((راهِب بني هاشم))

فاطمة علي

إن استشهاد موسى الكاظم عليه السلام يُعد من الأحداث التاريخية العظيمة التي تحمل في طياتها العديد من الدروس والعبر التي تضيء دروب الأجيال.
فقد عاش في زمن قاسٍ وظالم، حيث كانت الطواغيت تسود بجورهم وفسادهم، مما شكل بيئة قاتمة تدعو إلى الاستسلام والخوف. ولكن، على الرغم من كل العراقيل
والصعاب، تميز بموقفه الشجاع والعنيد ضد الباطل، مُدافعًا عن الحق وقيم العدالة حتى آخر نفس له. تحمل سجون الطواغيت،
وتعرض لأساليب التعذيب النفسي والجسدي؛ ورغم ذلك، ظل ثابتًا على مبادئه، مُدافعًا عن الكلمة الحرة في أوقات كان فيها قول الحق يُعتبر جريمة تُعاقب بشدة.
تلك الطامورة الضلماء التي عاشها لم تكن مجرد تجربة مريرة، بل كانت رمزًا للصبر والثبات، تمثل النضال الأبرز في وجه قوى التخويف، بخلاف الكثير من النفوس الضعيفة التي كانت تُفضّل السكوت أو التظاهر بالاستسلام.
إن صبره خلال فترات الاحتجاز المُظلمة، حيث كانت العزلة والحزن تُحيطان به بشكل يومي، يُظهر قوة روحيته وإيمانه الراسخ بقضية الحق.
تظل ذكرياته وما نسطره عنه، سلام الله عليه، بمثابة تذكير دائم لقيم الحق والعدالة التي ينبغي لنا جميعًا التمسك بها.
فقد تحمل ما لا يُحتمل من مصاعب، مُجسدًا رمزًا للذين يختارون الوقوف في وجه الظلم، مُعلمًا لنا أن الشجاعة تعني القدرة على مواجهة التحديات، والصمود في وجه
القمع، حتى وإن كان الثمن هو حياة الإنسان نفسه.
واليوم، نفتقر بشدة إلى تلك الكلمات الطيبة أو المواقف العظيمة التي تمثل قيم الشجاعة والعدالة. نتمنى أن تكون هناك مبادرات ودروس تُلهم الأجيال الجديدة للاستفادة من هذه السيرة النبوية العظيمة.
في زمنٍ نحتاج فيه إلى الإلهام والشجاعة، نحتاج إلى من يُعرفون على النهج الشريف لموسى الكاظم، ليقوموا بدورهم في مجابهة الطغاة ومناصرة الحق، حتى لو كان الثمن هو أغلى ما يملك الإنسان، وهو حياته. علينا أن نتعلم من تلك الدروس التاريخية ونجعلها نبراسًا ينير لنا الطريق في مواجهة الظلم في عالمٍ مليء بالتحديات والفتن

قد يعجبك ايضا