خمس دقائق من الصمت تكريما لأرواح شهداء حلبجة

شَمال أكرَيي

في السادس عشر من آذار/ مارس عام 1988، ارتُكبت واحدة من أبشع الجرائم في التاريخ الحديث، عندما قصفت مدينة حلبجة بالأسلحة الكيميائية المحرمة دوليا. خلال دقائق معدودة، أزهقت أرواح 5000 مدني، وأُصيب أكثر من 10,000 آخرين، ما زالت جراح الكثير منهم غير ملتئمة حتى اليوم. بالإضافة إلى تدمير وإبادة المحاصيل والمنتجات الزراعية في المنطقة، مما تسبب بخسائر اقتصادية فادحة. ولو سأل أي إنسان ذو ضمير: “ما كان ذنب هؤلاء الناس؟”، فستكون الإجابة أن ذنبهم الوحيد وذنب جميع شهداء وضحايا حركة تحرير كوردستان، هو أنهم كانوا كوردا وكان مطلبهم العيش بكرامة وحرية على أرضهم.
نحن اليوم، وكما في كل عام، نستذكر هذه الذكرى المؤلمة بالوقوف خمس دقائق صمتا، تعبيرا عن حزننا وألمنا تجاه ضحايا حلبجة. عندما يحيي الشعب الكوردي هذه الذكرى كل عام، يجب أن يُوضَّح أن هذا اليوم ليس يوما للفرح حتى يصبح استراحة، لأن الاستراحة تكون للأفراح والأعياد وليس لاستذكار الأيام السوداء والكوارث. هذا اليوم حدث استثنائي ينبغي أن يبقى دائما في ذاكرتنا، وأن نستمر في تذكيره لأجيال اليوم والغد، ليظل هؤلاء الضحايا الذين فقدوا أرواحهم أحياء في ذاكرتنا وعقولنا. كما أن هذه الذكرى تبيّن وحشية وقسوة نظام البعث البائد الذي استهدف جميع شرائح الشعب الكوردي دون تمييز وسعى لإبادتهم. إن استذكار هذا الهجوم الهمجي والمؤلم هو أيضا نداء للعالم أجمع لمحاكمة مجرمي هذه الكارثة وتعويض أهالي الضحايا.

ونظرا لأهمية استذكار كارثة قصف حلبجة بالأسلحة الكيميائية وأهمية الوقوف دقائق صمت في الوقت الذي حدث فيه هجوم وحوش البعث على هذه المدينة الكوردستانية، علينا إجراء مقارنة بين مراسيم الوقوف خمس دقائق صمتا على أرواح ضحايا حلبجة الشهداء، وبعض المراسم الأخرى التي تقام على المستوى العالمي، لنعرف مدى اهتمام تلك الشعوب بأيام استذكار مصائبهم ومآسيهم.
 • في الصين، يقفون كل عام ثلاث دقائق صمتا حزنا على وفاة (ماو تسي تونغ) مؤسس الصين المعاصرة الذي توفي في عام 1976،  حيث تبدأ مراسيم الوقوف صمتا في الساعة 12:00 ظهرا يوم 9 أيلول/ سبتمبر، وفي يوم وضع جثمان قاعة التحنيط في 18 أيلول/سبتمبر. 
 • في بعض الدول (بريطانيا، كندا، أستراليا وفرنسا)، يقفون كل عام في يوم 11 تشرين الثاني/ نوفمبر، أي يوم إنتهاء الحرب العالمية الأولى، لعدة دقائق صمتا لإستذكار و إحياء ضحايا تلك الحرب المدمرة. 
 • في 27 شباط/ فبراير من كل عام، تُحيى ذكرى الهولوكوست في إسرائيل بوقفة صمت.
 • في اليابان، يقفون كل عام في الساعة 8:15 من يوم 6 آب/ أغسطس إحياء لذكرى إلقاء القنبلة الذرية على مدينة هيروشيما.
 • في أمريكا، وبعد الهجوم الإرهابي في 11 أيلول/ سبتمبر 2001 على برجي التجارة العالمية في نيويورك، يقفون كل عام في الساعة 8:46 صمتا إحياء للذكرى.
 • تُحيى ذكرى تسونامي المحيط الهندي عام 2004، كل عام في العديد من دول جنوب آسيا (إندونيسيا، تايلاند، الهند، سريلانكا) بالوقوف صمتا تكريما لضحايا هذه الكارثة الطبيعية. كذلك تُحيى ذكرى تسونامي اليابان عام 2011 بنفس الطريقة.
 • العديد من الأحداث المؤلمة الأخرى مثل كوارث (ملعب هيلزبره – بريطانيا في 15 نيسان / أبريل عام 1989، هجمات باريس في 13 تشرين الثاني / نوفمبرعام 2015، الهجمات على مدريد عاصمة إسبانيا في 11 آذار / مارس عام 2004، هجمات أوسلو في النرويج في 22 تموز/ يوليو عام 2011، انفجار منجم سوما في تركيا  في 15 أيار / مايس عام 2014، انفجار مرفأ بيروت في 4 آذار / مارس عام 2020… إلخ)، تُحيى ذكراها على المستوى العالمي بوقفات صمت.
لذا كم هو واجب علينا أن نحرك شعورنا القومي والإنساني ونستذكر ضحايا حلبجة بخمس دقائق من الوقوف صمتا.

قد يعجبك ايضا