عصام الياسري
من جديد بدأ الحديث عن الانتخابات البرلمانية لمجلس النواب العراقي المقترح إجراؤها في أكتوبر 2025 على أشده وتضاربت الآراء والمواقف والتحديات بين جميع القوى والأحزاب حول طبيعة المشاركة فيها، خاصة بعد أن اتضحت الصورة حينما دعا السيد الصدر تياره الجديد (التيار الوطني الشيعي) بشكل غير مباشر للمشاركة في الانتخابات بقوة وتمسكه بسردية مكافحة الفساد. مؤكدا: إن الانتخابات تحتاج إلى كثرة الأصوات ومشاركة الشعب بالانتخابات واختيار الشخص المناسب، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن انتخاب الشخص غير الصالح قد يؤدي إلى مزيد من الفقر والفساد.
وإذ كانت الأحزاب السياسية الشعبوية الماسكة بالسلطة تتهيأ على نحو غير مسبوق وعلى كافة الصعد المؤسساتية والمادية (المال والسلاح والإعلام) التي تمتلكها لمواجهة خصومها «المعارضة» التي تنشد التغيير السياسي والانتقال إلى دولة المواطنة من خارج المؤسسة التشريعية التي تسيطر عليها منذ عقدين وفق مبدأ التوافقية السياسية ثلاث كتل طائفية (شيعة، سنة، كرد) خلافا للدستور. ماذا ينبغي على الأغلبية الصامتة، في ظل الظروف المعقدة التي تواجه العراق على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي، اختياره؟. هل تبقى من على التل تتفرج، كيف مصير العراق وشعبه يتهاوى والجميع يكون خاسرا؟ أم تسمو بموقف مسؤول أمام التاريخ لإنقاذ وطن ومستقبل الأجيال القادمة؟.
ركائز اساسية
إذن، ما هي أهمية الانتخابات البرلمانية وضرورة المشاركة الشعبية الواسعة فيها؟
تعد الانتخابات البرلمانية إحدى الركائز الأساسية للديمقراطية الحديثة، حيث تمثل وسيلة مباشرة لمشاركة المواطنين في صناعة القرار السياسي وتوجيه سياسات الدولة. من خلال الانتخابات، يستطيع الشعب اختيار ممثليه الذين سيعبرون عن مصالحه داخل المؤسسة التشريعية وتحييد القوى الشعبوية التي لا يهمها أية مصالح وطنية سوى مصالحها الفئوية على حساب الدولة والمواطن، مما يجعلها، اي ممثليه الحقيقيين، أداة أساسية لتحقيق الحكم الرشيد والمساءلة السياسية.أهمية الانتخابات البرلمانية، تعني تعزيز الشرعية السياسية وضمان شرعية الحكومات أمام الشعب، حيث تعكس نتائجها أن تحققت وفق مبادئ الدستور والقانون إرادة الناخبين، مما يمنح النظام السياسي مصداقية ويقوي مؤسسات الدولة. وإلى جانب تحقيق التمثيل السياسي العادل بعيدا عن احتكار السلطة تمكن الانتخابات البرلمانية مختلف شرائح المجتمع من اختيار من يمثلهم بناء على توجهاتهم وأولوياتهم، مما يسهم في تشكيل برلمان يعبر عن التنوع المجتمعي والدفاع عن مصالح مواطنيه، كما يحد من التجاوزات ويضمن المساءلة ومراقبة الحكومة ومحاسبتها وتعزيز الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية وتنفيذ السياسات العامة وفقا للمصلحة الوطنية…
السؤال المنطقي، هل المشاركة الشعبية ضرورة؟
على الرغم من أهمية الانتخابات، فإنها تفقد جزءا لا يستهان به من قيمتها إذا كانت نسبة المشاركة الشعبية منخفضة، لأن الامتناع عن التصويت يضعف التمثيل الحقيقي للإرادة العامة. ومن هنا تبرز ضرورة المشاركة الفاعلة للأسباب التالية:
حماية الديمقراطية من التلاعب: المشاركة الواسعة تمنع سيطرة فئات معينة أو جماعات ضغط على القرار السياسي، مما يضمن تحقيق نتائج أكثر عدالة وتعبيرا عن إرادة الجميع. إحداث التغيير وتحقيق الإصلاحات: يعتبر التصويت وسيلة فعالة للتغيير، حيث يمكن من خلاله دعم المرشحين الذين يحملون رؤى إصلاحية تلبي تطلعات المواطنين.
نسبة مشاركة
تقليل فرص الفساد السياسي: كلما زادت نسبة المشاركة، قلت فرص تزوير الانتخابات أو تأثير المال السياسي، مما يعزز نزاهة العملية الانتخابية.تحمل المسؤولية الوطنية: المشاركة في الانتخابات ليست مجرد حق، بل هي مسؤولية وطنية، حيث يعكس الامتناع عن التصويت سلبية سياسية قد تؤدي إلى استمرار أنظمة غير كفؤة.
الخاتمة: تشكل الانتخابات البرلمانية ركيزة أساسية للديمقراطية والحكم الرشيد، ولا يمكن تحقيق أهدافها إلا من خلال مشاركة شعبية واسعة تعكس الإرادة العامة. لذلك، يجب على جميع المواطنين الوعي بأهمية أصواتهم في رسم مستقبل بلادهم والمساهمة في بناء مؤسسات قوية تضمن حقوقهم وحرياتهم…