الكشف عن مصدر للطاقة في الصين يكفي احتياجاتها إلى الأبد

 

متابعة ـ التآخي

الصين ربما تجلس على قمة ما يكفي من معدن الثوريوم لتلبية احتياجاتها من الطاقة إلى الأبد تقريباً، ويقول أحد الخبراء إن هذا المعدن المشع وحده يمكن أن يحدث ثورة في إنتاج الطاقة العالمي، وينهي الاعتماد العالمي على الوقود الأحفوري، بحسب دراسة استقصائية.

والثوريوم هو عنصر كيميائي من عناصر الجدول الدوري وله الرمز Th، وعدده الذري 90. ونظرا لأنه فلز له نشاط إشعاعي طفيف، ويتواجد بصورة طبيعية فإنه يعد من أنواع الوقود النووي البديلة لليورانيوم، اذ يمكن استعماله في المفاعلات تحت الحرجة بدلا من اليورانيوم كوقود.

ولا زال قطاع الطاقة في الصين يعتمد بشكل كبير على الفحم، الذي يمثل أكثر من 55% من استهلاك الطاقة في البلاد. يمكن أن يؤدي التحول إلى الطاقة النووية القائمة على الثوريوم إلى تقليل انبعاثات الكربون بشكل كبير، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري المستورد، ووضع الصين كقائد عالمي في الجيل المقبل من الطاقة النووية.

وفقاً لتقرير جرى رفع السرية عنه يوضح تفاصيل الدراسة الاستقصائية، التي انتهت في عام 2020، فإن احتياطيات الثوريوم في الصين، والمعروفة بالفعل بأنها الأكبر في العالم، قد تتجاوز التقديرات السابقة من حيث الحجم، بحسب ما نقلته صحيفة “SCMP”.

وبحسب التقرير الذي نشرته مجلة “جيولوجيكال ريفيو” الصينية في كانون الثاني الماضي، فإن 5 سنوات فقط من نفايات التعدين من موقع واحد لخام الحديد في منغوليا الداخلية تحتوي على ما يكفي من الثوريوم لتلبية احتياجات الطاقة المنزلية في الولايات المتحدة مثلا لأكثر من ألف عام.

وتقديرات بعض العلماء، تشير إلى أن مجمع التعدين في “بايان أوبو”، إذا جرى استغلاله بالكامل، يمكن أن ينتج مليون طن من الثوريوم – وهو ما يكفي لتزويد الصين بالوقود لمدة 60 ألف عام.

وقال جيولوجي مقيم في بكين “منذ أكثر من قرن من الزمان، كانت الدول تخوض حروباً حول الوقود الأحفوري. اتضح أن مصدر الطاقة اللامتناهي يكمن تحت أقدامنا مباشرة”.

والثوريوم، وهو معدن فضي اللون سمي على اسم إله الرعد الإسكندنافي، يولد طاقة أكبر بنحو 200 مرة من اليورانيوم.

وعلى النقيض من مفاعلات اليورانيوم، فإن مفاعلات الملح المنصهر التي تعمل بالثوريوم صغيرة الحجم، ولا يمكن أن تذوب، ولا تتطلب تبريداً بالماء وتنتج الحد الأدنى من النفايات المشعة طويلة العمر.

في العام الماضي، وافقت الصين على بناء أول محطة طاقة تعمل بالملح المنصهر التي تعمل بالثوريوم في العالم في صحراء جوبي – وهو مشروع تجريبي من شأنه أن يولد 10 ميغاواط من الكهرباء عندما يبدأ العمل بحلول عام 2029. وقد حدد المسح، الذي قاده المهندس الكبير فان هونغهاي من المختبر الوطني الرئيس لاستكشاف موارد اليورانيوم والتعدين والاستشعار عن بعد النووي في بكين، 233 منطقة غنية بالثوريوم في جميع أنحاء الصين، متجمعة في خمسة أحزمة رئيسة من شينجيانغ الداخلية إلى قوانغدونغ الساحلية.

وتظهر النتائج أن الرواسب الصخرية والحرارية المائية تهيمن، وغالباً ما تتشابك مع العناصر الأرضية النادرة؛ في فوجيان وهاينان، تحتوي الرمال الغرينية الساحلية على المونازيت الذي يمكن استخراجه بسهولة، الذي يحتوي على الثوريوم.

ويحتوي منجم بايان أوبو العملاق ـ وهو بالفعل أكبر منجم للعناصر الأرضية النادرة في العالم ـ على كمية هائلة من الثوريوم في المخلفات وحدها، وهو ما جرى تجاهله لمدة طويلة أثناء استخراج الحديد، وفقاً لفان وزملائه. وكتبوا في التقرير “إن موارد الثوريوم في المخلفات لا تزال سليمة تماماً”.

وبرغم التفاؤل، تظل هناك عقبات. فعزل الثوريوم عن خامات العناصر الأرضية النادرة يتطلب كميات هائلة من الأحماض والطاقة، ما يقرب من مئات الأطنان من مياه الصرف لكل غرام من الثوريوم المنقى، وفقاً لبعض التقديرات الصناعية القائمة على التكنولوجيا الحالية.

وفضا عن ذلك، فقد جرى تصميم محطات الطاقة النووية الحالية لليورانيوم، مما يعني أن التحول على مستوى الصناعة إلى الثوريوم يتطلب تطويراً مكثفاً للبنية الأساسية.

ويتزامن دفع الصين نحو الثوريوم مع إطلاق “KUN-24AP” – أول تصميم لسفينة حاويات نووية تعمل بالثوريوم في العالم – وخطط لبناء مفاعلات ثوريوم قمرية لدعم القواعد القمرية المستقبلية، وفقاً لفريق فان.

وما يزال التقدير الدقيق لإمكانات احتياطي الثوريوم في الصين سرياً بسبب لوائح الأمن القومي.

قد يعجبك ايضا