اقليم كوردستان والثورة السورية

 

 

سردار علي سنجاري

لقد لعب فخامة الرئيس مسعود بارزاني دورا محوريا منذ انطلاقة الثورة السورية وكان لموقف فخامته من الثورة السورية تبعات سياسية واقتصادية من قبل العديد من الأنظمة الاقليمية وبالأخص بعد قراره منع تدفق السلاح عبر أراضي الاقليم للحكومة السورية السابقة . وكذلك تم وضع السيد مسرور بارزاني ضمن قائمة الارهاب السوري بسبب مواقفه الشجاعة من الثورة السورية ومساندته العلنية لحقوق الشعب السوري .

 

و منذ اندلاع  الثورة السورية في عام 2011، تأثرت العديد من الدول المجاورة للأراضي السورية بالصراع المستمر. كان لإقليم كوردستان العراق موقف مميز من الثورة السورية، حيث كان للإقليم علاقة وثيقة بالشعب السوري بكافة مكوناته و يتابع باهتمام بالغ مطالب الشعب السوري المحقة في الحرية والعيش الكريم . إضافة إلى ذلك، تعرضت المنطقة إلى  تدفق هائل للاجئين السوريين الذين فروا من القصف والدمار . تلك الثورة التي خرجت للمطالبة بالحرية والكرامة وانهاء الظلم وحكم العائلة الواحدة التي جثت على قلوب السوريين لخمسة عقود متتالية بالنار والحديد.

 

منذ بداية  الثورة السورية في عام 2011، شهدت العلاقات بين الثوره السورية وإقليم كوردستان نوعًا من التعاون والدعم. كان للكورد في إقليم كوردستان العراق مواقف  إيجابية تجاه مطالب الشعب السوري من أجل  الحرية والديمقراطية . وفي الوقت نفسه، كان هناك  دعم معنوي وإعلامي من قبل حكومة إقليم كوردستان للحركات المعارضة التي ظهرت في سوريا، واستقبل الاقليم العديد من المؤتمرات واللقاءات التي جرت في أربيل دعما لمطالب الشعب السوري ولم تفرق بين المعارضة العربية او الكوردية بل كان موقف اقليم كوردستان موحدا في دعم كافة شرائح المجتمع السوري في نيل حقوقه المشروعة والخلاص من النظام الاسدي الذي تساوت جرائمه مع النظام البعثي الصدامي والذي ذاق شعبنا العراقي  بعربه و كورده في العراق ماذاقه الشعب السوري من النظام البعثي الاسدي البائد.

 

وقد لعب  اقليم كوردستان  دورا  دبلوماسيا  في محاولة  التقريب بين الأطراف الكوردية في سوريا، سواء تلك التي كانت تتعاون مع  الائتلاف الوطني السوري أو مع الأحزاب الكوردية التي تتبنى أجندات  مختلفة  من اجل توحيد الصف الكوردي للقضاء على النظام الاسدي . كانت حكومة إقليم كوردستان تركز على  دعم حقوق الشعب في سوريا، على الرغم من التعقيدات السياسية التي نتجت عن الصراع بين الحكومة السورية البعثية والمعارضة التي أصبحت مسلحة ومدعومة دوليا.

 

من جانب  حكومة إقليم كوردستان كان هناك  موقف حذر تجاه تطورات الوضع في سوريا  في البداية وكان للإقليم حسابات تتعلق بالأمن الداخلي وخاصة على الحدود السورية – العراقية . وكذلك كانت هناك اعتبارات داخلية تخص علاقة العراق مع النظام السوري والتي وصلت إلى تقديم الدعم اللوجستي وارسال عناصر مختلفة تحت مسميات طائفية للوقوف مع النظام الاسدي مما سبب توترا داخليا بين موقف الاقليم من الثورة السورية وموقف الحكومة العراقية.

 

بمجرد بداية  الثورة السورية بدأ العديد من السوريين في الهروب من الحرب والبحث عن مأوى في دول مختلفة ومنها   إقليم كوردستان  العراق خصوصًا مع تدهور الوضع الأمني في المناطق السورية الحدودية. تم استقبال  الآلاف من اللاجئين السوريين في مدن الاقليم وتم فتح مخيمات اللاجئين التي تم تأسيسها في الإقليم بإشراف حكومة الاقليم . تم تقديم  مساعدات إنسانية و  رعاية صحية للاجئين السوريين، إضافة إلى  دعم غذائي من قبل حكومة اقليم كوردستان وبعض المنظمات الدولية.

