصفحة الادبية على أن نتفق على موضوع معين…. حسين شريف من المهتمين بالحداثة ومن المجددين في الرواية…. لذلك نجد صفحاته الادبية التي تصدر يوم الخميس بموضوعاتها المتعددة بين الشعر والنقد والقصة والدراسات تكاد تكون مقفلة على الحداثة، وهكذا كان حوارنا بأنه لا بد من الكتابة عن شيء من التراث وأيدّ الرجل الفكرة. وأعجبه التحليل الشعري لابيات من التراث مع التعريف بشاعرها. بقينا نتداول الحوار بخصوص العنوان حتى اتفقنا على أن تكون مقالاتي تحت عنوان ( كنوز)، وهكذا دارت العجلة والرجل لا يسألني عما أكتب واعطاني الحرية في اختياراتي وكتاباتي ولم يكن يرى مقالي الا منشوراً في الزاوية التي خصصها المصممون لي في اعلى الصفحة الأولى من ( الثقافية). نالت مقالاتي ( كنوز) اعجاب المتابعين ولا سيما عشاق الادب القديم هذا ما أخبرني به مسؤول الصفحة الاستاذ حسين شريف عند متابعته النشاطات الثقافية عبر الانترنيت واعداد المتابعين لكل صفحة ومقال. التعريف بالشعر القديم وشعرائه كان هدفي من هذه المقالات، فضلا على نوعية الاختيارات اذ كنت اختار ما هو متميز من الابيات ولم يكن يعنيني غرض معين فقد اشتملت مقالاتي على كل الاغراض المعروفة التي عالجها الشعر العربي الشيء المهم الذي كنت أبحث عنه هو نوعية الابداع، وليس من السهل العثور على الابداع ( على الاقل من وجهة نظري)، اذ ربما اقرأ قصيدة طويلة ولا أجد فيها ما يغريني لكي اكتب ولست مبالغا اذا قلت اني قلبت بعض الدواوين ولم أجد الا كلاما مكروراً وأساليب جافة وصوراً وتشبيهات استهلكها الشعراء. أظن ان الجميع يشاركونني الرأي في أن البحث عن بيت متفرد هو أمر ليس بالسهل ونحن امام هذا التراث الشعري الكبير ابتداء من العصر الجاهلي حتى يومنا الحالي، فأنا اتحرى عن الجمال الفني بجميع اشكاله في اي عصر كان، ولو أن اغلب مقالاتي عالجت شعر الاقدمين وشعراء هم لان مكتبتي تشتمل على عدد كبير من دواوينهم ولا سيما شعراء العصر الجاهلي بوصفي متخصصاً بشعر هذا العصر، فضلاً على المصنفات الادبية التي اشتغلت على هذا الجانب من النواحي التاريخية والنقدية والتوثيقية والاخبارية وغيرها. لا بدَّ لي من القول ان هذه المقالات هي كتابات صحفية اشتغلت عليها ليس بوصفي أكاديمياً ملتزما بالضوابط الدراسية المعتمدة، ولكني عملت بوصفي كاتبا صحفيا يهمني ايصال المعلومة الى اكبر عدد ممكن من القراء، لذلك نزلت من البرج الاكاديمي الى حيث يفهمني كل من يتصفح الجريدة، ولو اني ذكرت بعض المصادر التي اعتمدتها مخاطب المتخصصين أحيانا لكن طريقة العرض والاسلوب والمعاني وتلخيص الفكرة كانت بطريقة مبسطة خالية عن التعقيد يتلقفها المتلقي حتى لو كان متوسط الثقافة ومع ذلك فاني ابتعدت عن الالفاظ الغريبة والاساليب المعقدة، إذ اجتهدت في تقريب المعنى والمبنى الى ذهن القارئ ما وسعني ذلك. توقفت الجريدة عن الصدور الورقي بسبب عطل المطبعة اساساً، فضلاً على الظروف المالية الصعبة التي تعرض لها الاقليم، فصار النشر يقتصر على الاصدار الالكتروني، ولم يطل الامر كثيراً إذ تعرض السيد رئيس التحرير الاستاذ أحمد ناصر الفيلي الى سكتة قلبية أدّت الى وفاته فتعطلت الجريدة وتوقف الاصدار حتى اشعار آخر. ختاماً فهذا المطبوع بين أيدي الجميع يستطيع ان يفيد منه المثقفون ولا سيما في التعرف على هذا العدد الكبير من الشعراء والاطلاع على المتميز والبديع من اشعارهم، وكذلك يفيد منه طلاب اقسام اللغة العربية في الثراء المعرفي والتوسع في المعلومات ويفيد منه الطلبة عموما ضمن النشاط والاستزادة الثقافية وسعة الاطلاع، فضلاً على كل من يبحث عن متعة القراءة ولذة الكشف عن معلومات يجمعها هذا الكاب مختزلا طاقة البحث في المظان الادبية”.
