من ينصف النساء من التعسف والظلم؟

زهير كاظم عبود

يفترض اننا امام القانون متساوين في الحقوق والواجبات ذكورا أو اناثا ٬ واننا نتكافأ بالفرص والخصوصية الشخصية ٬ وتعد المرأة احد أعمدة الاسرة العراقية التي تشكل أساس المجتمع ٬ ونص الدستور العراقي على كفالة الدولة لحماية الامومة٬ ومنع كل اشكال العنف والتعسف في الاسرة العراقية ٬ وتعدي ذلك الي المدرسة وللمجتمع بشكل عام.
وتشير النصوص الدينية المقدسة والاحاديث الصحيحة الى ضرورة الرفق بالنساء ٬ والسماح لهن بتبوء المكانة التي تليق بهن كبنات وزوجات واخوات وامهات ٬ وليس اكثر من الإسلام من يوصي بالنساء باعتبارها نصف المجتمع وان تصان كرامتها كما تصان كرامة الرجال ٬ وافرد قانون العقوبات العراقي رقم ١١١لسنة ١٩٦٩ المعدل فصلا خاصا بالجرائم التي تمس الاسرة ٬ وفصلا آخر للجرائم المتعلقة بالبنوة ورعاية القاصر وتعريض الصغار والعجزة للخطر وهجر العائلة ٬ ومن مظاهر الفقه الشرعي في الاستدلال تم اعتبار القاعدة الشرعية في اعتبار النساء مصدقات على فروجهن ٬ قاعدة معتبرة عرفا فيما يخص حالتها الجنسية وطهارتها دون الحاجة للتدقيق بعد قولها .
كما نص الإعلان العالمي لحقوق الانسان على الحقوق التي تحمي المرأة وتصون كرامتها ٬ وتحيي شعوب العالم يوم ٢٥ |١١ من كل عام يوما دوليا للقضاء على العنف ضد المرأة ٬ بالإضافة الى المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تمنع جميع اشكال العنف والتعسف ضد النساء.

وبالرغم من كل هذا فلم تزل بعض مظاهر الابتزاز والتعسف تتم ممارستها ضد النساء ٬ وحين تتمكن المرأة من اطلاق صرختها أو شكواها بهذا الصدد حماية لشرفها أو لكرامتها ٬ تواجه الاستنكار والاستخفاف والتوبيخ ٬ بسبب الجرأة والافصاح عن تلك الشكاوى التي يزعم مطلقيها انها تمثل خرقا للعرف والتقاليد الاجتماعية ٬ وفضحا لشرف العائلة لا ينسجم مع الإعلان عن تفاصيل الشكوى ٬ وغالبا ما تلجأ النساء الى الصمت خشية من الانتقاد والتنكيل والتشهير الذي تواجهه مثل هذه الشكاوى ٬ والتي تصطدم بجدار الأعراف العتيقة والمتخلفة والتي لا تنسجم مع التطور الحاصل بين الأمم .

التزام بعض النساء اسيرات الصمت المطبق يجعلهن للأسف خارج التنكيل والاستخفاف ٬ وبعيدا عن كيل الاتهامات والنيل من كرامتها وشرفها ٬ وفي حال كسر الصمت تعرضها فوق ما تعرضت له من جريمة التحرش او التعسف او المساومة على الشرف ٬ فإنها تتعرض لحملة من التنكيل لإسكاتها ٬ وان تكون عبرة لغيرها من النساء اللواتي سيلجأن الى الصمت بعد ان يشاهدهن ما يصير اليه الحال ٬ ودون ان يطال القانون كل من يتجاوز او يقوم بالتنكيل او اسناد وقائع معينة لها بأحدى طرق العلانية وخدش شرفها وجرح شعورها دون دليل او قرينة تؤكد ذلك ٬ ما يجعل المرأة ضحية ومجني عليها مرتين ٬ وتقبل المجتمع للأسف مثل هذه الظاهرة لا يجعل اعتبارا لكل النصوص القانونية والاتفاقيات الدولية التي تمنح المرأة حق الدفاع عن نفسها والدفاع عن شرفها وكرامتها ٬ وتمسك المجتمع بالقيم والتقاليد التي تحط من كرامة وقيمة المرأة ٬ في حين ان الواقع يفرض علينا الاستماع الى تلك الشكاوى وفرض احكام القوانين على كل من يريد النيل من كرامتها او شرفها باي شكل كان ٬ وتلك معادلة إنسانية قبل ان تكون شرعية او قانونية ٬ والنساء بحاجة الى دعم وانصاف وداخل صرخات كل امرأة تكمن صرخة اخت وابنة وزوجة وأم ٬ وما يدفعهن لفضح مثل تلك الأساليب خستها ومحاولة استغلال وضعها وحاجتها ٬ ولايمكن للمرأة ان تطلق شكواها لولا حجم الوجع النفسي وفداحة الظلم الذي يصيبها فتقوم بالدفاع عن نفسها .
الجميع مدعو للوقوف الى جانب النساء التي اصابهن الحيف وبحاجة للحماية الابوية والاخوية ٬ وان يتم الاستماع الى حقيقة الشكاوى ٬ لذا سنكون بحاجة ماسة لنصوص قانونية تعاقب ليس فقط المتحرش او المبتز انما مواجهة مستغلي صفحات التواصل الاجتماعي للتنكيل وجرح المشاعر واطلاق الاتهامات والنيل من الشرف دون ان يكونوا طرفا في القضية.

قد يعجبك ايضا