الخطة التي يريد أعداء الكورد تحقيقها .. تحويل مسار الاحتجاجات من بغداد إلى أربيل

 

 

د. ژيهات دوسکي

خبير في الشؤون المالية والإدارية

 

من الواضح أن الفساد والرشوة غطت العراق وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من ثقافة المؤسسات الحكومية والسلطة التنفيذية ومن ضمنها الادعاء والقضاء وليس بمقدور أي قوة يمكن أن تمنعها، بحسب مؤشر مدركات الفساد لمنظمة الشفافية الدولية لعام 2023، احتل العراق المرتبة 154 من بين 180 دولة الأكثر فساداً بحيث وصل إلى أعلى مستوى وهو 23 من 100 نقطة.

 

وبحسب تقارير هيئة النزاهة ولجان مكافحة الفساد في عام 2024، هناك أكثر من 5 آلاف عقد وهمي لمشاريع البناء والاستثمار والبنية التحتية تقدر قيمتها بنحو 228 مليار دولار، هي مجرد حبر على الورق! ومن الإنجازات الأخرى أيضاً هي (سرقة القرن) التي حدثت عام 2024 في هيئة الضرائب والإيرادات، التي سرقت حوالي 2.5 مليار دولار عن طريق شبكة مكونة من مجوعة شركات وبعض المسؤولين السياسيين والحكوميين.

 

وبحسب شبكة “AMSN” الأمريكية، فإن حجم الأموال المسروقة منذ عام 2003 حتى نهاية 2023 يقدر بأكثر من 400 مليار دولار، سرقت مباشرة من الخزينة العامة للحكومة العراقية، ونتيجة لهذا الكم الكبير من الفساد داخل الحكومة العراقية فقد أدى ذلك إلى نقص الخدمات وتدهور البنية التحتية الاقتصادية والتنمية الصناعية والزراعية.

 

بغض النظر عن وارداتها الهائلة فحسب بيانات رسمية أصدرها البنك الدولي، بلغ الإيرادات النفطية للعراق في عام 2019 نحو 234 مليار دولار، أي ما يعادل 20% من اقتصاد النفط العالمي. المشاكل و الأزمات لا تقتصر على هذا فقط، فهناك مخاوف كبيرة من الجفاف وارتفاع في درجات الحرارة التي تعاني منها المدن العراقية وخصوصاً الجنوبية، وكذلك ارتفاع في مستويات الكربون والتلوث البيئي، فحسب تقارير الأمم المتحدة فإن العراق يعد من بين الدول العشر الأكثر تضرراً بالتغير المناخي، والخامس الأكثر تضرراً بنقص المياه والغذاء وفقاً لمنظمة البيئة العالمية. هذه هي أرض بلاد ما بين النهرين والأسس والقوانين التي وضعها الملك حمورابي.

 

فالاحتجاجات والشلل السياسي الذي اندلع في أكتوبر/تشرين الأول 2019 واستمر لعدة أشهر في مدن الجنوب ووسط العراق، حيث تعيش أغلبية الشيعة الفقيرة، كما تظاهر مئات الآلاف من المتظاهرين في ساحة التحرير ضد الحكومة العراقية، منددين بانتشار البطالة وانهيار البنية التحتية الاقتصادية وانعدام الديمقراطية.

 

استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية لمنع المتظاهرين من عبور الحواجز الخرسانية على جسر الحرية المؤدي إلى المنطقة الخضراء، مما أسفر عن مقتل ما يقرب من 600 شخص وإصابة 30 ألفاً، فلم نشاهد أي من الزعماء الشيعة البارزين أو الفصائل الموالية لإيران تدين الاعتداءات وقمع حقوق المتظاهرين. أو ذيول بعض القيادات السياسية الشيعية الذين لم يقولوا كلمة أو بيان احتجاجي في وسائل إعلامهم أو حتى على صفحاتهم الاجتماعية عن الظلم والقمع الذي يتعرض له متظاهرون في العراق من مدن الوسط والجنوب الذين سُرقت حقوقهم الأساسية.

 

اليوم هم نفس الذيول الذين يرافقون كلابي في شوارع وأزقة سليمانية ويدعون إلى الاحتجاجات والإضرابات ضد حكومة إقليم كوردستان. في حين أنهم يعلمون جيداً أنه بعد مصادقة مجلس النواب على الموازنة العراقية لعام 2023-2025 والقيام بالعديد من التعديلات لبنود الموازنة ضد الكورد إضافة إلى وقف صادرات النفط لإقليم كوردستان والطلب على الإيرادات المحلية من الألف إلى الياء فإن حكومة إقليم كوردستان ستواجه نقصاً في توفير الخدمات العامة، كما سيواجه سكان إقليم كوردستان من زاخو إلى حلبجة أيضاً أزمة المعيشة والتباطؤ في الحياة اليومية.

 

فهذه هي الاستراتيجية التي يريد أعداء الكورد تحقيقها من خلال تغيير مسار الاحتجاجات من بغداد إلى أربيل من أجل تنظيف فسادهم وفشلهم في إدارة وحوكمة العراق، في حين أن زيارة المسؤولون الموجودين في بغداد والتجار والأغنياء وإخواننا السياح والأهل في الوسط وجنوب العراق إلى إقليم كوردستان فإنهم يصفونها بأنها من أكثر محافظات العراق تقدماً وجمالاً وأمناً ويعتبرونها نموذجاً لبقية المحافظات الأخرى العراقية على الرغم من كل العراقيل والحفر التي تضعها بغداد أمام حكومة إقليم كوردستان والتلاعب بالقوت اليومي للشعب الكوردي.

قد يعجبك ايضا