طفولة في العاصفة

 

حيدر فليح الشمري

 

في قلب العائلة،  حيث يفترض أن تنمو الطفولة كزهرة في حديقة الدفء والأمان ، قد تهب عواصف الخلافات بين الأبوين ، فتقتلع جذور الطمأنينة من قلب الطفل ، تاركةً وراءها خوفًا دفينًا وقلقًا لا يهدأ ، الطفل كمرآة صافية ، تعكس كل صراخ وكل نظرة غضب ، فتتشكل نفسيته بين زوايا التوتر والقلق ، ويغدو ضحية لصراع لم يكن يومًا طرفًا فيه .

تُشير الدراسات النفسية إلى أن الطفل الذي ينشأ في بيئة مليئة بالخلافات المستمرة يكون أكثر عرضة للاضطرابات العاطفية ، كالتوتر والاكتئاب ، فضلًا عن مشكلات في السلوك والثقة بالنفس ، بل وقد يتحول إلى شخص يبحث عن الأمان في العزلة ، أو ينشأ بعقلية عدوانية ، يرى أن الصراع هو الوسيلة الوحيدة لحل المشكلات ،الدكتور : “علي كاظم الساعدي” ، وهو اختصاصي في علم النفس الاجتماعي ، يؤكد أن “الطفل الذي يشهد نزاعات والديه دون أن يمتلك أدوات لفهمها ، يعيش بين نارين ، “الشعور بالعجز أمام ما يحدث ، والخوف من فقدان الاستقرار العاطفي الذي يحتاجه للنمو السليم”  . كيف يمكن للعائلة أن تحافظ على استقرار الطفل وسط هذه الخلافات .!؟

الحل يكمن في إدارة النزاع بعيدًا عن أنظاره ، وعدم استخدامه كوسيلة ضغط أو شاهد على الصراع ، كما أن الحوار الهادئ بين الأبوين ، حتى في لحظات الخلاف ، يمنح الطفل رسالةً غير مباشرة بأن الحب والاحترام يمكن أن يظلا قائمين رغم الاختلافات ، ولا بد من تخصيص وقت يومي يمنح الطفل إحساسًا بالاهتمام والأمان ، بعيدًا عن صخب الخلافات

فالأبوان مهما تباينت آراؤهما ، يظلان السقف الذي يحمي هذه الروح الصغيرة من أن تُسحق تحت أنقاض النزاع ، فإن كان لا بد للعاصفة أن تهب ، فلتكن بعيدًا عن تلك الأعين البريئة ، التي لا تحتمل رؤية عالمها ينهار أمامها .

قد يعجبك ايضا