د . صباح ايليا القس
فن أدبي عرفته الثقافة العربية منذ زمن بعيد ولا يزال احيانا يوثقه من يعرف قيمته الفنية والابداعية والتسجيلية ممن تستهويهم الرحلات السياحية ذلك هو ادب السياحة والمشاهدة .
عرفه الغربيون قبل العرب اذ اخذت كتب السياحة مكانها المرموق والمطلوب للقراءة عند عامة الناس ولا سيما كتب الاكتشافات ووصف المجاهيل من المدن والبلدان والعادات والتقاليد او القبائل والمستوطنات او وصف البيئة والحيوانات الغريبة او الغابات والانهار او حتى طبائع الناس في المأكل والملبس ووسائل العيش .
كتب الاستكشاف كانت مطلوبة للقراءة بوصفها تلقي الضوء على معلومات جديدوة لا سيما جغرافية المنطقة والآثار التي تشتمل عليها وعلى ما فيها من غرائبية تشد المتلقي لمتابعتها والتعرف على كل جديد .
الجديد في الامر ان الناس في ذلك الوقت لا سيما بعد ان تقدمت المواصلات وتعددت وسائل الاتصال وتسارعت المعلومات وتدفقت قوافل الباحثين عن الجديد منطلقين من اوربا الى آسيا وافريقيا على وجه الخصوص بوصفها تشتمل على عدد كبير من الآثار وغرائب الاقطار التي تتفاوت بين الجبال والسهول والانسان والحيوان والانهار والبحار وحتى طبيعة عيش الانسان ومدى تقبله وسائل العيش البدائية وحتى في طبيعة المأكول والملبوس ما يثير شهية المتلقي للبحث عن العجائبية في تلك الاسفار .
بعض الكتاب طغت على كتاباتهم اللغة الانشائية الادبية والوصفية وفيها استطراد فني يستعرض فيه الاديب قدراته البيانية واصفا ومستذكرا رابطا بين طاقته الادبية وبين طبيعة المكان الذي حط رحاله فيه , وفي الجانب الآخر يقف من يلتزم الاسلوب العلمي الفني فيغلب على قلمه طبع المعلم في التثقيف وهو على مسافة غير قريبة من الاسلوب الادبي اذ يؤكد الطبيعة العلمية فيما ينقله الى الورق .
عرف الادب العربي فن الطواف والمشاهدة والاطلاع والسفر منذ القرن الثالث الهجري اذ اخذ السفر يستهوي بعض الناس للتعرف على العالم غير الاسلامي اذ يأخذهم الفضول لمعرفة ما عند الاقوام الاخرى من حضارة وعلوم ووسائل عيش .
يقف اليعقوبي في مقدمة الناس الذين ارادوا معرفة طبيعة اقوام الدولة الاسلامية من الشرق الى الاندلس حتى انه وضع كتابا يدون فيه يومياته ومشاهداته سماه ( البلدان ) وكذلك فعل المسعودي الذي بدأ من الشرق الى الهند والصين مدونا عجائب الامور وغرائب الاسفار لا سيما كتابه ( مروج الذهب ) ..
اعتمد اغلب المستكشفين العرب على وصف الآثار والطبائع والسلوك الاجتماعي الذي ابدعوا فيه وكان ذلك همهم الاول قبل العناية بالطبيعة الجغرافية من طبيعة ومياه وبحيرات وجبال وغابات .
الذي وصلنا من اخبار هؤلاء الناس اقل بكثير ممن سجل التاريخ اسماءهم في سجل الرحلات لا سيما الذين شاركوا في الرحلات ولم يكتبوا شيئا عن اسفارهم التي لم تكن سوى زيارة خاصة ورغبة ذاتية لم تفدنا بشيء .
وعلى الرغم من كثرة الذين لم نعرف عن اسفارهم سوى اسمائهم التي اشار اليها مرافقوهم لكننا لا نستطيع ان نجزم بهذا الامر لان هناك الكثير من المخطوطات الاستكشافية ما تزال حبيسة المكتبات ولم تصلها يد الباحثين والمحققين لكي نعطي القرار الجازم ..
تلك الكتب والمخطوطات حتما سيكون لها شأن في تعريفنا بهذا الفن الادبي الذي قلّ وجوده في هذه الايام . وللحديث صلة .