اميرة العلم الكوردستاني أطول علم وأنقى تاريخ

نجاح هيفو

تلك الجغرافية  البعيدة.وطني حيث  تقع على أطراف العالم حدوده .تلك الأرض  تمثل منبعاً للقصص البطولية والروح القوية. هي بلاد قد لا يسمع بها الا أصحاب الحقوق  ولايتأثر احد كأبنائها باسمها المعطر   لكنها تظل تزخر بتاريخ عميق وثقافة غنية. هناك، حيث يلتقي الماضي بالحاضر، تنشأ نساء عظيمات من طين الأرض وصلابة الرياح، نساء يكتبن فصولاً جديدة من الكفاح والصمود. رغم قسوة الظروف وصعوبة الحياة، يظل حلمهن يضيء الطريق للأجيال القادمة، ويظل تأثيرهن ممتداً إلى ما وراء حدود المكان. فهن ليس فقط نبض الوطن، بل رموز للثبات والإصرار، تحمل كل واحدة منهن قصة من شجاعة لا تُقهر وعزيمة لا تعرف الاستسلام.

كيف لا وكل هذا العنفوان يخرج دفعة واحدة عبر كل ماهو سرمدي إلى ديار الغربة الحالكة.
انها (اميرة تمو) .سيدة الانامل الخضراء. أرادت صممت وحققت.

من هي اميرة تمو ؟
إنها سيدة صنعت من الألم قوة، ومن الظلم عزيمة لا تُقهر. تحدّت كل العذابات، من اعتقالٍ قاسي إلى سنواتٍ من المعاناة، لكنها لم تسمح لتلك المحن أن تكسر روحها. بل كانت دوماً في مقدمة الصفوف، مدافعة عن حقوق الناس، مُناضلة من أجل العدالة والحرية. لا تهاب التحديات، ولا ترضى بالظلم مهما كان شكله أو مصدره. في قلبها شعلة من الأمل لا تنطفئ، وفي يديها قلمٌ لا يعرف الخوف. هي رمز لكل امرأة تسعى لتحقيق العدالة، وكل من يرفض الاستسلام أمام القهر.ببساطة حفيدة وسليلة الكورديات في عهود الحلكة والظلم.

مجددا من هي أميرة تمو ؟

أنا السيدة أميرة تمو، من كوردستان روجافا، وُلدت عام 1976 في بلدة گركي لكي. أنا متزوجة ولدي خمسة أطفال. أعيش حاليًا في هولندا بعد رحلة طويلة من العمل والنضال السياسي، واجهت خلالها تحديات في الحياة العامة والمجتمع، خاصة فيما يتعلق بحقوق المرأة والمساواة الاجتماعية. ناضلت طوال حياتي من أجل تحقيق العدالة والمساواة بين الرجال والنساء.

بدأت دراستي في المدرسة الابتدائية في گركي لكي، ثم انتقلت إلى مدرسة جول جمال الثانوية في رميلان. تعرضت للفصل من المدرسة مع مجموعة من الطلاب الكورد بذريعة رفع علم كوردستان في المناسبات الكوردية مثل عيد النوروز ومناسبات كوردية  أخرى. وكما تمّ اتهامي بالتحريض  الطلاب وتشجيعهم على رفع العلم الكوردستاني ، وتشجيع الطلاب على ذلك اضافة إلى انني كنت أردد كلمات مهينة بحق القادة العرب ورموزهم ، وكحالة العنفوان عند الشباب كنت
اقوم مع رفاقي على مقاطعة دروس الفتوة وخاصة الحصص العسكرية.

بسبب هذه التهم، تم فصلي من المدرسة وتحويلي إلى قسم الأمن في رميلان، الذي كان يترأسه آنذاك “أبو رامي”. هناك، تعرضت للضرب والإهانة. رغم الظروف القاسية، حاولت مواصلة تعليمي، لكن جهاز الأمن السوري وضع “خطًا أحمر” على اسمي، مما حال دون قدرتي على إتمام دراستي. رغم ذلك، تمكنت من اجتياز امتحانات الثانوية العامة وحصلت على شهادة البكالوريا في الفرع الأدبي في عام 2011.

بعد ذلك، قررت تعلم مهنة الخياطة وافتتحت دورة تدريبية في بيتنا في كركي لكي. كنت أقول دائمًا إن السياسة والمال هما الأساس في حياتنا ككورد. إذا لم يكن لدينا المال، كيف سنتمكن من العمل؟

ثم قررت أن أفتح معمل خياطة في المنطقة. بدأت بمعمل صغير، لكنني واجهت صعوبة في الحصول على موافقة من الجهات الأمنية. تقدمت بطلبات عدة، لكنها رُفضت لأسباب متعددة، منها كوني كوردية وليس لي علاقة بالحزب البعثي، كما كنت على “القائمة الحمراء” بسبب موقعي كمندوبة عن صناديق الانتخابات البرلمانية السورية من قبل الأحزاب الكوردية.

كان من المستحيل الحصول على ترخيص لأي مشروع اقتصادي في المنطقة بسبب الظروف السياسية والأمنية التي مرّت بها المنطقة طوال سنوات حكم النظام البعثي وحكومة الأسد الدكتاتورية.

مشوارك في النضال من أجل الحرية والكرامة متى بدا؟

كنت دائمًا أؤمن بأهمية الديمقراطية وحقوق المرأة والمساواة والعدالة الاجتماعية. مع بداية أحداث 2011، وجدنا نحن وبعض النساء المناضلات من بلدة كركي لكي الفرصة لتحقيق حلمنا في تحقيق حقوق المرأة، التي كانت تعاني من تهميش في المجتمع السياسي والاجتماعي والاقتصادي.

