لماذا السلاح النووي؟

 

 

كامل سلمان

كثير من الدول تسعى لامتلاك السلاح النووي نظراً للرعب الذي يشكله امتلاك هذا السلاح المدمر، لكن معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية حددت الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وهي الدول المسماة الدول العظمى، بحق امتلاك السلاح النووي، وهي كل من الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والصين وفرنسا وأخيراً بريطانيا. أما الدول التي امتلكت السلاح النووي خارج نطاق الدول العظمى الخمس، وهي الهند وباكستان وكوريا الشمالية وإسرائيل، فقد جاء امتلاكها للسلاح النووي في غفلة من الرقابة التي فرضتها الدول العظمى، لكنها في النهاية خضعت لمعاهدة حظر انتشار السلاح النووي. وتوجد دول أخرى تمتلك السلاح النووي بسبب عضويتها في حلف الناتو، ضمن القواعد العسكرية للحلف في هذه الدول، كألمانيا وهولندا وتركيا وإيطاليا، فهي ليست دولاً مصنعة للسلاح النووي لكنها مستضيفة له على أراضيها.

 

إسرائيل وكوريا الشمالية هما الدولتان الوحيدتان اللتان تتهربان من الرقابة الدولية، فإسرائيل لها غطاء دولي غربي كبير يحميها من الرقابة، أما كوريا الشمالية فوقعت في مستنقع الحصار الاقتصادي والتكنولوجي المدمر، الذي يكاد يجعل المواطن الكوري أقرب إلى الموت من شدة الجوع، إضافة إلى التخلف الذي ضرب هذا البلد من جميع النواحي بسبب تحدياته للمجتمع الدولي.

 

صناعة السلاح النووي تحتاج إلى تخصيصات مالية ضخمة تصل إلى عشرات المليارات من الدولارات، وتحتاج إلى كميات هائلة من اليورانيوم. فمثلاً، القنبلة النووية التي أسقطت على هيروشيما كانت تزن تقريباً 350 كيلوغراماً، منها حوالى 65 كيلوغراماً من اليورانيوم عالي التخصيب، أي أن درجة تخصيب اليورانيوم تزيد عن 90 بالمئة، إضافة إلى كميات كبيرة من المواد شديدة الانفجار مع الموصلات وأجهزة التفجير الدقيقة جداً، وكلها داخل تركيبة القنبلة النووية. ولكي يكون التفجير فعالاً كما حدث في هيروشيما وناغازاكي، يتم تفجير القنبلة قبل وصولها إلى سطح الأرض بمسافة 100-200 متر.

 

هذه الأمور كلها لم تقم بتجربتها أي دولة في العالم سوى الولايات المتحدة الأميركية، لذلك فإن احتمالات الخطأ واردة وكبيرة جداً في استخدام السلاح النووي على الطرفين (المستخدم والمستخدم ضده)، فهو سلاح غير آمن بالمرة حتى بالنسبة للدول التي تمتلكه.

 

ثلاث دول عربية سعت لتطوير السلاح النووي، وهي العراق وسوريا وليبيا، كمعادلة للردع النووي ضد إسرائيل، لكن النتيجة كانت فقدان هذه الدول مفاعلاتها ومراكز أبحاثها النووية بضربات جوية دقيقة جداً، وتبع ذلك سقوط أنظمتها السياسية كثمن لتجرئها على محاولة صناعة القنبلة النووية. فكأنما أصبح قانوناً ثابتاً بأن الدولة التي تسعى لصناعة السلاح النووي كمعادلة ردع ضد إسرائيل يجب أن تفقد مفاعلاتها النووية، ويتبع ذلك سقوط أنظمة حكمها.

 

ما يحدث مع إيران اليوم يدخل ضمن هذا القانون، إذ ستفقد مفاعلاتها ومختبراتها النووية عاجلاً أم آجلاً، حتى لو اضطرت إسرائيل إلى قصف تلك المفاعلات بقنابل نووية، لأن إسرائيل تعتبر نفسها دولة صغيرة المساحة، فأي دولة معادية تمتلك قنبلة نووية واحدة فقط ستكون كافية لمحو إسرائيل من الوجود، لذلك فإن إسرائيل المدعومة بقوة من العالم الغربي لن تسمح بذلك مهما كلف الأمر. بمعنى أدق، فإن السعي لامتلاك السلاح النووي كردع لإسرائيل يتحول إلى كابوس قبل أن يكتمل.

قد يعجبك ايضا