الكذب الحديث

فاطمة علي

التسابق على الكذب في عصرنا الحالي، نجد أنفسنا أمام مشهد مذهل حيث أصبح الكذب ظاهرة شائعة تلقي بظلالها على مختلف جوانب الحياة.
فالكذب لم يعد مجرد فعل فردي أو سلوكٍ يعبر عن
ضعف شخصية، بل تحول إلى استراتيجية مُعتمدة لكثير من الناس الذين يسارعون في إطالة قائمة الأكاذيب التي
يتداولونها، كل ذلك سعياً وراء تحقيق مكاسب شخصية أو مادية. إذ أن البعض يستغل الدين كغطاء لأساليبهم
الملتوية، بحيث يفبركون الأكاذيب على نحو يضفي قدسية زائفة على أقوالهم، في محاولة لتجميل حقيقتهم المتعفنة.
لقد أصبحنا نشهد أن هذه الظواهر أكثر انتشاراً في عالمنا اليوم، حيث تتداخل المنافسة الاجتماعية مع انهيار القيم الأخلاقية.
لقد تراجعت النزاهة والتفكير النقدي في الكثير من المجالات، مما يؤدي إلى انحسار الثقة بين الأفراد والمجتمعات. ولقد أصبحت الثقافة اليوم تُستخدم كأداة لمباركة هذه الأكاذيب، حيث يتم تعزيز صور مزيفة للقيم الإنسانية والاجتماعية، تُشجع على الانحراف بعيداً عن الأسس الأخلاقية.

في كثير من الأحيان، يعمد المروجون لهذا الكذب إلى تزيين أقوالهم بعبارات بلاغية أو آراء فلسفية، فيسعون إلى تقديمها كحقائق مُطلقة لا يمكن المساس بها. وبشكل مثير
للسخرية، نجد أن وسائل التواصل الاجتماعي قد ساهمت في نشر هذه الأكاذيب بصورة واسعة، فالمستخدمون يروجون للمعلومات دون التحقق من صحتها، مما يؤدي إلى تفشي الأخبار الكاذبة وأفكار زائفة تجسد جانباً مظلماً من ثقافتنا.
وفي خضم هذا الفوضى، نرى أن الكذب أصبح يتخذ أشكالاً متعددة، من التلاعب بالمعلومات إلى الخداع الجماهيري، مما يجعل من الضروري أن نعيد التفكير في دور الحقيقة في حياتنا اليومية. ونتساءل: أين تقع المسؤولية الفردية في زمن تتلاشى فيه الحدود بين الحقيقة والخيال؟ في الوقت الذي يسعى فيه الآخرون لنسج الأكاذيب وتحقيق مكاسب فورية، يبقى الأمل في أولئك الذين يقاومون هذا الاتجاه، حيث يدافعون عن القيم الحقيقية ويعملون على إعادة بناء الثقة في مجتمعاتهم.

قد يعجبك ايضا