التاخي- ناهي العامري
عقد مركز بغداد للتنمية القانونية والاقتصادية، بالتعاون مع منتدى بيتنا الثقافي، جلسة حوارية بعنوان (الدور السياسي في اعداد الموازنة التشغيلية والاستثمارية للسنوات ٢٠٢٣ – ٢٠٢٥ )، حيث تناولت الجلسة تأثير العوامل السياسية على صياغة الموازنة العامة، وانعكاساتها على التنمية الاقتصادية والاستثمارية.
تطرق المحاضر الاقتصادي الاستاذ ثامر الهيمص، في بداية محاضرته الى مشكلة الموازنة العراقية التي تعتمد كليا على ريع النفط، اذ تتأثر بتغير سعره في البورصة العالمية، وقال : لو اخذنا مثلا، تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، داعياً لتخفيض أسعار النفط، انخفض سعر النفط بنسبة ١٪ مباشرة لاغراضه السياسية بدعوى ايقاف الحرب الروسية الاوكرانية، لما يؤثره النفط على الاقتصاد الروسي، كون روسيا عضو أوبك، علما ان النفط يشكل ٥٠٪ فقط من الناتج الوطني الروسي، فكيف الحال عندما يشكل اكثر من ٩٠٪ من الموازنة السنوية لبلدنا. اما التأثير الاخر هو الحروب ومشكلة المضايق والموانئ، كما نرى أن الصناعة والزراعة خارج المعادلة، كانتاج محلي يساهم في موارد الدولة، وترتب على ذلك دخول عشرة ملايين عراقي تحت خط الفقر، و ١١ مليون أمي.
وعلى ضوء ما تقدم اضاف الهيمص ان سياستنا الاقتصادية مرهونة باقتصاد احادي الجانب، وان غياب الحسابات الختامية للموازنة من قبل الرقابة المالية، ادى إلى استخدام الاموال لأغراض انتخابية، مع انها مخالفة للمادة ٦٢ أولا من الدستور، حيث لا شرعية لموازنة مهما كانت بدون مصادقة الرقابة المالية، لذلك ظهرت تشوهات، أولاً ٤٠ ترليون دينار رواتب الدرجات الخاصة، رغم انهم يعملون خارج قانون الخدمة المدنية أو العسكرية، وهم الان ٦٠٠٠ منتسب بهذه الرواتب والامتيازات، ويزدادون كل نهاية دورة برلمانية، بتقاعد ايضا خارج قانون الخدمة ليتقاطع مع الدستور: بأن العراقيين متساوون في الحقوق والواجبات.
ثانيا: تخصيصات الاوقاف ترليون و ٢١٩ مليار دينار، اي اكثر من تخصيصات الزراعة والصناعة، اذ التوافقات بين المتغانمين المتناغمين واضحة لاعتبارات سياسية حسب.
ثالثا: وجود تخصيصات غير شفافة، مثلا كما ظهرت في موازنة ٢٠٢٣، تحت بند البرامج الخاصة، مستلزمات خدمية خمسة ترليون دينار، مستلزمات سلعية -تبريد سيارات ١٥ ترليون دينار، صيانة الموجودات ترليون و٧١ مليار، برامج خدمية ١٥٠ مليار دينار، الزيارات الدينية ٥٠ مليار دينار، مفاوضات ومطالبات ٤١ مليار دينار، المنح والطوارئ والاعانات ٥٠ مليار دينار، كما ورد في الوقائع العراقية، وفي ظل ما تقدّم يوافق البرلمان بصرف مخصصات سيارات لاعضائه ب ٥٤ مليار دينار، وبذلك تصبح الموازنة عرضة للتلاعب والمناقلات أو تذهب لجيب المشاريع المتلكئة.
وكشف الهيمص ان تلك السياسة وبغياب شفافية الحسابات الختامية لم تدخل موازنة ٢٠٢٣ الايرادات التالية: ٦٠٠ مليار دينار شهريا واردات الضرائب، ٤٠٠ مليار دينار واردات المرور، ٦٩ مليار دينار واردات النقل الجوي والسكك الحديد، ٩٥٠ مليار دينار واردات المشتقات النفطية والكمارك، اما الارقام الصعبة الاخرى غير الدستورية، كخسائر الصراع بين المركز والاقليم، في ضوء منع تصدير النفط بناءا على قرار المحكمة الفرنسية، اذ يخسر العراق ١٥ مليار دولار من عدم تصدير ٤٠٠ ألف برميل يوميا، نتيجة للمناكفات السياسية اولا واخيرا.
واشار في ذات السياق، اي بأسباب سياسية يخسر العراق واردات مليون عقار من املاك الدولة، وقال: لدينا ٨٠٠ وزير ومن بدرجتهم يستلمون رواتب مخالفة للدستور وقانون الخدمة المدنية، ليعكس ذلك عجزا ب٨٠٠ ترليون لموازنة ٢٠٢٣.
وختم الهيمص محاضرته، بأن لا خلاص من هذا الوضع المتردي، الا بمواصلة الضغط من قبل قوى الخير ، من خلال المطالبات بالتنمية الحقيقية، واعادة الحياة للمنتج الوطني، الصناعة والزراعة والخدمات، لاقامة بنية تحتية تحتضن الوعي الوطني بكل اطرافه ، بعيدا عن الهويات الفرعية، لإيقاف التراجع محليًا وإقليميًا ودوليًا، بأياد غير ملوثة بالفساد وشعاراته التي لا يمكن ان الدفاع عنها بأي حال من الاحوال.