د.سعد الهموندي
البارزاني المرجع والملجأ هو عنوان كتاب بقلم الدكتور سعد الهموندي مستشار الرئيس مسعود بارزاني و رئيس مؤسسة رؤى للتوثيق والدراسات الأستراتيجية والمستقبلية، الذي يتضمن محطات مهمة من شخصية الرئيس مسعود بارزاني ومواقفه وبعض الأحداث، التي جعلت منه مرجعاً سياسياً يستشار ويأخذ بتوجيهاته ونصائحه اثناء الأزمات والأنسدادات السياسية ، وملجأ لجميع العراقيين اثناء المحن والظروف الصعوبة، لذلك نسعى من خلال نشر اجزاء الكتاب ان نلقي الضوء على خصوصياته الأخلاقية ومواقفه ازاء خصومه و صبره وحنكته وذكائه في التعامل مع المواقف الصعبة التي واجهته سواء اثناء ايام الكفاح المسلح او عند النزول من الجبل لينشأ اقليمًا عامراً زاهراً ليصبح رقمًا صعبًا في المعادلات السياسية والتوازنات في العراق والمنطقة.
الحلقة السابعة
والمعادن… الا ان المناطق الكُردية اعتبرت الافقر اقتصاديًا واجتماعيًا.
فالهدف والحلم الكُردي بالعودة إلى استقلاله الطبيعي كان دومًا بمثابة لعنة تحلق فوق رؤوس الكُرد، فأي مطلب يرفع الكُرد مهما كانت طبيعته كان يُرفض بحدة باعتباره خطوة تهدد الوحدة الوطنية المزعومة، والدول التي هيمنت على كُردستان دأبت النظر على الكورد كمواطنين أشرار وأعداء محتملين، كل ذلك من أجل الحفاظ على مصالحهم الاقتصادية والسياسية.
انطلاقًا من هذه الذهنية، التي كرستها الايديولوجيات الشوفينية العنصرية للحكومات المسيطرة، فإن أي علاقة مع الكُرد لم تكن علاقة وطن ومواطنيين، بل علاقة خصوم وأعداء، علاقة جسم غريب بجسم غريب آخر، وتلبية أي مطلب كُردي مهما كان بسيطًا، كإيصال الماء والكهرباء إلى المناطق الكُردية كانت تصور وكأنها تنازلات لجهة خارجية، أما قمع الكُرد وإسكاتهم وإخضاعهم إلى الاستبداد المركزي فكان يعتبر انتصارًا.
فأن يكون الكُرد منتمين إلى قومية أخرى، وأن تكون لهم لغتهم وثقافتهم وتقاليدهم وتراثهم، كل ذلك لم يكن يشكل فضيلة وتنوعًا وعامل تفاعل واندماج بين أبناء الوطن الواحد، بل كان يعتبر مشكلة ومصيبة ينبغي التخلص منها بأي ثمن، وهكذا ظهرت نظريات وآراء ووجهات نظر ،تحاول إثبات أن الكُرد هم أتراك جبليون، أو إيرانيون من العراق الآري، أو عرب فقدوا لغتهم، أو في أفضل الأحوال مجرد مسلمين، كل ذلك لطمس الحقيقة الجغرافية والتاريخية لأرضهم، التي أصبحت اليوم جغرافية استراتيجية في عمق وقلب الشرق الأوسط، وهو ما تنبأ به الملا مصطفى البارزاني وما حمله واستمر برفعه والمطالبة به مسعود البارزاني.
فالبارزانيون أدركوا في وقت مبكر من العصر الحديث، الحالة التي قد يعيشها الكُرد مستقبلًا، خاصة الحركات السياسية القائمة على طمس الهوية الكُردية وتمييع أبعادها، وكانت تلك النظريات تُترجم إلى واقع بلغة القتل والتهجير والتدمير والحرق، أما مقارنة وضع الكُرد ضمن العراق بوضع الشعوب الأخرى التي تعيش ضمن دول واحدة تضم أكثر من قومية، تُظهر هنا أن المأساة الكُردية التي عاشها الكُرد أكبر بكثير من غيرهم.
