عمالة الأطفال من منظور انساني

 

د. حامد المالكي

تُعد عمالة الأطفال إحدى الظواهر الاجتماعية والاقتصادية التي تشكل انتهاكًا واضحا لحقوق الإنسان حيث تحرم الأطفال من حقهم في التعليم و الصحة، والحياة الكريمة وفقًا لمنظمة العمل الدولية،  حيث يعمل ملايين الأطفال حول العالم في ظروف قاسية تهدد مستقبلهم وتعيق نموهم الجسدي والعقلي وفي ظروف لا تحفظ كرامتهم  وتشير عمالة الأطفال إلى توظيف الأطفال في أعمال قد تؤثر سلبًا على تعليمهم وصحتهم ونموهم النفسي والاجتماعي.

 غالبًا ما ترتبط هذه الظاهرة بالفقر والتهميش الاجتماعي حيث يُجبر الأطفال على العمل للمساهمة في إعالة أسرهم حيث تتنافى عمالة الأطفال مع العديد من المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وأبرزها   اتفاقية حقوق الطفل (1989) التي تنص على ضرورة حماية الأطفال من الاستغلال الاقتصادي والعمل الضار والعراق من الدول التي تشيع فيها ظاهرة عمالة الاطفال  العديد من قطاعات العمل  و التي تخالف اتفاقيات العمل  الدولية(رقم  138 و182) التي تضع معايير تحدد الحد الأدنى لسن العمل وتحظر أسوأ أشكال عمالة الأطفال و ايضا تتقاطع مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: الذي  ينص في المادة 26 على حق الطفل في التعليم، وهو ما تتعارض معه عمالة الأطفال التي تجبرهم على ترك مقاعد الدراسة و النزول لميدان العمل تحت ضغوط و ظروف الحياة التي تضطر العديد من فئات المجتمع عندما تتزاحم الاوليات و تصبح لقمة العيش في المقام الاول و الخروج قسرا من المدرسة للعمل حيث يكون الفقر و الحاجة الاقتصادية عاملا او مخرجا للأسر إلى الاعتماد على دخل الأطفال ، وكذلك ضعف القوانين والرقابة في العراق بعدم وجود آليات صارمة لمكافحة تشغيل الأطفال والتي تؤدي إلى تدمير البنية التحتية التعليمية وزيادة عمالة الأطفال مع الثقافة المجتمعية في بعض البيئات حيث يُنظر إلى عمل الأطفال كجزء من التقاليد و ليس كإشكالية حقوقية او انسانية قد  تعرضهم لمخاطر جسدية ونفسية مثل سوء التغذية والإرهاق و التي تحد من فرص اندماجهم في المجتمع بشكل طبيعي و تقلل من كفاءة القوى العاملة المستقبلية بسبب ضعف مستوى التعليم والتأهيل.

 يحتاج العراق اليوم لعمل حكومي ممنهج لحماية الطفولة من الانجرار لميدان لا يتناسب مع قابلياتهم الجسدية و الفكرية حيث تعد مكافحة عمالة الأطفال مسؤولية جماعية تتطلب تعاون الحكومة  ومنظمات المجتمع المدني للقضاء على هذه الظاهرة و كمخرج لا يساهم فقط في حماية حقوق الأطفال بل يعزز التنمية المستدامة ويخلق مجتمعًا أكثر عدالة وإنسانية ويكون ذلك من خلال جهود مكافحة عمالة الأطفال و تعزيز التعليم المجاني والإلزامي لضمان بقاء الأطفال في المدارس من خلال وضع تشريعات ضامنة للعيش الكريم و تقديم الدعم الاقتصادي للأسر الفقيرة للحد من الحاجة إلى دخل الأطفال و معاقبة الجهات التي تستغل الأطفال في العمل  و التوعية المجتمعية لتغيير النظرة إلى عمل الأطفال كممارسة طبيعية .

قد يعجبك ايضا