أربيل – التآخي
يتوجه وفد إسرائيلي الى الدوحة اليوم لخوض جولة مباحثات جديدة بشأن مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، غداة إعلان الدولة العبرية قطع إمدادات الكهرباء عن القطاع المدمّر، سعيا لزيادة الضغط على حركة حماس.
وأبرم الاتفاق بوساطة الولايات المتحدة ومصر وقطر، وبدأ تنفيذه في 19 كانون الثاني/يناير، بعد 15 شهرا على اندلاع الحرب عقب الهجوم غير المسبوق الذي شنته حماس على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وامتدت المرحلة الأولى من الاتفاق ستة أسابيع. ومع انقضائها مطلع آذار/مارس، أعلنت إسرائيل رغبتها في تمديدها حتى منتصف نيسان/أبريل بناء على مقترح أميركي. في المقابل، تطالب حماس ببدء مفاوضات المرحلة الثانية التي يفترض أن تضع حدا نهائيا للحرب.
وتواصل دول الوساطة بذل جهود لحلّ التباينات بين الطرفين. وبعدما قامت إسرائيل في مطلع الشهر بتعليق دخول المساعدات الى القطاع المحاصر، أعلنت الأحد وقف إمداده بالتيار الكهربائي.
وقال وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين الأحد “وقعت للتو أمرا بوقف إمداد قطاع غزة بالكهرباء فورا”.
وأضاف “سنستخدم كل الادوات المتاحة لنا لاستعادة الرهائن وضمان عدم وجود حماس في غزة في اليوم التالي” للحرب.
وأعادت الخطوة التذكير بالأيام الأولى للحرب حين أعلنت إسرائيل تشديد الحصار الذي كانت تفرضه على القطاع منذ سيطرة حماس عليه عام 2007. وقامت الدولة العبرية حينها بقطع الكهرباء عن القطاع، ولم تعاود إمداده بها سوى في منتصف آذار/مارس 2024.
ويغذي الخط الكهربائي الوحيد بين إسرائيل وغزة محطة تحلية المياه الرئيسية في القطاع التي تخدم أكثر من 600 الف شخص. ويعول سكان غزة خصوصا على الألواح الشمسية والمولدات لتوليد الكهرباء، وخصوصا أن الوقود ينقل الى القطاع بكميات ضئيلة.
ونددت حماس بالقرار.
وقال عضو المكتب السياسي للحركة عزت الرشق في بيان “ندين بشدة قرار الاحتلال قطع الكهرباء عن غزة بعد أن حرمها من الغذاء والدواء والماء”، معتبرا أنه “محاولة يائسة للضغط على شعبنا ومقاومته عبر سياسة الابتزاز الرخيص والمرفوض”.
– “إلزام الاحتلال” بالاتفاق –
وكان مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أعلن في نهاية الأسبوع المنصرم أن إسرائيل سترسل وفدا الى الدوحة الإثنين “بدعوة من الوسطاء المدعومين من الولايات المتحدة” لمحاولة تجاوز الخلافات حول المرحلة التالية من الاتفاق.
وتشترط إسرائيل “نزع السلاح بشكل كامل” من القطاع وخروج حماس من غزة وعودة ما بقي من رهائن قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية.
من جهتها، تشدد الحركة على ضرورة بدء مباحثات المرحلة الثانية، وأكدت استعدادها أن تفرج خلالها عن كل الرهائن. كما تطالب حماس بأن تتضمن هذه المرحلة، انسحابا إسرائيليا كاملا من القطاع ووقف نهائيا لإطلاق النار وإعادة فتح المعابر وفكّ الحصار.
وقال المتحدث باسم حماس حازم قاسم لفرانس برس الأحد “نطالب الوسطاء في مصر وقطر والضامنين في الادارة الاميركية بإلزام الاحتلال تنفيذ الاتفاق والسماح بإدخال المساعدات الإغاثية والإنسانية وبدء المرحلة الثانية وفقا للمحددات المتفق عليها”.
وبعدما عقد اجتماعات في القاهرة أبرزها مع رئيس المخابرات المصرية حسن رشاد، توجه وفد من حماس الأحد إلى الدوحة لإجراء مباحثات غير مباشرة، على ما أفاد قيادي في الحركة فرانس برس.
وأتاحت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار عودة 33 رهينة الى إسرائيل بينهم ثمانية قتلى، فيما أفرجت إسرائيل عن نحو 1800 معتقل فلسطيني كانوا في سجونها.
وخطف خلال هجوم حماس 251 شخصا، من بينهم 58 لا يزالون في غزة، وتقول إسرائيل إن 34 من بين هؤلاء قتلوا.
وأعرب المبعوث الأميركي الخاص بشأن الرهائن آدم بولر عن ثقته بإمكان التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراحهم “في غضون أسابيع”، واصفا المحادثات المباشرة غير المسبوقة التي أجراها مؤخرا مع حماس بأنها “مفيدة جدا”.
وقال في مقابلة أجرتها معه شبكة سي إن إن “أعتقد أنه يمكن التوصل إلى شيء ما في غضون أسابيع (…) باعتقادي هناك اتفاق يمكنهم عبره إطلاق سراح جميع الرهائن، وليس الأميركيين فقط”.
وفي مقابلة مع القناة 12 الإسرائيلية بثت الأحد، شدد المبعوث على أن واشنطن ستدعم أي قرار تتخذه إسرائيل، بما في ذلك استئناف الحرب في القطاع.
– خوف من أن “تعود المجاعة” –
وعلى رغم أن الهدنة أتاحت وقف الأعمال العدائية، يتبادل الطرفان بشكل دوري الاتهام بخرقها.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الأحد أنه شنّ غارة جوية على “إرهابيين” كانوا “يحاولون زرع عبوة ناسفة قرب قواته في شمال قطاع غزة، ما أدى إلى مقتل عدد منهم.
وكان الجيش الذي يسيطر على نقاط العبور إلى غزة، منع دخول المساعدات الإنسانية الحيوية، في ما اعتبرته أطراف عدة انتهاكا للهدنة واستخداما لـ”التجويع” كسلاح في الحرب.
ويضيف وقف المساعدات المزيد من الصعوبات على يوميات سكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة، والذين يواجهون أزمة انسانية كارثية.
وتجمع عشرات من سكان القطاع عند نقطة لتوزيع الدقيق في مخيم جباليا الأحد.
وقال أبو محمود سلمان (56 عاما) “مع إغلاق المعابر، ثمة خوف من أن تعود المجاعة الى شعب غزة، والوضع صعب جدا”. وتابع “لا يوجد شيء… نعيش على البقوليات، العدس والبازلاء والفاصوليا والمعكرونة. لا لحم ولا سمك ولا دجاج، وكله أسعار غالية نار”.
وأسفر هجوم حماس عن مقتل 1218 شخصا على الجانب الإسرائيلي، معظمهم مدنيون، وفق حصيلة لفرانس برس تستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية، تشمل الرهائن الذين قُتلوا في الأسر.
وأدّت الحرب في غزة إلى مقتل 48458 شخصا على الأقل، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقا لبيانات وزارة الصحة التي تديرها حماس والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.