العلم والتكنولوجيا: عدالة المعرفة وتمكين البشرية

د. ابراهيم احمد سمو

في الماضي، كانت العلوم والتكنولوجيا حكرًا على قلة من الناس، وكان الاقتصاد محصورًا في أيدي طبقة محددة تتحكم في مصائر الشعوب. كانت هذه الفئة تمتلك المال والإمكانات، مما مكنها من فرض سيطرتها وإدارة العالم وفقًا لمصالحها. أما اليوم، فقد تغيرت المعادلة جذريًا، حيث أصبحت المعرفة والتكنولوجيا متاحة للجميع، دون تمييز أو احتكار.

لم يعد امتلاك الثروة هو العامل الوحيد للنفوذ، بل صار العلم هو القوة الحقيقية، وهو متوفر بسهولة عبر الإنترنت، دون كلفة تذكر، وبلا قيود تمنع أحدًا من الاستفادة منه. لم يعد الوصول إلى المعرفة امتيازًا، بل أصبح حقًا مشاعًا، حيث تقدم التقنيات الحديثة فرصًا متساوية للمتعلمين، وتساعدهم على تحسين حياتهم وتطوير مجتمعاتهم.

في السابق، كانت المجاعات تفتك بالبشر، وكان الجفاف أو الأوبئة تؤدي إلى ارتفاع الأسعار وانتشار الفقر المدقع. أما اليوم، فقد أصبحت المساعدات تصل إلى كل زاوية من العالم، بفضل تقدم وسائل الاتصال وسرعة التنسيق بين المنظمات الإنسانية والدول. التكنولوجيا لم تسهم فقط في تحسين جودة الحياة، بل جعلت من العالم قرية صغيرة يمكن فيها تقديم الدعم والإغاثة بسرعة وكفاءة.

والأهم من ذلك، أن الأدوات الحديثة لم تَعُد تراقب أو تستغل مستخدميها لابتزازهم، بل باتت وسيلة تساعدهم على التعلم والإبداع دون قيود. فاليوم، يمكن لأي شخص أن يكتب، ويصحح، ويعيد الصياغة، بل ويحول أفكاره إلى مقالات رصينة دون الحاجة إلى دعم من جهات محتكرة. لم يعد هناك بخلٌ في المعرفة ولا منّة من أحد، بل أصبحت العلوم تُطرح بسخاء، يستفيد منها من يسعى وراء النجاح، ومن يريد أن ينفع نفسه وغيره.

نحن اليوم أمام طفرة غير مسبوقة في مجالات التكنولوجيا والمعرفة، حيث أصبحت الفرص متاحة لمن أراد أن يلتحق بركب التطور. لم يعد أحد مضطرًا للانتظار أو للبحث عن مصادر محدودة، فكل شيء متاح بضغطة زر. وفي نهاية المطاف، يبقى الإنسان هو المستفيد الأكبر، شرط أن يسعى للعلم والمعرفة التي تنفعه وتنفع البشرية جمعاء.

قد يعجبك ايضا