صادق الازرقي
تلوث المياه بمخلفات المستشفيات هو مشكلة بيئية وصحية كبيرة، اذ يمكن أن تحتوي مياه الصرف الصحي الناتجة عن المستشفيات على عديد المواد السامة والمعدية.
وتشمل هذه المخلفات، النفايات الطبية مثل الإبر، الأدوية المنتهية الصلاحية، المواد الكيميائية المستعملة في عمليات التشخيص والعلاج، فضلا عن الميكروبات والفيروسات التي قد تكون ضارة.
عند تسرب هذه المخلفات إلى مصادر المياه، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تلوثها، مما يعرض صحة الإنسان والحيوانات والنباتات للخطر؛ و بعض التأثيرات التي قد تحدث تشمل، انتقال الأمراض، اذ ان المخلفات الطبية قد تحتوي على مواد معدية مثل الفيروسات والبكتيريا، مما قد يؤدي إلى تفشي أمراض خطيرة.
كما ان المواد الكيميائية المتواجدة في الأدوية أو السوائل الطبية يمكن أن تتسرب إلى المياه، مما يجعلها غير صالحة للاستهلاك، كما ان الكائنات الحية في المسطحات المائية قد تتأثر بشكل كبير بسبب تلوث المياه، مما يؤثر على النظام البيئي.
وللتصدي لهذه المشكلة، يجب أن تجري معالجة مخلفات المستشفيات بشكل صحيح قبل تصريفها، وذلك بوساطة عمليات فصل وتعقيم وإعادة تدوير، وكذلك فرض قوانين ومواد تنظيمية صارمة للحفاظ على المياه من التلوث.
لقد لجأت بعض الدول في مدد سابقة من تاريخها الى فرض عقوبات قاسية وصلت حتى الى الإعدام في بعض الأحيان بحق كل من يرمي الملوثات في النهر، مثل ذلك فعلته الولايات المتحدة الاميركية في مدة معينة من تاريخها وأوقفت ذلك الامر الخطير.
ولدينا في العراق دأبت وزارة البيئة بصورة متكررة على اطلاق تحذيرات لجميع المستشفيات، وتحديداً مدينة الطب، من رمي المخلفات الطبية في نهر دجلة مباشرة، وطالبت باستعمال الطرق الآمنة والمحارق، وبالطبع فإن إدارة المستشفى دائماً ما تعلن التزامها المعايير الصحية السليمة؛ لكن مشهد النهر وهو يستقبل النفايات التي تبدأ بتحويل لونه تدرجا إلى بقعة كبيرة ضخمة من السواد تتسع شيئا فشيئا وتصبغ مياهه الجارية ببقايا المرضى والأموات، لا يحمل سوى جواب واحد هو أن العراقيين يتجرعون الموت، بحسب ما تحذر منه مصادر طبية وبيئية.
لقد لوحظ ان الحقن والأدوية وزجاجاتها وقطع القماش المغطاة بالدماء وجميع أنواع الأنسجة البشرية والدم وسوائل الجسم التي يجب التخلص منها والأدوات الحادة والأجنة وغيرها، تُجمع مباشرة وتُرمى في النهر الذي طالما تغنى به الشعراء.
أحدث تصريحات للدائرة الفنية في وزارة البيئة، تبين أن نسبة تلوث الأنهر في العراق بلغت 90 في المئة بسبب تصريف مياه الصرف الصحي والمخلفات الطبية فيها من دون معالجة.
ويقول الناطق باسم وزارة الموارد المائية، إن سبب تلوث المياه هو رمي المخلفات الصناعية والطبية وحتى النفطية في الأنهر وعدم تصفية المياه العائدة إليها من قبل دوائر البلديات.
ويوضح مختصو البيئة بالقول أن “كل ما يفعله الناطقون الرسميون هو التصريحات، وما من تحرك جدي وحقيقي، فيما يموت كل شيء في داخل النهر، إذ ترمي مدينة الطب التي تسع 528 سريرا وحدها يوميا مخلفات أكثر من 1000 مريض في دجلة”.
ان مسؤولية الحفاظ على نظافة الأنهر في العراق كبيرة وخطيرة، تستوجب تظافر جهود الجميع واولهم الجهات الحكومية المعنية.