 

وقد ساهمت منظمة البارزاني الخيرية وبتوجيه مباشر من فخامة الرئيس مسعود البارزاني بإرسال المساعدات الإنسانية إلى المناطق السورية المتضررة جراء الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا .

 

ساهمت العديد من  المنظمات الدولية والمحلية في تقديم  الدعم للاجئين السوريين في إقليم كوردستان. مثلًا، كانت  منظمات الأمم المتحدة مثل  مفوضية شؤون اللاجئين  (UNHCR) تقدم الدعم فيما يتعلق  بالخيام الاحتياجات الأساسية كالتعليم و  الرعاية الصحية . كذلك، كان لحكومة اقليم كوردستان  دور كبير في تنظيم هذه المعونات وتوزيعها بعدالة .

 

ومنذ بداية تدفق الاخوة السوريين إلى اقليم كوردستان بدأ الشعب الكوردي يتعاطف مع القضية السورية ويوفر فرص العمل للشباب السوريين الذين اثبتوا قدراتهم وإمكاناتهم وإخلاصهم نفي العمل والاندماج بالمجتمع الكوردي رغم الفارق الثقافي واللغوي .

 

ورغم الجهود الكبيرة التي بذلتها حكومة إقليم كوردستان، واجه الإقليم العديد من  التحديات في التعامل مع  اللاجئين السوريين . من بين هذه التحديات كان  الضغط على الموارد  المحدودة مثل  المياه و  الكهرباء فضلًا عن  الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه الإقليم بسبب الأزمات السياسية والاقتصادية في العراق. ولكن تلك التحديات لم تخلق فجوة بين الطرفين بل ساهمت في تعميق الروابط بينهم .

 

بالإضافة إلى التحديات المتعلقة بالموارد، كان  التعايش بين اللاجئين السوريين و  المجتمع المحلي في إقليم كوردستان من الأمور التي تم العمل عليها بشكل تدريجي. بدأت بعض  التوترات الثقافية تظهر بين الجالية السورية والمجتمع الكوردي  المحلي منها اختلاف اللغة ومنها اختلاف الثقافات إلا أن الحكومة الإقليمية عملت على  تعزيز الحوار و  التعايش السلمي من خلال تنظيم  ورش عمل و  أنشطة مشتركة بين الطرفين.

 

وكذلك تم توفير  خدمات التعليم المجاني  للأطفال اللاجئين السوريين في مدارس الإقليم حيث تم تخصيص مدارس خاصة لاستيعاب الطلاب السوريين. كما تم توفير  الخدمات الطبية في  المستشفيات والمراكز الصحية التي افتُتحت في المخيمات، بالإضافة إلى  العلاج المجاني للاجئين السوريين .

 

اما من الناحية الاقتصادية فبالرغم من الأزمات الاقتصادية التي واجهت اقليم كوردستان في الاونة الاخيرة إلا ان الجالية السورية في الاقليم استطاعت ان تحقق نتائج إيجابية في مجال سوق العمل حيث تم تسجيل العشرات من الشركات السورية التي ساهمت في إنعاش الاقتصاد المحلي في اقليم كوردستان مما عزز الترابط الاقتصادي والاجتماعي بين الجانبين الكوردي والسوري .

 

وقد وفرت حكومة اقليم كوردستان الإمكانيات اللازمة في مجال الرعاية الصحية حيث تم تقديم الخدمات العلاجية المجانية للمرضى الذين يعانون من مشاكل طبية مزمنة وكان الشعب الكوردي سخيا في تقديم ما يلزم لمثل تلك الحالات.

 

واليوم وبعد انتصار الثورة السورية وازالة نظام البعث الاسدي البائد الذي ارتكب أبشع الجرائم بحق شعبه ودعما من حكومة اقليم كوردستان إلى الشعب السوري والحكومة السورية الجديدة التي أبدت احترامها وتقديرها للشعب الكوردي وفخامة الرئيس مسعود البارزاني ومن اجل العلاقات الطيبة التي ربطت الجالية السورية بالشعب الكوردي   ادعوا حكومة اقليم كوردستان الى الغاء رسوم الإقامة عن الجالية السورية في هذه المرحلة لأنها أصبحت عبئا عليهم وخاصة في هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها سوريا. وما طلبنا هذا إلا تعزيزا لاستمرارية العلاقة مع الشعب السوري الشقيق الذي سوف يترك فراغا كبيرا في قلوب الكورد إذا ما قرر العودة إلى وطنه الام سوريا الحرة .

قد يعجبك ايضا