كاد المعلم ان يكون رسولا .. تساؤلات

حيدر فليح

في أزقة الذكريات ، وبين رائحة الحبر وأوراق الكتب ، يتردد صدى تلك الأصوات التي طالما لامست أرواحنا قبل عقولنا ، أصوات المعلمين الذين صاغوا لنا الطرق ، وجعلوا من الضباب نورًا ، ومن الغموض يقينًا ، ليس هناك يوم يمر إلا ونشعر فيه بأثرهم الخالد ، ولكن خصص العالم لهم يومًا واحدًا يحمل من العرفان والامتنان ما يكفي لتمجيد ما صنعوه لنا عبر السنوات ..
عيد المعلم ليس مجرد مناسبة عابرة تضاف إلى تقويم الأيام ، بل هو يوم نسترجع فيه أثر المعلم على كل فرد مر به ، هو يوم يليق بالقلوب التي غرست فينا حب المعرفة والصبر على تعب الحياة ، يوم للذين علمونا كيف نمسك بالقلم لنكتب أول أحرفنا ، وكيف ننطق الكلمات لتصبح نافذة نطل منها على العالم ..
المعلم هو ذلك الفنان الذي يرسم على قماش عقولنا البيضاء خطوط المستقبل ، هو الكاتب الذي يخط على صحائف الزمن سطور التفوق والنجاح ، نراه واقفًا أمامنا وكأنما يحمل بين يديه أسرار الكون ، يرشدنا ويوجهنا ويمنحنا القوة لنمضي قدمًا في مسيرة الحياة ، هو أشبه بالشمعة التي تذوب لتضيء لنا الطريق ، دون أن تطالب بشيء سوى أن ترى نورًا ينعكس على وجوه طلابه ..
في يوم المعلم ، نرفع الأيدي بالدعاء لكل معلم حمل هموم طلابه على كتفيه ، لكل من أعطى من قلبه ، لكل من سهر الليالي بحثًا عن أفضل الطرق ليصل بالعلم إلى عقولنا ، إن هذا العيد هو فرصة للتفكر في قيمته ، في هذا الدور الذي قد يبدو بسيطًا ، ولكنه يحمل في طياته أعظم الرسائل الإنسانية ، فالمعلم ليس فقط ناقلًا للمعرفة ، بل هو مهندس للأرواح ، موجه للأفكار ، وصانع للأجيال ..
تاريخ البشرية قد شهد العديد من التحولات والثورات العلمية ، وكل هذه الإنجازات كان يقف خلفها معلم سعى ليضيء شعلة الفكر في قلب طالبٍ واحد ، هذه العلاقة بين المعلم والطالب تلك الرابطة التي تتجاوز حدود الكتب والمنهاج ، هي ما يجعل التعليم فعلًا مقدسًا هو تكامل بين العطاء والاستقبال ، بين الإرشاد والاكتشاف ، بين الحلم والواقع ..
ولا يسعنا في هذا اليوم إلا أن نتساءل كيف سيكون العالم بدون المعلمين .!؟
تخيلوا عالماً بلا تلك النفوس النبيلة التي تحمل على عاتقها مهمة تشكيل المستقبل .؟
سيكون عالمًا بلا بوصلة بلا أمل في التغيير ..
المعلمون هم الذين يمنحون البشرية القدرة على النمو ، هم أساس الحضارة التي نعيشها اليوم ..
رغم عظمة هذا الدور نجد المعلم في كثير من الأحيان محاطًا بالتحديات والضغوط ، يعمل بلا كلل ، ومع ذلك يواجه الكثير من العقبات التي قد تعيقه عن تحقيق رؤيته ، في يوم المعلم يجب علينا أن نرفع أصواتنا ليس فقط لتكريمهم ، بل أيضًا لنطالب بتحسين ظروفهم ، لنوفر لهم الدعم الذي يستحقونه ، ليواصلوا مسيرتهم النبيلة في بناء المستقبل ..
عيد المعلم هو عيد للأمل ، عيد للحياة التي تتجدد مع كل درس ومع كل كلمة تُنطق في الصفوف ، هو تذكرة لنا جميعًا بأننا مدينون لأولئك الذين صقلوا عقولنا وشكلوا أرواحنا في ، هذا اليوم نقف جميعًا لنقول شكرًا من القلب ، شكرًا لكل معلم منحنا مفتاح العلم وفتح لنا أبواب المعرفة ليظل شعاعه ممتدًا عبر الأجيال ..

الصحافي حيدر فليح الشمري

قد يعجبك ايضا