صادق الازرقي
ظلت مشكلة عدم حصول سكان محافظة البصرة على الماء الصالح للشرب و لشتى الاستعمالات، تحت رحمة وعود المسؤولين الذين بمجرد وصولهم الى المنصب يسارعون الى القول بان المشكلة ستحل؛ ولكنها تعاود الظهور من جديد.
ووفقًا لمعايير منظمة الصحة العالمية، يجب ألا تزيد نسبة الملوحة في مياه الشرب عن 500 درجة من مقياس TDS، في حين كشفت الارقام في وقت سابق ان الملوحة في البصرة تتعدّى ضعف هذا الرقم وتجاوزت الألف درجة، وبحسب المراقبين والمختصين، وصلت نسبة ملوحة شط العرب إلى 65% ، وما تبقى أصبح غير صالح للاستعمال البشري والحيواني.
وقال سكان بصريون ان الماء المالح أثر كثيراً على حياتهم، وانهم يستعملون هذا الماء المالح للاستحمام والتنظيف فقط، علماً أنه بسبب استعمال هذا الماء المالح أصيب أهل المنطقة بكثير من الأمراض الجلدية وأمراض العيون والشعر على وفق تصريحاتهم لوسائل الاعلام.
ويقول سكان، ان القائمين على مشروع ماء البدعة الذي يجهز المنطقة بالماء العذب، أخبروا أهالي المنطقة أن المشروع يعاني من مشكلات عدة، مرة بحجة أعطال في الكابلات والتيار الكهربائي، ومرة بمشكلة ضخ المياه والتصريف، برغم تواجد مياه مخزنة فيه، كما قالوا ان المشروع يعد من حيث البناء والتصميم والعمل، مشروعا قديما، ويفتقر إلى الإعمار والصيانة وفق التصاميم والآليات الحديثة، برغم صرف الميزانيات والأموال لتعميره، بحسب قولهم.
وتقول فتاة من البصرة ان هناك محسوبية وفساد في المحافظة فيما يتعلق بتجهيز السكان بماء الإسالة، على حد قولها: مناطق تحصل على ماء عذب للاستعمال، ومناطق أخرى بالعكس يجري تجهيزها بالماء المالح غير الصالح للشرب والطبخ.
صحفيون من البصرة قالوا ان جميع الوزراء في الحكومات السابقة، أتوا بمشاريع وهمية لم تجدي نفعا، على العكس ما تزال مشكلة الملوحة وشح المياه تتجدد كل سنة في فصل الصيف، وزيارات هؤلاء الوزراء للمحافظة بروتوكولية من دون جدوى على حد وصفهم.
ومن المعلوم ان تصفية مياه البحر او الانهار المالحة تطورت كثيرا في العالم، واصبح حلها متيسرا، وان الحصول على ماء صالح للشرب يعتمد على تقنيات متعددة تهدف إلى إزالة الأملاح والشوائب، أبرز هذه التقنيات التحلية بالتناضح العكسي تعمل عن طريق دفع مياه البحر عبر غشاء شبه نافذ يسمح بمرور جزيئات الماء فقط ويمنع مرور الأملاح والشوائب الأخرى، و النتيجة ماء خال من الأملاح والملوثات، وكذلك تسخين مياه البحر حتى الغليان لتحويلها إلى بخار، ثم تكثيف البخار مرة أخرى إلى ماء.
كما يجري استعمال مرشحات لتصفية المواد الصلبة والشوائب الكبيرة من مياه البحر، وكذلك استعمال مواد كيميائية (مثل الراتنجات) لامتصاص الأيونات المسببة للملوحة، مثل الصوديوم والكلوريد، واستبدالها بعناصر أخرى، ومن الاساليب الاخرى التناضح الشعري وهي تقنية جديدة نسبيا، تعتمد على استغلال أغشية متخصصة لزيادة كفاءة إزالة الأملاح باستعمال الطاقة المنخفضة.
لقد توصلت دول الخليج العربي مثلا الى انجع الطرق لتنقية مياه البحار وتوفير الماء الصالح للشرب لسكانها، بالبحث عن احدث التقنيات في هذا الجانب، فلماذا نشذ نحن عن القاعدة ونفشل في توفير المياه لسكاننا؟