رمضان والحمى الشرائية

نهاد الحديثي

في رمضان علينا أن نتعلم ونؤمن التوجه الإلهي العظيم: «كلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين».. هنا يقودني الأمر إلى ما قبل أكثر من أربعة عقود كيف كنّا وكيف حالنا الآن خاصة في رمضان.. كان الطعام شيئا ثانويا خلال الشهر الفضيل، لا طوابير فوالين ولا ازدحام معجنات، ولا اختناقا مروريا عند الأسواق، ناهيك عن عربات محملة وتكاد المواد الغذائية تتساقط منها من فرط حجم الحمولة ,, علينا كمسلمين ان ننطلق من الروحانية والبعد عن كل ما من شأنه أن يجرح شهر الصوم، كنا نعيش رمضان، نتمتع بإفطاره وسحوره، بتراويحه وقيامه، وحتى بمسامراته والتسلية البريئة فيه,, رمضان ليس للاسراف والتبذير, وليس ضخامة المأكل والمشرب
للاسف في رمضان نرى .. تزاحم لا يحدث خلال أوقات أخرى من العام.. وكأنها إشارة إلى أن أزمة بضائع ستحدث أو مجاعة ستأتي!.. هنا نشير إلى أن رمضان خرج من الروحانية إلى الموائد المكتظة بكل شهر.. ولن نستعرض هنا مؤشرات النمط الاستهلاكي للفرد وتأثيره المباشر على مدخراته ومستقبله المالي والصحي، فقد كفانا في هذا الأمر علماء الاقتصاد والمطلعون على الشأن الاجتماعي من خلال الصحف والتلفزيونات ومواقع التواصل.. الزيادة الاستهلاكية تفوق حدود العقل ,, الحمّى الشرائية جعلت الناس يتسابقون وكأن أزمة غذاء تنتظرهم في ظل ثقافة صنعناها لنجعل لهذا الشهر الكريم خصوصية لا تنتمي إليه ولا تعين عليه، شجعها كثيرا تنمية الإسراف من خلال الإعلانات التي وجدت سبيلها إلينا، لنكون بحاجة ماسة إلى توجيه العادات والأنماط الاستهلاكية سواء التكميلية أو الغذائية، وبما يجعل من سلوكنا الاستهلاكي الفردي أو الجماعي يتسم بالتعقل والاتزان، وحسن التدبر وبحيث تكون مدفوعاتنا حسب ما نحتاجه، ووفق التوجيه الإسلامي الكريم الذي ينبذ الإسراف ويحذر منه
يفترض أن يكون استنفارنا الحقيقي هو متطلبات رمضان الإيمانية من صوم وصلاة وقراءة قرآن وذكر وصدقة وصلة وجميع أعمال البر والخير.. وينبغي إدراك أن هذا الموسم الإيماني هو موسم ترقٍّ روحي ومراجعة ذاتية؛ تلبس فيه حلة الطاعات، ورداء الرجاء، وإزار الدعاء في هذا الشهر الفضيل.

قد يعجبك ايضا