لنأخذ مثلاً مقاطعة كيبيك في كندا، أبناؤها يعتبرون أنفسهم قومية أخرى أقرب إلى الفرنسية، تتمايز عن القومية الكندية الإنكليزية، وهي مقاطعة مستقلة ضمن الاتحاد الفدرالي الكندي ولها حكومات وبرلمان ووزراء وميزات خاصة، كما أن لغتها تُدرّس في المراحل التعليمية كلها إلى جانب الإنكليزية كلغة ثانية، وفوق ذلك تعتبر كيبيك الأكثر تطورًا اقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا.
الأمر الثقافي والتعليمي نفسه، ينطبق على مقاطعتي كتالونيا والباسك في إسبانيا واسكوتلندا وويلز وايرلندا في الممكلة المتحدة، وعلى الرغم من ذلك والأصح بسبب ذلك، فإن الوحدة الوطنية لا تعاني من تهديد أو خطر إبادة، والانفصال هناك ليس شبحًا أو رعبًا، فمسألة الانفصال تُناقش ضمن البرلمان والصحف والاذاعة والتلفاز كحقيقة بديهية، وكاحتمال قائم في أي لحظة، لهذا فإن الأحزاب الداعية للانفصال في تلك المقاطعات لا تحظى بتأييد السكان، أما في المناطق الكُردية فإن حديثًا من هذا النوع يعتبر مُحرمًا ومُدنسًا في وجه حقيقة مقدسة فارغة تسمى الوحدة الوطنية يضحكون فيها على الشعوب.
فالوحدة الوطنية في كل أنحاء العالم، لا تنفي التعدد القومي ولا تحظر حرية اللغات القومية والتقاليد القومية للشعوب المكونة لتلك الوحدة، لكن الدول المُهيمنة على كُردستان كانت ترى أن القمع هو الوسيلة الوحيدة الممكنة لحل القضية الكُردية وإلاصرار على تجاهل الهوية الكُردية والواقع الكردي، وهنا نستشهد بما قاله حقيقة الملا مصطفى البارزاني عام 1960:
(( أخوتي الأعزاء )) : إن حربنا ليست حرب العرب والكُرد، لا أقول إنني لا أحارب العرب وحسب بل إنني لا أحارب ضد أي قومية، ولا أدخل حربًا ضد أي شعب بسبب الاسم أو لكون هذا أصفر اللون وذاك أسود او أزرق اللون، الكُرد والعرب إخوة ويستطيعون العيش كإخوة بكل وئام وسلام، وصحيح إن العرب يشكلون الأكثرية ويمثلون الأخ الأكبر ونحن الأخ الأصغر، ولكن ليس من العدل أن يكون الأخ الأصغر هذا جائعًا وعاريًا ولا يستطيع القراءة وتعلم ما يمكن الاستفادة منه، وليس بمقدوره إبداء الرأي في أمور تهم البيت المشترك، بينما يستحوذ الأخ الأكبر على البيت وكل ما فيه، فهنا مراعاة العدالة واجبة لكي لا يشعر الأخ الصغير بالغبن والظلم وفعلًا يجب أن لا يظلم، إننا في ثورتنا هذه نتوخى الخير أولاً للعرب ومن ثم الكُرد، وباقي الشعب العراقي من التركمان والآشوريين والأرمن، وكل من يعيش على هذه الأرض، إننا نريد حكومة ديمقراطية عادلة تُنتخب ضمن انتخابات حرّة بعيدة عن الضغط والإكراه والظلم والاعتداء، وأن تكون هناك قوانين عادلة يضعها الشعب العراقي بنفسه ولنفسه بحيث لا تسمح للعسكري أن يطلع علينا في أي يوم يشاء بقوله: (( قررنا ما يلي )) ، ويبدأ في حكم الشعب العراقي حسب مزاجه وأهوائه الشخصية مسترشدًا بأنانية دون أن يكون باستطاعة الشعب محاسبته.
