هل من يخالف الدستور يتجاوب للقانون ؟

لطيف دلو

قام النظام البائد بترحيل ألاف العوائل الكردية إلى مناطق متفرقة في سياسة تعريب المناطق التي يتواجد فيها النفط والقريبة منها في الشريط الممتد من خانقين الى سنجار مرورا بكركوك مركز تدشين تلك السياسة على الهوية القومية والاستيلاء على دورهم واراضيهم الزراعية وشمل عشرات العوائل التركمانية وتمليكها على العرب الوافدين من الوسط والجنوب والعرب المتاخمين لذلك الشريط وقسم منها للوزارات الحكومية ومن اصحاب تلك الدور والاراضي الزراعية فيهم موظفين في دوائر الدولة وفي مسلكي قوى الامن الداخلي والجيش بمختلف الرتب من الضباط والمراتب وبقيت القضية نارا تحت الرماد لكل من غدر به في عهد ذلك النظام .

بعد سقوط النظام في 8 نيسان 2003 جرى البحث عن الحلول الخاصة للقضية الكوردية ومن ضمنها بالدرجة الاولى ذلك الشريط الحدودي والذي سمي فيما بعد بالاراضي المتنازع عليها وفي الحقيقة هي اراضي مغتصبة لاغراض سياسية بحتة لامحاء الطرف الاخر، لا يقرها الدستور ولا القوانين ولا الشرائع السماوية ولا الانسانية ، قد جرى البحث من قبل القيادة الكوردية وقادة العرب في بغداد وادخلت في قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية وفق المادة (58) ولكن بقيت القضية حبرا على الورق اساسًا لعدم وجود نية اكيدة لدى قادة العرب وبقيت في المراوغة والمماطلة المتعمدة بحجج واهية ونقلت الى المادة 140 من الدستور العراقي الدائم لسنة 2005 بفترة محددة التنفيذ لا تقبل التجاوز عليها وهي 2007/12/31 ولكنها جمدت في تعطيل ومماطلة متعمدة اكثر من سابقتها ومددت لمدة ستة اشهردون جدوى واخيرًا أعترفوا بأن لا نية  في تنفيذها من خلال تصريحات لمسؤلين سياسيين تباهوا بنجاحهم في التعطيل والمماطلة بعظمة السنتهم وكلما استدعت حكومة الاقليم بتنفيذها اوجدوا لها لعبة تخصيص ميزانية لها كإستجابة لانها لا تترك اي أثر سياسي ولكنها هي حجرعثرة لضياع الوقت لتحقيق مبتغاهم .  
                             
لكثرة المشاكل المتعلقة بتلك الدور والاراضي بين اصحابها الحقيقيين والمستفيدين من العرب قد وصلت الى نهاية محتومة لربما تسفك فيها الدماء واساس المشكلة هو تعطيل المادة 140 من قبل حكومة المركز، وتجاوبًا للمطالب الملحة استحدثت فكرة إعادة الاراضي المغتصبة في المناطق المتنازع عليها بقانون لالغاء قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل وقدمت القضية الى مجلس النواب خلال عام 2024 وتمت القراءة الاولى لها ووصلت الى التصويت اكثر من مرة ولكنها جوبهت بالرفض من قبل متعاطي الشوفينية في المجلس واخيرًا، تم ربطها في التصويت بسلة واحدة بتاريخ 21/1/2025 مع قانون تعديل قانون الاحوال الشخصية 188 لسنة 1959 المقدم من قبل الطائفة الشيعية وقانون العفو العام عن السجناء المقدم من قبل الطائفة السنية وسحبت السلة وراءها انتقادات وتنديدات كثيرة في وسائل الاعلام بسبب عدم قانونية التصويت على ثلاث قوانين بسلة واحدة كمساومة في حين إن ايصال قانون إعادة الملكية المغتصبة لاصحابها الحقيقيون لا غنى عنه الى تلك السلة كان بسبب رفض متعاطي الشوفينية وحاملي فكرة التعريب للنظام البائد ليس إلاّ وأود ان ابين بأن تسمية كل نظام بالدكتاتورية بسقوطه تسقط جميع قراراته انيا وإضافة الى ذلك عولجت تلك القضية ارضاءًا لرغبة المقابل وتجنب الاشكاليات بالمادة 140 ولوكانت الحكومات المركزية جادة في تنفيذها لغلقت القضية وفقا للدستورمنذ عام 2007 ، وإجابة للتعليقات على هذا القانون فإنه لا يحتاج الى دراسة او تحقيق لان القضية معروفة لدى القاصي والداني عن اناس يرحلون من مناطق ابائهم واجدادهم وتستولى على دورهم واراضيهم وتضرب عرض الحائط بوثائقهم التمليكية الحكومية وهي بمثابة سيادة الدولة والحكومة كل تلك عن الهوية القومية ويسكنون محلهم وفي دورهم وعلى اراضيهم اناس أخرون لاغراض التعريب.
على كل فإنه قانون صائب بإعادة الحقوق الى اصحابها الحقيقيون بعد 18 سنة من التأريخ المحدد لاحقاقه إن نفذ مضمونه دون التعريض للتفسير والتأويل لان لاتزال نفس الفكرة السابقة موجودة في السلطات التنفيذية الحالية واعود واقول لايلدغ المرأ من جحر مرتين  وإن إبقاء تلك المادة تحت الموازنات السنوية دون التحريك وسيلة الهاء لكسب الوقت وفصل اهم قضية خاصة منها بهذا القانون تستوجب مراجعة عميقة لها قبل ان تنشل وتفقد تدریجیا مکانتها السیاسیە والدستورية .
٣٠/١/٢٠٢٥         

قد يعجبك ايضا