التأخي – ساجد الحلفي
شنت وكالة الأنباء الجزائرية هجوما لاذعا على الإعلام الفرنسي واتهمته بالتضليل والكذب في حلقة جديدة من مسلسل المناوشات بين الطرفين، بعد عرض القناة الثانية تقريرا صحفيا يكشف أساليب المخابرات الجزائرية في ملاحقة ناشطي مواقع التواصل على الأراضي الفرنسية. وأفردت الوكالة الجزائرية مساحة واسعة للهجوم على التقرير الفرنسي تحت عنوان “عندما تغرق فرانس تلفزيون في مستنقع التضليل الإعلامي” واستكملت المنابر الجزائرية الأخرى الهجوم بإعادة تدوير كلام الوكالة .
وزعمت الوكالة الجزائرية أنها مارست النأي بالنفس خلال الحملات الإعلامية ضد بلادها رغم سيل الهجمات التي وثقتها التقارير الصحفية ضد الإعلام الفرنسي، وجاء في دفاعها أن “ما بثته فرانس تلفزيون يعد فضيحة. لقد دأبت وسائل الإعلام الفرنسية العمومية حتى الآن على النأي بنفسها عن الانخراط في حملات إعلامية دنيئة ضد الجزائر، على عكس وسائل الإعلام التي يسيرها فانسان بولوري، المعروف بكونه بوقا لتيارات اليمين الفرنسي الأكثر تطرفا ” .
وأضافت “بانحطاطها إلى هذا المستوى من التقارير المنافية لأخلاقيات ومهنية الصحافة التي تدعيها، توقع فرانس تلفزيون مؤامرة دنيئة بكل ما تحمله الكلمة من معنى. بعيدة كل البعد عن معايير الدقة التي يحق لنا أن ننتظرها من وسيلة إعلام عمومية ” .
وتستخدم الجزائر وسائل إعلامها الرسمية، مثل وكالة الأنباء الجزائرية والصحف الكبرى كالشروق والنهار، للرد على التقارير الفرنسية، حيث يتم تفنيد الادعاءات أو اتهام الإعلام الفرنسي بالتضليل. وبدت ردة فعل الإعلام الجزائرية حادة ولاذعة بسبب ما كشفه التقرير الفرنسي الذي تم بثه من معلومات خطيرة .
وتناول فيلم وثائقي بعنوان “ليل العشرين ساعة”، كيف تقوم المخابرات الجزائرية بالتواصل بمعارضي النظام الجزائري في فرنسا واستمالتهم لمشاركة معلومات عن النشطاء الذين يلتقون بهم وعن تحركاتهم، مقابل العودة إلى الجزائر والتخلي عن الإجراءات ضدهم. وذكر الفيلم أن المناورات على الأراضي الفرنسية للضغط على معارضي النظام، تتجاوز بكثير الحملات على الشبكات الاجتماعية .
وكشفت مذكرة سرية، أكدت فيها الاستخبارات الإقليمية الفرنسية “وجود إستراتيجية تأثير طورتها الجزائر بين مواطنيها في الخارج، والتي تعتمد على شبكات التواصل الاجتماعي.” لكن في الظل يظهر التحقيق الذي أجراه برنامج “ليل العشرين ساعة” أن السلطات الجزائرية تقوم بمناورات مباشرة أيضا على الأراضي الفرنسية، لتحييد واستعادة خصومها .
ومن بين المستهدفين رسام الكاريكاتير المعارض غيلاس عينوش اللاجئ في فرنسا ويبلغ من العمر 36 عامًا. حيث حكم عليه القضاء الجزائري غيابيًا بالسجن لمدة عشر سنوات بتهمة ” الاعتداء على شخص رئيس الجمهورية الجزائرية.” ولكن حتى في فرنسا، تعرضت رسوماته لتهديدات واضحة من أنصار النظام، وأوضح عينوش “إنها نفس المصطلحات دائمًا. نحن حركيون، وخونة، ومتعاونون، ونتلقى أجرًا من فرنسا. يقولون إننا نتقاضى أجرًا مقابل إهانة الجزائر والشعب الجزائري . ” .
وأضاف أنهم “النظام وأنصاره،” مشيرا إلى أنه يتلقى اتصالات منتظمة من السلطات الجزائرية التي تعرض عليه صفقة: إلغاء حكم السجن مقابل الانضمام إلى النظام. وتابع “لقد حاولوا بالفعل الاتصال بي للتخلص من عقوبة السجن لمدة عشر سنوات. لكنني لم أرغب في الذهاب إلى هذا الاجتماع. لقد رفضت،” مؤكدا “لا أعتقد أن هناك معارضًا لم يحاول النظام الاتصال به.” وأصبح الإعلام الرقمي أداة قوية في الهجمات الإعلامية، حيث تنشط حسابات مؤثرة في الجزائر في الترويج لخطاب مضاد لما تنشره وسائل الإعلام الفرنسية، مع دعوات لمقاطعة القنوات والصحف الفرنسية .
واعتبرت وكالة الأنباء الجزائري أن هذه الحملات الإعلامية تحاول إخفاء الإحباط الاقتصادي الذي لا يريد أحد الاعتراف به في هذا البلد. ومنذ أن قررت الجزائر تنويع شركائها الاقتصاديين والدفاع عن مصالحها الحيوية في عالم يشهد تحولات متواصلة، فقدت فرنسا مكانتها المتميزة.