اننا لم ولن نهاجم أحدًا، نحن ندافع عن الحقوق المشروعة وأموال وحرائر وحياة الشعب الكُردي، نحن لا نرغب أبدًا في أن يسود الاقتتال وسفك الدماء على الإخوة العربية الكُردية، لأن اقتتالنا نحن الكُرد والعرب يخدم إعداء الوطن.
لذا ادعو الله لكي يعيد الذين يبغون مقاتلتنا إلى رشدهم، حتى يرحموا الشعوب ويرفعوا أيديهم عن الاعتداء على الشعب الكُردي، لكي يستطيع الشعب العراقي كله العيش معًا بسلام ووفاق ووئام ورخاء في ظل العدالة)) .
هذه المقولة الخالدة حقيقة هي أقرب إلى وصايا المرشدين والزعماء والأنبياء والرسل على مرّ الزمان، انها الوصية التي عرف كيف يصنع منها مسعود البارزاني استراتيجيته القومية والوطنية، بعد إدراكه أن العقلية الديكتاتورية دأبت على الدوام قمع الكُرد وإسكات صوتهم وحرق مدنهم وقراهم، والعمل للتخلص من المسألة الكُردية، فالوحدة الوطنية لا تتم بالقسر والإكراه، أو أن تتم عبر صفقة تجارية يتم بموجبها إعطاء الكُرد بعض المطالب البسيطة مقابل أن يعدلوا عن قرار الإنفصال، إن أي وحدة كهذه حتى لو تمت ستبقى مهددة بالانفراط في أي لحظة لأنها وحدة مفروضة وليست طبيعية قائمة على اقتناع حرّ وعلني وغير مشروط.
ووضع حجر الأساس الأولي لقيام الدولة الكُردية تمثل سياسيًا بمشروع الاستفتاء الذي أطلقه مسعود البارزاني عام 2017،والذي من خلاله أراد إيصال رسالة الى الكُرد أجمع ضمن كل بلدان العالم.
فالحكومة العراقية ليست وحدها التي ترفض قيام دولة كُردية، بل كذلك الحكومات المجاورة للعراق التي يعيش فيها الكُرد ضمن جغرافيتهم الطبيعية، فهذه الحكومات تخشى أن تنتقل عدوى الحرية والحقوق المشروعة الى كُردها.
فحق تقرير المصير لأي شعب يعني حقه في بناء دولته المستقلة إذا شاء، وهذا يعني بداهة تغيير الحدود القائمة بما يستجيب للتقسيم السكاني الجديد.
وقرار استفتاء الاستقلال الحقيقي لمسعود البارزاني، لا يتعارض مع مقولة أن الوحدة جيدة ومثمرة، خصوصًا في العصر الراهن حيث لا حياة للكيانات الصغيرة، وحيث تحتم الضرورات الاقتصادية والحياتية، قيام وحدات وتكتلات جيو اقتصادية، وبشرية، ولكن أليس الأجدى الدعوة إلى وحدة كُردية – كُردية؟
فالكُرد شعب مبعثر في أجزاء لا تفرق بينه حدود سياسية مصطعنه، وهم يطمحون إلى التوحد في كيان سياسي موحد ومستقل فأين الضرر في ذلك؟؟
وهنا كانت استراتيجية البارزاني قائمة على مبدأ؛ أليس من الأجدر أن تتم وحدة كُردية ضمن الجغرافية والثقافية واللغة والنسب العشائري المشترك الكُردي، ثم تتحد مع جيرانها؟.
لكن الواقع الحقيقي للأسف مختلف عن هذا، فقيام دولة كُردية سيهدد المصالح الاقتصادية والسياسية وعمليات النهب السلطوي، للكثير من الجهات السياسية العالمية المستفيدة.
ينبغي النظر إلى رغبة الكُرد في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة، ليس باعتبارها حقًا مشروعًا وحسب، بل لكونها السبيل الوحيد لقيام تلاحم وتآخ فعلي ومتكافئ بين شعوب المنطقة، ومقدمة إلى مناخ من الاستقرار والأمن، ودون ذلك فإن المآسي والمجازر والاضطرابات ستظل قائمة ومدفونة، وستبقى الكراهية المضمرة عنوانًا آخر لشيئ اسمه ((الوحدة الوطنية الهشة والمزعومة)) والتي لم تجلب لشعوبها سوى الفقر وويلات الحروب والسرقة السلطوية باسم الاقتصاد والأمن الوطني.