قمنا بتشكيل اتحاد نسائي لنساء كوردستان-سوريا، وبدأنا بالتنسيق مع رفيقاتنا في عدة مدن كوردية مثل ديريك، تربسبى، قامشلو، عامودا، الحسكة وسري كاني.

هدف الاتحاد هو الدفاع عن حقوق المرأة وتعزيز مشاركتها في الحياة السياسية والاجتماعية. كنا، وما زلنا، نناضل تحت مظلة المجلس الوطني الكوردي في سوريا، ونستلهم من فكر ونهج البارزاني الخالد في مسيرتنا النضالية.

الإنجاز الكبير  مع العلم الكوردستاني في كوردستان سوريا حدثينا عنه؟

منذ طفولتي، كان علم كوردستان رمزًا لهويتي الكوردية وحلمي الشخصي. رغم الظروف الصعبة التي عشتها، أصبح علم كوردستان رمزًا للنضال القومي.

في عام 2015، شاركت في خياطة أطول علم كردي بطول 200 متر، ورفعناه بفخر في مدينتي، إلا أنه تم اعتقالي من قبل قوات حزب (PYD) بسبب رفع العلم. منذ ذلك الحين، أصبحت كركي لكي تُعرف بلقب “واري ألا كوردي”، (warê Alê) تأكيدًا لارتباطها الوثيق بالرموز القومية الكوردية.
منذ حينها كنت اعرف بسم أميرة صاحبة  العلم  الكوردي.  حتى حصلت على لقب “أميرة العلم الكوردي”، وأنا أشعر بالفخر والاعتزاز الكبيرين. هذا اللقب لم يكن مجرد تكريم شخصي لي، بل هو مسؤولية أتحملها بكل حب وإخلاص تجاه ما تمثله الثقافة الكوردية من تاريخ طويل، وتقاليد غنية، ورموز مناضلة. إنني أعتبر هذا اللقب شرفاً عظيماً يعكس قيمة العلم الكوردستاني ويمثل تكريماً للأدب والتراث الكوردي، اللذين لهما مكانة خاصة في قلبي

نشأت على نهج الكوردايتي واستلهمت من مسيرة البارزاني الخالد الذي كان وما زال رمزًا للنضال والحرية للشعب الكردي. تربيت على قيم الدفاع عن الهوية والحقوق القومية، وأواصل العمل اليوم للحفاظ على تراثنا الكردي وتعريف الأجيال الجديدة به، رغم الغربة.

مالغاية من أطول علم ؟
غايتي من  عمل اطول  علم في اوربا هي رسالة من ديار الغربة إلى ابناء شعبنا الكوردي  في المهجر و في كل مكان من العالم  أن هذا العلم يمثلنا ارادة شعب عظيم .

حديثنا عن التفاصل؟
في 14 ديسمبر 2024، قمت بخياطة أطول علم كردستاني في أوروبا بطول 60 مترًا، ورفعناه في مدينة آيندهوفن الهولندية. كما رفعناه في بلجيكا فوق مبنى ممثلية كوردستان في أوروبا. وفي عدة مدن أخرى كان هذا العمل رسالة معنوية بعمق معاني النضال القومي، ودعوة لكل كوردي في أوروبا بأن لا ينسى لغته، ثقافته، وعلمه. يجب أن يغرسوا في أطفالهم قيم الكرامة والانتماء للشعب الكوردي الذي كان له الحق في الاستقلال والحرية والكرامة.

رفع العلم الكوردستاني في أوربا كان بمثابة دعوة لوحدة الصف الكوردي 

رفع العلم الكوردي في أوروبا كان دعوة للوحدة والاعتزاز بالهوية الكوردية. الوحدة هي المفتاح لمواجهة التحديات التي تواجهنا كشعب.
وأوجه ندائي لجميع الكورد، خاصة في روج آفا، للعمل من أجل تحقيق وحدة سياسية حقيقية لمواجهة المرحلة المقبلة، خاصة بعد سقوط النظام الدكتاتوري في سوريا.

علينا أن نعمل معًا لبناء سوريا تعددية، ديمقراطية، شاملة لجميع السوريين، على أساس السلام، العدالة الاجتماعية، الديمقراطية، والمساواة بين المواطنين.

اليوم، نحن بحاجة أكثر من أي وقت مضى للعمل معًا للحفاظ على هويتنا وتراثنا. المستقبل بأيدينا، وإذا عملنا متحدين، سنحقق حلمنا في كوردستان حرة ومستقرة وسوريا ديمقراطية تحتضن جميع مكوناتها، على أساس الحرية والديمقراطية والمساواة.
تحلم بغد وبحلم كوردي  قادم.

أميرة هي  مصدر فخر واعتزاز ما قامتِ به ليس مجرد إنجاز، بل هو تجسيد حقيقي للوطنية والإيمان العميق بمستقبل بلادنا. صناعة أطول علم هي رسالة قوية للعالم، تحمل بين طياتها الحب والولاء للوطن. إن كل خيط في هذا العلم يمثل جزءاً من تاريخنا وأحلامنا، وكل شبر فيه يعكس عزيمتك وإصرارك ايتها الكوردية . أنتِ لستِ فقط من صنعتِ هذا الإنجاز، بل من أسستِ رمزاً للعزة والكرامة ومن الالم تولد الكورديات للحياة مرتين. بارك الله في جهودك، وجعلها دائماً ترفرف عالياً في سماء الوطن.

قد يعجبك ايضا