جاسم العقيلي
لا شك أن الصحافة تختلف عن باقي المهن الأخرى بكونها رسالة قبل أن تكون مهنة، ودورها لا يتوقف على مجرد أداء لوظيفة اجتماعية ، من حيث تأثيرها في الفرد وتنمية الوعي الاجتماعي، ويعتمد ذلك على جودة الصحفيين والاعلاميين والمؤسسات الإعلامية الرصينة في نقل الأحداث والوقائع للمجتمع بحقيقتها دون تزييف.
ففي كل عام تطل علينا بعض المؤسسات الإعلامية بإقامة حفل اختيار صحفيين وإعلاميين تحت مسميات مثل “أفضل صحافي” أو “أفضل تقرير” بناءً على معايير قد لا تكون موضوعية أو مهنية. فعندما تعتمد عمليات تقييم الصحفيين والإعلاميين على معايير غير موضوعية، فإن ذلك يؤثر سلباً على مصداقية الصحافة وموضوعاتها ، وبالتالي يحدث عملية تراجع الجودة من خلال اختيار البعض على حساب الآخرين الذين يستحقون التقدير بناءً على العمل الكفء والمحتوى الجيد .
فيجب على كل المؤسسات الاعلامية ان تسعى إلى اعتماد معايير دقيقة وشروط محددة تعكس التميز في الأداء المهني. هذه الشروط قد تختلف قليلًا بين المؤسسات الإعلامية ، ولكنها تشترك عادة في نقاط أساسية مشتركة، اهمها المصداقية والموضوعية عند اختيار الصحفي او الإعلامي والتزامه بدقة المعلومات وعدم نشر معلومات مضللة وعدم الانحياز ، ويكون مبدعا ومتميزا في التغطية الصحفية ، ويترك اثرا في المجتمع من خلال مساهمته في إحداث تغيير إيجابي أو لفت الانتباه لقضايا مهمة والتميز في تقديم محتوى يثقف الجمهور ويساهم في زيادة الوعي .
الاهم من ذلك الالتزام بأخلاقيات الصحافة و احترام خصوصية الأفراد، وعدم التضحية بالمبادئ من أجل الإثارة أو الشهرة ، وعدم التلاعب بالحقائق ، والتفاعل الإيجابي مع الجمهور عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو المنصات الإعلامية والاستماع لآراء الجمهور و الإنتاجية والاستمرارية بتقديم محتوى غزير دون التضحية بالجودة و الحفاظ على مستوى عالٍ من الأداء لفترة طويلة، فضلا عن التقييم من قبل الأقران والخبراء بتميز الصحفي او الإعلامي من قبل زملاء المهنة، و آراء الخبراء في مجال الإعلام والصحافة .
فاختيار الصحفي أو الإعلامي الأفضل يعتمد على توازن بين الجودة المهنية و الأثر المجتمعي والأخلاقيات، والإبداع. هذه المعايير تضمن أن الاختيار يعكس التميز الحقيقي، يقول غاري فريدمان: “الصحافة ليست مجرد وظيفة، بل هي التزام.” و يعبر عن أهمية الالتزام بالمهنية والنزاهة .