والغريب أن بعض الأطراف السياسية تؤكد الرفض الكامل لحق الكُرد التاريخي والسياسي في تقرير مصيرهم مادام ذلك يؤدي الى الانفصال، ومن حق المرء أن يتساءل عما إذا لم تكن هذه الذهنية الرافضة قرينة للذهنية الديكتاتورية الشوفينية التي ترى كل شيء من ثقب الذات العنصرية والتي أفلح نظام البعث وصدام حسين في تمثيلها أصدق تمثيل، ولكنه فشل في قطف ثمارها إلا بالجثث والحرائق والدمار للكُرد من جهة، والفقر والعوز والخوف والتخلف لباقي الشعب العراقي من جهة ثانية.
إن حدود الأوطان الحالية والوحدة الوطنية التي يتحدث بها الساسة اليوم ليست أشياء خالدة، إنها أمور صنعها البشر في لحظة زمنية، ومن الممكن والمفيد أن يغيروها في لحظة زمنية أخرى، وإذا كان لابد من ذلك فالوحدة الوطنية يجب أن تخدم البشر وليس العكس، واحترام حق تقرير المصير للشعوب هو الخطوة الأولى على ذلك الطريق.
استقلال كُردستان في قلب مسعود البارزاني:
إن منطق إدارة الحروب الأستراتيجية للقوى العالمية العظمى، هو في الأساس لمراجعة النظم السياسية الجديدة، وبناء الاقتصاد السياسي لبلدان العالم وفق مصالحها، وفي مرحلة أخرى إجراء التغييرات فيها حسب مصالحها هي، وبين هاتين المرحلتين تصاب بعض البلدان بالضرر والأخرى بالاستفادة منها.
من هنا نرى أن الحرب العالمية الثانية في أيلول 1939 لغاية 8مارس 1945 هي من الحروب الاستراتيجية للبلدان القوية، التي جربت أسلحتها الثقيلة وقواها الحربية على بعضها البعض وخسرت القوات الفاشية الحرب.
فبدأت إعادة تقسيم أسواق البلدان مجددًا تحت رقابة إقامة المراكز الاستراتيجية العالمية وخاصة ضمن منطقة الشرق الأوسط، حيث بات واضحًا غناها بالنفط والغاز.
فالدول الحليفة التي كانت منتصرة في الحرب اقتسمت غنائم الحرب فيما بينها، وكانت منطقة الشرق الأوسط إحدى الأهداف الرئيسة التي أراد الفاشيون وفي نفس الوقت الدول المتحالفة من انتزاعها من يد بعضهم البعض والسيطرة عليها.
وبسبب أجواء الحرب المتتالية وقعت المنطقة في الفوضى والاضطراب، وتغيرت نظم دول المنطقة التي كانت تحاول اللعب على الحبلين بين القوى الفاشية من جهة والقوى المتحالفة من جهة أخرى.
أما إيران كانت إحدى تلك الدول التي مارست مع الدول الحليفة ضغوطًا على عائلة بهلوي، ثم كان انقلاب رشيد عالي الكيلاني الذي جعل حكومة فيصل في العراق مهزوزة.
أدت هذه الأمور إلى أن لا تبقى لدولتي إيران والعراق ذلك التحكم على الكُرد داخل بلديهما، وخلال هذه الأوضاع والظروف رفع الكُرد رؤوسهم وبدأوا مسيرة جديدة في النضال القومي التحرري.
لأول مرة ومحاولة إثر الأخرى ظهر ميلاد عدد من المنظمات والأحزاب السياسية مثل حزب هيوا1939، ولجنة الحرية 1945 ثم الحزب الديمقراطي الكردستاني 1945 والحزب الديقراطي الكردي 1946 وتصدر المشهد السياسي والنضالي الزعيم القاضي، وملا مصطفى البارزاني.
