زهير كاظم عبود
أمام توفر الوسائل والتقنيات الحديثة في التواصل وطرق النشر يقدم بعض مرضى النفوس أخبارا واشاعات ومعلومات لا أساس لها من الصحة ٬ ويتم الترويج لمثل هذه المعلومات بقصد التأثير السلبي على حياة العراقيين واستقرارهم ٬ وبقصد النيل من جهات سياسية أو حكومية ٬ وسواء كان الغرض من بث مثل هذه الاشاعات النيل من جهات سياسية أو بقصد بث الفزع والخوف في نفوس الناس ٬ فان هذا الفعل يشكل ظاهرة سلبية.
ومايزيد الضرر الحاصل نفسيا من انتشار مثل هذه الاشاعات انتقالها عبر التداول بين المواطنين ٬ وامام حجم التواصل والنقل السريع دون تمحيص وتدقيق لهذه الاخبار والمعلومات تتوسع الاشاعات ويزداد التأكيد عليها ٬ خصوصا مع انتشار روابط الذكاء الصناعي والطرق المخادعة في تناقل الاخبار ٬ بقصد احداث الإحباط في ثقة المواطن بحق من يتم توجيه الاشاعات ضده.
ولأننا بحاجة ماسة لتحصين مجتمعنا من هذه الاخبار الملفقة ٬ ولان مجتمعنا تغلب عليه طبيعته الطيبة عند أغلب المواطنين في عدم التدقيق والفرز بين الخبر الكاذب والمعلومة الصحيحة ٬ وبين الحقيقة وعدم صحة مثل تلك المعلومات ٬ يتوجب على الحكومة أولا ومنظمات المجتمع المدني ثانيا أن يكون لهم موقف لمواجهة مثل هذه الموجة التي تجتاح بلدنا للأسف ٬ ولإننا بحاجة ليس فقط للاستقرار السياسي والاقتصادي بل نحن بأمس الحاجة للاستقرار النفسي لإعادة بناء العراق وترميم ما خربه النظام البائد والتنظيمات الإرهابية ٬ ولأننا بحاجة لاستقرار اجتماعي وتآزر بين المكونات التي يتشكل منها العراق فإننا امام مواجهة لا تقل خطورة عن مواجهة منابع التنظيمات الإرهابية والمعادية للعراق .
ان قانون العقوبات العراقي النافذ نص في المادة ٢٠٧ منه على معاقبة كل من يذيع عمدا أخبارا، أو بيانات أو اشاعات كاذبة أو مغرضة او بث دعايات مثيرة اذا كان من شأن ذلك تكدير الامن العام أو القاء الرعب بين الناس أو الحاق الضرر بالمصلحة العامة ٬ بالحبس والغرامة وربما يعتقد بعض الافراد ان نشر مثل تلك المعلومات ينضوي تحت باب حرية التعبير التي كفلها الدستور ٬ الا ان تلك الحرية لا تتجانس ولاتتطابق مع القاء الرعب بين الناس وتسميم حياتهم ٬ ولاتنسجم مع الحاق الضرر بالمصلحة العامة والعراق اليوم ينهض من جديد.
الاشاعة تشتق من الفعل أشاع وهي المعلومات والاخبار التي لا تستند على مصدر أو أساس ويتم تداولها بين حيز من الناس ٬ وهذا التداول يحدث اثرا سلبيا لأنه مختلق لكنه يحدث تأثيره في تخويف واثارة نفوس الناس ٬ ويحدث ضررا أكيدا بالمصلحة العامة ٬ ومن يتصفح مواقع التواصل الاجتماعي والاخبار التي يتم تداولها بقصد أو دون قصد يلمس حجم تلك الاخبار والاشاعات التي تنال من استقرارنا وحياتنا ٬ وتخلق نوعا من الارباك في حياة الناس ٬ ولذلك فان المسؤولية والمصلحة الوطنية تقع على عاتق المواطن الذي عليه ان يساهم ويساند عملية البناء والترميم الاجتماعي والسياسي والاقتصادي التي تقع على عاتق الحكومة ٬ وعليه أيضا ان يدرك حجم الخراب والضرر في البناء الاجتماعي امام نشر مثل تلك الاخبار التي تصور عمدا حالات مثيرة ٬ بقصد نشر ثقافة الخوف وبث الرعب من المستقبل في نفوس الناس ٬ وتضعف الثقة في قدرة الحكومة على مواجهة المصاعب والسلبيات التي نواجهها مما يؤثر على حياتهم ومستقبلهم .
مواجهة مثل تلك الاشاعات يتطلب من الحكومة ان تدقق في أساسها ومصدرها وان تتخذ الإجراءات الرادعة لمطلقيها٬وان تفرز الرأي والتعبير السليم من الاخبار والبيانات الكاذبة ٬ وعلى منظمات المجتمع المدني ان تأخذ دورها الإيجابي في تعزيز مواجهة هذه الاخبار الغير حقيقية ٬ وعلى الاعلام بكل اشكاله ان يواجه بثقة مثل تلك الاشاعات المغرضة ويكشف ليس فقط زيفها بل وينشر حقيقة الاسانيد التي تعتمد عليها ٬ وعلى القضاء أيضا ان يتخذ الإجراءات الرادعة بحق كل من تسول له نفسه النيل من الاستقرار والمصلحة الوطنية وخصوصا في مثل هذه الظروف التي نحتاج فيها اكثر من أي وقت الى الاستقرار النفسي والثبات والتوحد الاجتماعي والتلاحم السياسي ٬ امام المتغيرات المهمة والحادة في منطقتنا ٬ ولإننا جزء فاعل ومهم في هذه المنطقة .