عبد الجبار نوري
يقف القلم بيدي حائراً هامساً: ويلك ماذا أكتب؟ ومن أين أبدأ؟ في حياة ” سافره جميل حافظ؟
تلك المرأة العظيمة المناضلة الرابطية، أم الأديبة والقاصة الروائية، وهل يمكن اختصار سيرتها الطويلة وحياتها الثرة والمفعمة بالمطبات السياسية وحضورها الدائم في الشارع العراقي في مشاركة الجماهير الكادحة العراقية في تظاهراتها ضد الدكتاتوريات التي حكمت العراق؟
كانت أيام الخمسينات مفعمة بالأمل والحياة، كنت حينها طالبا في كلية التربية جامعة بغداد، وكنت عضو ارتباط بين الكلية والمنظمة النسوية في بغداد الكراده، وهي مهمة حزبية كلُفتْ بها من قبل حزبي (الحزب الشيوعي العراقي) وكان يتردد على الدوام أسم ” سافره — سافره جميل حافظ ” في منطقة الكرادة، وحينها أدركتُ أنها من القياديات والناشطات في المجال النسوي، وشخصية مهمة، وهي من جيل الرواد في الخمسينات وقد أطلق على هذا الجيل “الجيل الذهبي” فقد برز في الشعر كثيرون (السياب البياتي نازك الملائكة، بلند الحيدري، لميعه عباس عماره، عاتكة الخزرجي، وفيما بعد سعدي يوسف، مظفر النواب، رشدي العامل، الفريد سمعان، عبدالرزاق عبد الواحد، وفي القصة والرواية، عبدالملك نوري، فؤاد التكرلي، وغائب طعمه فرمان .
سافره جميل حافظ شخصية متعددة المواهب والنشاطات
قاصة وروائية: كانت بداياتها المبكرة الأولى في مجال القصة القصيرة في سنة 1954 وهي لاتزال طالبة في كلية الآداب (قصة أولاد المساحي) توضح فيها ذلك الصراع المعصرن الحداثوي بين العمل الرتيب القديم والتطور التكنولوجي الرقمي الذي أوصل العالم إلى الثورة الصناعية، ثم رواية (دمى والأطفال) 1956 التي فازت بجائزة الأخبار الأوربية وأستمر هذا العطاء الثر 2007 مجموعة قصصية بعنوان (14 قصة) وإلى 2009 وثلاثيتها الشهيرة (هم ونحن والقادمون) .
تأريخها السياسي: تأريخ حافل في مشاركة المرأة في التظاهرات والاعتصامات منها مشاركتها الفاعلة في تظاهرات وثبة كانون ضد معاهدة بورت سموث البريطانية عام 1948، واشتركت في التظاهرات الجماهيرية في وثبة تشرين 1952 في شوارع بغداد، واعتقلت في 1956 في تظاهرات الاحتجاج على العدوان الثلاثي على مصر، كما اعتقلت في 1963 وأودعت سجن قصر النهاية السيء الصيت، وبعدها في 1964 قُدمتْ للمحاكمة العسكرية في معسكر الرشيد، وحُكم عليها بالإقامة الجبرية لمدة سنه ونصف والمنع من السفر وحجز الأموال المنقولة والغير منقولة، وهي عضو في مجلس السلم العراقي، وأستمر هذا العطاء الثوري ديمومتهُ النضالية في المشاركة في تظاهرات (ساحة التحرير) الاصطلاحية في مناسبتين الأولى في حقوق العمال والثانية في حقوق المرأة .
ناشطة في مجال حقوق المرأة: وشاركت في تأسيس رابطة المرأة العراقية في 10-3-1952 مع رفيقاتها الرائدات (الدكتورة نزيهة الدليمي ومبجل بابان وبشرى برتو وباسمه الظاهر وخانم زهدي) ومنذ 1956 انخرطت في العمل السياسي كعضو في الحزب الشيوعي العراقي ومسؤولة في منظمة رابطة المرأة العراقية، وفي 2005 انتخبت عضوا في المجلس المركزي للاتحاد العام لأدباء الكتاب في العراق.
مجال الصحافة والأعلام: منذُ1956أشتغلت في جريدة (البلاد) في تحرير صفحة المرأة العراقية، وثم في جريدة (الأخبار) لصاحبها جبران ملكون ونشرت فيها قصتها المعروفة دمى والأطفال وضلت تعمل فيها حتى ثورة تموز 1958، وكان نهجها في الكتابة الأسلوب الواقعي الملتزم بتوليفة سوسيولوجية مجتمعية حاضرة الواقع الملموس في نشر معاناة الطبقات الكادحة وكانت تنحو الرمزية في فترة الخمسينات والعلنية بعد الثورة.