وقد ورد في مقال له في صحيفة التآخي بعنوان ( الموقف والمحبة) في العدد ٦۸۹۸ الصادر في ٢٤ – ٥ – ۲۰۱٥:
– ” ليس القصد من هذه المقالة تسويغ انقطاع التأخي عـد الصدور، لأن ذلك يعود الى مرجعيات مالية او ادارية او أية مسألة اخرى، ولكن المهم ان تعود التآخي الى الصدور بهمة جديدة وربما رؤية جديدة. من حق كل رئيس تحرير جديد ان يبشر بآرائه التي يجتهد، إذ يطبقها على الواقع بالتعاون مع ملاك الجريدة في مفاصلها المتعددة ولا يكون هذا الا بالحوارات والاجتماعات وحسن الاستماع الى الرأي الآخر، وهكذا فعل رئيس التحرير الجديد. هناك من يرتضي ان يسير على نهج من سبقه محافظا على التقليد، وهناك من يسعى الى وضع بصمته على المطبوع مجاهدا نحو التجديد، وطبعا لن يتحصل على هذا الا بالاستعانة بالملاكات الميدانية الفاعلة، وهكذا جاء السيد رئيس التحرير يحمل افكارا وطروحات مستعدا للسماع والتغيير، فأجرى اجتماعات مع الملاكات العاملة مستمعا جيدا لكل الافكار الطيبة البناءة ومحاولا تجاوز المعوقات بل مُصر على تلافيها. ان سماع الاخرين لا يقلل من شأن احد بل ان الجميع يقدمون رؤاهم ايضا بوصفهم رجال الميدان ويمكن ان تفيد هيأة رئاسة التحرير من طروحات اصغر موظف اذا كان في جعبته ما يطور العمل الصحفي ويرتقي بالجريدة عتبة اخرى. وللحقيقة فقد كان السيد رئيس التحرير مستمعا جيدا يصغي بانتباه الى ما يقال ويكتب الملاحظات للتعرف على ما عند الآخر أولا ثم تجميع شتات الآراء ليختار منها ما يراه مناسبا في الوقت الحالي على امل ان يأخذ المتبقي لاحقاً بوصفها نصيحة تضاف الى التجربة الخاصة. في الايام السابقة تحركت ورش العمل وبدأ التحضير للاصدار قبل ان تدور مكائن الطباعة لتعلن الرقم الجديد الذي يكمل مشوار عمر الجريدة، بطلّة على القارىء كي يعود إليه التآخي بنكهة جديدة، وقد حرص السيد رئيس التحرير على ان تصل الجريدة الى محافظات العراق كافة، ويرى انه من الضروري ان يطلع ابناء الجنوب وابناء الفرات وابناء الوسط، فضلا على ابناء كوردستان على هذا المطبوع العراقي بتاريخه الطويل. إذ إن جريدة التآخي ليست حكراً على طيف معين، فالطيف العراقي على الاغلب ممثل في الجريدة، والكل يسعى لتقديم الافضل والاجود والاحسن والاحلى، ونظرة الى مفردات الجريدة يمكن ان تعطي تصورا عـند الكتاب غير الكورد- الذين يرفدون الجريدة بالنتاجات الابداعية، فضلا عن العاملين في اقسام الجريدة من منضدين ومحررين ومراسلين ومحققين ومصححين وعاملين آخرين يسندون الصحيفة لكي تخرج بأبهى صورة ولم يشعر احد انه يقف بالدرجة الثانية، ولم تكن الجريدة تميز الآخرين بحسب انتماءاتهم أياً كان نوعها، ولكن التمييز والتميز كان يجري بحسب الاجتهاد وطبيعة العطاء. حينما توقفت الجريدة ظن الكثيرون أنها بداية البحث عن فرصة اخرى في مكان آخر بعيدا عن هذه الحاضنة الجميلة، وفي الحقيقة أنها لمعاناة في البحث اولا، وهي في الوقت نفسه خسارة لمجموعة من العلاقات الطيبة التي رسخها العاملون عبر سنوات من الخدمة المشتركة، كان فيها الجميع يتعاملون بروح الفريق الواحد بحيث يفهم احدهم الآخر، واذا كانت هناك مشاكسات فهي من اجل ان تكون الجريدة على افضل ما يكون، لكن الجريدة بحرصها على موظفيها تواصلت معهم عن طريق دفع مرتباتهم الشهرية بحسب سيولة الوضع المادي المخصص للجريدة، وهذا هو الوفاء بعينه. عندما حان وقـت العمل وجدت الجريدة ابناءها وبناتها في الساحة يتسابقون لتحريك عجلة الاصدار، فلا بد ان يواجه الوفاء المادي والاخلاقي بما يوازيه ويفوقه ابداعا وحرصا وعطاء. يبقى ان اقول ان العمل الصحفي هو عمل يومي متواتر واحتمال ان يقع خطأ هنا وهفوة هنا يعد أمراً وارد، فلا تكاد تخلو صحيفة من الزلة ولكن طالما نحن نعمل على اساس المحبة والتعاون الأسَري فليكن تسامحنا وتأخينا وتجاوز العثرات عنوان المرحلة جديدة”.