ثم رُفع علم كُردستان ذي الألوان الثلاثة ضمن مراسيم مجيدة في ساحة (جوارجرا) وعندها أعلن الزعيم القاضي محمد بهذه الكلمة القيمة جمهورية كردستان:
(( إنني أقسم بالله، بكلام الله العظيم، بالوطن، بشرف الكُرد وبراية كُردستان المقدسة أن أكون مطيعًا ووفيًا إلى آخر انفاسي، وسفك آخر قطرة من دمي، بالروح والمال للحفاظ على استقلال جمهورية كُردستان واتحاد الكُرد وآذربيجان).
حين تأسست جمهورية كُردستان كانت كشعلة ثورة تحررية ستنتقل وتتحول إلى كُردستان تركيا، وكأن سحابة الهموم والاحزان من سماء كُردستان قد انقشعت، وأصبحت نبراسًا مضيئًا أحيا آمال كل الكُرد، وظهرت الجمهورية كمجمعًا ومنبرًا لعشاق الحرية، فتوجه المثقفون والوطنيون من كُردستان تركيا وسوريا والعراق إلى جمهورية كُردستان الجديدة من أجل أخذ قسطًا من الراحة تحت الراية ذات الثلاث ألوان.
المحور المهم في هذا المجال كان التحاق ((الملا مصطفى البارزاني)) بجمهورية كُردستان، هو وضباطه الثوريون وقوات البارزانيين الذين كانوا من ذوي اللياقة القتالية والنقاء الذهني والقلبي.
كانت هذه الخطوة تعتبر نقطة تحول مهمة في مسيرة النضال القومي البارزاني، وهذا الأمر يعتبر تحول تاريخي ضمن مبدأ انتقال قائذ ثوري كُردي عبر الحدود ليساند جمهورية كُردستان الناشئة في ايران.
من هنا ندرك أن التوارث الثوري الذي حصل عليه مسعود البارزاني، لم يأت عن عبث أو هباء، بل إنه يعرف القيمة العظيمة لعودة أرضه مستقلة حرة، ذات سيادة كُردية متحررة من أي تدخل خارجي، وما إطلاق مشروع الاستفتاء لاستقلال إقليم كُردستان إلا حجر الأساس لبناء الدولة في وقتها الطبيعي والمناسب.
وهنا لا يمكن لأي مراقب أن يقول إن الاستفتاء كان ورقة خاسرة، أو أنه فشل في الاستمرار، لربما من وجهة نظر أولى، وعبر التدقيق المباشر يمكن قول إن حركة استفتاء الاستقلال التي أطلقها مسعود البارزاني، لم تؤتِ ثمارها بعد، أما أن نحكم عليها أنها انتهت وللأبد فهذا محض خيال، وحركة الاستفتاء برايي الشخصي المتواضع كانت أكثر دقة وذكاءً مما اعتقد البعض، في استفتاء للاستقلال وليس الاستقلال.
مسعود البارزاني ومن خلال حركته هذه تنبأ وبشكل دقيق للمرحلة التالية، وحصل وبشكل تفصيلي ودقيق على الكثير من النتائج الاستقصائية التي ستساعده على إنشاء دولته بشكل أكثر دقة، فحركة الاستفتاء لم تكن إلا ضربة استباقية لمعرفة ردات الفعل الدولية، وبناء على هذه الضربة الاستباقية ستتم معرفة أدوات واحتياجات المرحلة العملية التي ستتبع الاستفتاء ألا وهي حركة الاستقلال.
هذا الفكر في التحرك الاستراتيجي ضمن دائرة السياسة الدولية، مشابه لدرجة كبيرة الاستراتيجية التي انتهجها الملا مصطفى البارزاني، في ضرباته الاستباقية الخفيفة لمعرفة معالم الطريق، الذي يسير عليه بشكل واضح وجلي.
فبعد وصول البارزاني إلى جمهورية كُردستان الجديدة يوم 28/02/1946 ،اُستقبل من قبل أعضاء اللجنة المركزية في مهاباد، وفي نفس اليوم كتبت صحيفة كُردستان عن شخصية البارزاني قائلة:
يتبع