باسل عباس خضير
الجزء الاول
في الأول من أيلول 2024 باشرت الوزارات والدوائر في بغداد العمل بأوقات الدوام التي أصدرتها بتعليمات الأمانة العامة لمجلس الوزراء ، وبموجبها حدد الدوام الرسمي للجامعات والكليات الحكومية والأهلية كافة ليكون من العاشرة صباحا ، وكان المسوغ الأكبر لذلك هو توزيع الزخم المروري على ساعات النهار لتقليل الاختناقات ، وقد توقع الكثير بان يتم تقويم هذا القرار من حيث الجدوى والتأثير بعد ثلاثة شهور من النفاذ او من بداية 2025 ليصار إلى تعديله او الاستمرار ، فقد تزامن صدور القرار مع مباشرة الحكومة بتنفيذ مشاريع كبيرة ومهمة في تشييد الجسور والمجسرات والتحويلات والتي أنجز جانبا كبيرا منها نهاية 2024 ، وما فهم من التوقيت الذي تم تحديده للجامعات انه مؤقت و لدواع مرورية فلم يسبق العمل به من قبل في العراق كما تخلو التجارب الجامعية العالمية من وجود دوام وجوبي بعد الصباح ولحين الغروب ، لذلك لم تعرف تداعياته و نتائجه بشكل شامل وبالتفاصيل فبنائه تم على وفق تقدير المصلحة الجمعية للعموم رغم احتمالات إن تكتنف تطبيقه بعض الصعوبات ، وعول البعض على قدرة الجامعيين بقبول هذا التغيير لما يمتلكونه من قدرات ومرونة في التكيف لمختلف المتغيرات ، ورغم التفاؤل الجزئي في تلك التخمينات إلا انه وبعد مرور مدة قصيرة من التطبيق الذي تزامن مع بداية العام الدراسي الحالي للجامعات ظهرت مجموعة من المبررات التي تطالب العدول عن هذه التوقيتات ، فالقضية لا تتعلق بالمنتسبين الجامعيين من التدريسيين والفنيين والإداريين وغيرهم وإنما بعناصر أساسية أخرى للتعليم وهم الطلبة والعوائل والمؤسسات ، وما سنذكره لاحقا ليس من نتائج دراسة أعدت بهذا الخصوص ، وإنما من خلال متابعة ردود الأفعال رفضا وقبول وما نتج من تلك الأطراف من آراء .
وبخصوص الطلبة ، فقد وجدت هناك صعوبات تتعلق بتعويد طلبة الصفوف الأولى القادمين من التعليم الثانوي إلى التعليم الحكومي في التكيف مع ما اعتادوا عليه قبل 12 عام وواقع الدوام الطويل في الجامعات ، وبذلك أضيفت وظيفة تربوية وإرشادية جديدة للمعنيين تضاف إلى جانب التهيئة للانتقال من بيئة لأخرى ، والبعض في كل المراحل والمستويات الجامعية يرى ضرورة تغيير مواعيد النوم والاستيقاظ بما يناسب الوضع الجديد ، والبعض ممن اخفق بذلك اضطروا للحضور في نفس الأوقات السابقة ، مما يشكل عبئا كبيرا فالوقت من 8 صباحا وحتى موعد المحاضرة الأولى سيقضيه الطالب في الساحات او النادي او خارج الكلية مما يجعله مستغرقا لما بدا به ( ربما من لهو ولا مبالاة ) او في الطريق ، مما قد يجعله يستنفذ جزءا مهما من طاقاته وتركيزه ودافعيته وحماسه خارج القاعة أي قبل أن تبدأ وتستمر الدروس ، ولا يخفى إن هناك الكثير من التطبيقات البحثية والتجارب العلمية أكدت على وجوب استثمار الساعات الأولى من اليوم لنوع من الأعمال التي تتطلب بذل مجهودات وحركات عالية التركيز لما فيها من أهمية او تنطوي على نوع من الأخطار .
ويسود الاعتقاد للبعض إن جعل الدوام يبدأ في ذلك الوقت يعطي الإذن والمشروعية ( الحجة ) لبعض الطلبة في السهر اعتقادا منهم او لتضليل أهلهم إن لديهم الوقت الكافي للنوم والتعويض حتى بدأية الدوام ، والسهر لأوقات متأخرة لا يعطي الراحة الكاملة فربما يستيقظ الطالب متثاقلا ويبدأ يومه الجامعي بهذا المزاج ، وقد وجدت بالفعل احتمالية كبيرة في حدوث تضارب بين أوقات دوام الطالب وعائلته من الأب وإلام عندما يكونا يعملان وتلك المسالة قد تنشا اختلال يعطي نتائج سلبية من النواحي الاجتماعية والأمنية والسلوكية ف( الفراغ ) الذي يترك لتلك الاعمار ربما تكون له مردودات التي لا يمكن التنبؤ بها بشكل دقيق