السلطة و التسلّط بالصدفة و بالتعمُّد

فاضل ميراني*

لا يحمل مصطلح التسلط معانٍ ايجابية او محايدة في تفسير واقع الحكم الحقيقي بلا رتوش، و هو يعاكس من حيث ميلان المفهوم استقرار مفهوم السلطة حالة حاكمة قد تسلم و قد تصاب بمرض التسلط.
كلاهما قد يتم بلوغهما بالصدفة و قد يُبلغان بالتعمد، و خير مثالين على تعمد الوصول للسلطة هما الانقلاب و الانتخابات.
امثلة كثيرة التاريخ قريبه و بعيده عن السلطات التي وصلت بالانقلاب او بالانتخاب، و امثلة على انقلابيين لم يتغيروا الا بأنقلاب و انقلابيين صاروا يمارسون الانتخاب ايا كان صدقه من زيفه، كما ان التاريخ يعج بالتسلّطيين، وكذلك بالواصلين بالصدفة او بضمن صيغة حكم تجعلهم على رأس مكان اعلى او قريب لصنع القرار، واحيانا يشكل الواصلون بالصدفة مفاجأة بقدرتهم على الادارة و النهضة و حفظ المكتسبات و تنميتها، و احيانا لا.

ليس بالضرورة و لا بالغصب ان يكون طريق الوصول للسلطة صعبا، بمعنى ان لا مسوغ سليما فكريا و عمالاتيا، يجعل الوصول للسلطة مقرونا مندمجا بالتخريب او التأمر او التربص بالسلطة لسحبها من يد صاحبها، الا اذا كان ثمة برامج افضل ممكنة التحقق و نوايا صادقة للطرف الطامح، على اساس ان السلطة و سيلة تنفيذ لا غاية محب.

نحن في الحركة التحررية الكوردية و منها حزبنا، وصلنا للسلطة و كلها ائتلافية، عبر حراك حزبي و سياسي و جبهوي، حراك صعب مجهد مكلف، و كنا في مواجهة تسلط لا سلطة، و مخطيء من يتصور ان التأثير السلبي للمتسلطين الذين واجهناهم كان سيغادر الفكر الاجتماعي لمن هم مشتركين في السلطة اللاحقة او جمهورهم بسرعة، وتلك قضية نفسية تحتاج لبحث مستقل مطول.

الموضوع اليوم يمس صنفين من الواصلين للسلطة، صنف له تاريخ تضحيات لا يُنكر، و صنف وصل مرتاحا، و كلاهما يمسكان ورقات تحريك خطرة، و لربما عن غفلة او تعمد، جرى اهمال اوراق اشد حساسية و اكثر حاجة للتحقق بأعتبارها تمس حياة المواطن ناخبا ام غير ناخب، و تكسرا او يوشكان على اشعال نار داخلية على رصيد فئوي و لغايات عدة مفهومة.

هذه الممارسة تشكل دليلا حاليا و منهجا مستقبليا، وهو دليل على التسلط، وهذا الامر بذاته يعيد للاذهان و يقدم لليد للتصور و الاقتناع ان زراعة الفكر بغير بذور الديمقراطية هو اكثر و اسرع كسبا، وان المبالاة و الاولويات لا تكون الا فيما و بما يمس مصالح بعيدة و مخالفة للعقد الاجتماعي و القانوني الضامن لبناء الفرد و الدولة، هذا طبعا مع استجلاب مخاطر على الجميع.
لا الذين وصلوا بجهدهم و لا الذين صعدوا بالصدفة معفيين من المسؤولية في حرف طريق المسار، و الامتحان بأجاباته دون غش لا بمذاكرته فقط.

*مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي
للحزب الديمقراطي الكردستاني.

قد يعجبك ايضا