رباب طلال مدلول
في أحد الحقول البعيدة، حيث الأزهار المتفتحة والسهول الذهبية، وُلدت فراشة مختلفة. منذ لحظة ولادتها، شعرت بالعزلة؛ الوحدة كانت ظلها، والصمت رفيقها. كانت الفراشات الأخريات يتجنبنها، يتهامسن عنها، ويمنحنها نظرات لم تفهم مغزاها. تساءلت في حيرة: “هل العيب فيّ؟ هل خُلقت لأكون وحيدة؟”
حتى جاء ذلك اليوم الذي غيّر كل شيء. بينما كانت تحلّق بلا هدف، وجدت بركة ماء صافية. اقتربت، وقفت عند حافتها، وألقت نظرة على انعكاسها. لأول مرة، رأت نفسها بوضوح. تأملت صورتها بدهشة، وكأن شيئًا في داخلها قد استيقظ بعد سبات طويل.
رأت أجنحتها… لم تكن عادية، بل لوحة من السحر والجمال، لم تشهد الطبيعة مثيلها. عندها أدركت السبب وراء نفور الفراشات الأخريات. لم يكن العيب فيها؛ بل كانت مختلفة، فريدة، متألقة، خاطفة للأنظار.
ومنذ تلك اللحظة، تغيّر كل شيء. لم تعد تحزن لكونها بلا رفيق، ولم تعد تبحث عن مكان تنتمي إليه. أدركت أنها هي المكان، وأن الاكتفاء بالذات أجمل من أي رفقة زائفة.
حلّقت بثقة، بلا انتظار، بلا سعي لإرضاء أحد. عرفت أن الوحدة ليست قيدًا، بل جناحٌ آخر يحلّق بها نحو حرية لم تتخيلها يومًا. لم يكن العيب فيها طوال الوقت، بل كان في الأخريات، اللواتي أخفتهن الغيرة عن قول الحقيقة: كم كانت جميلة… نادرة… مختلفة.
العبرة
تذكر دائمًا أن الفراشات لا ترى جمال أجنحتها، وربما أنت أيضًا لا ترى ما يجعلك مميزًا. لكن ذلك لا يعني أنه غير موجود. استمر في البحث عن ذاتك، ولا تكتفِ بما يخبرك به الآخرون. الجمال الحقيقي يظهر لمن يؤمن بنفسه، والاختلاف هو سر التفرّد. فلا تظننّ أن العيب فيك… ربما العيب فيهم!