حيدر فليح الشمري
عندما تفتح عيناها الصغيرتان على فجر يوم جديد ، لا ترى أحلام الطفولة ولا تسمع ضحكات الأطفال في ساحة المدرسة ، ياسمين ، ذات الإحدى عشر ربيعاً ، تجد نفسها تحت وطأة واقع قاسٍ يسلب منها براءة طفولتها وحقها في التعليم والحياة الكريمة .
تقول منظمة العمل الدولية في تقريرها الأخير : “إن ملايين الفتيات الصغيرات حول العالم يجبرن على العمل في ظروف قاسية ، مما يحرمهن من حقوقهن الأساسية في التعليم والحماية والرعاية ” .
وتؤكد الدكتورة سميرة محمود ، المتخصصة في حقوق المرأة والطفل : “عندما نحرم فتاة صغيرة من تعليمها ونجبرها على العمل ، فإننا لا نحرم فرداً واحداً فحسب ، بل نحرم مجتمعاً بأكمله من إمكانات وطاقات يمكن أن تسهم في تطوره وازدهاره ” .
في قرية نائية ، تشارك سعاد البالغة من العمر ثلاثة عشر عاماً تجربتها المريرة “أحلم كل يوم بالعودة إلى مدرستي ، أتذكر معلمتي وهي تقول لي أنني كنت من أذكى الطالبات ، اليوم أقضي ساعات طويلة في العمل لمساعدة عائلتي ، لكن قلبي ما زال معلقاً بكتبي وأقلامي ” .
تشير الناشطة الحقوقية نورا السعيد إلى أن : “تشغيل الفتيات الصغيرات ليس مجرد انتهاك لحقوق الطفل ، بل هو تكريس للتمييز ضد المرأة منذ الصغر ، علينا أن نكسر هذه الحلقة المفرغة من الفقر والجهل والتمييز” .
إن حماية حقوق الفتيات الصغيرات ليست مجرد شعار نرفعه ، بل هي مسؤولية مجتمعية وإنسانية ، يجب أن تتضافر جهود المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني لوضع حد لهذه الممارسات المؤلمة .
كما يؤكد القاضي عبد الرحمن حسين : “إن القوانين وحدها لا تكفي ، نحتاج إلى وعي مجتمعي وتغيير في المفاهيم والممارسات التي تبرر استغلال الأطفال تحت أي ظرف ” .
لنتذكر دائماً أن كل فتاة صغيرة تحرم من طفولتها وتعليمها هي شمعة تنطفئ قبل أن تضيء ، وأمل يضيع قبل أن يتحقق ، فلنعمل معاً من أجل مستقبل تكون فيه كل فتاة قادرة على تحقيق أحلامها وبناء مستقبلها بكرامة وحرية .