اقليم كوردستان والعلاقة مع المملكة الأردنية الهاشمية

سردار علي سنجاري

تتسم العلاقة بين اقليم كوردستان والدول العربية بالتنوع والعلاقات التأريخية والسياسية والاقتصادية التي قد تختلف من دولة إلى أخرى في العالم العربي . وقد شهدت تلك العلاقة الكثير من التطورات في العقود الأخيرة ولاسيما في مجالات التجارة والاستثمار . اقليم كوردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي واستقلالية اقتصادية سعى منذ سنوات إلى تعزيز العلاقات مع الدول المجاورة وبالاخص الدول العربية . واقليم كوردستان الذي يعد غني بالموارد الطبيعية مثل النفط والغاز حيث عززت تلك الموارد العلاقة بين العديد من الدول العربية ناهيك عن العلاقات التأريخية والتي تربط الشعبين عبر العصور . وبالرغم من التحديات التي واجهت اقليم كوردستان في السنوات الأخيرة والتي تسببت في نوع من الفتور بين الاقليم والحكومة المركزية إلا ان تلك التحديات لمّ تؤثر على العلاقة بين الاقليم والدول العربية الأخرى . وكانت الدول العربية حريصة على بناء علاقات اقتصادية مع إقليم كوردستان بعيدًا عن مشاكل العلاقات مع الحكومة العراقية في بغداد.

وقد حرصت حكومة اقليم كوردستان على توثيق علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع دول الخليج العربي والمملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية وسعت إلى توسيع قاعدة العلاقات الثنائية بينها وبين تلك الدول عبر مشاريع استثمارية ذات طابع اقتصادي وتجاري وصناعي مما ساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة في الاقليم.

و من الناحية السياسية كان لإقليم كردستان علاقات دبلوماسية متوازنة مع بعض الدول العربية في إطار سعيه لتحقيق حكم ذاتي داخل العراق وكذلك سعيه للحصول على دعم في محافل الدولية لدعمه في سعيه للحقوق الكوردية وقد أبدت العديد من الدول العربية تفهمها للمطالب الكوردية المحقة ضمن السيادة العراقية . وقد اتسمت العلاقات السياسية مع بعض الدول العربية بالتعاون في المنتديات الإقليمية كالجامعة العربية حيث تركز بعض الدول العربية على دعم استقرار العراق ووحدته وترى انه من الضروري عدم ايجاد توترات مع الحكومة العراقية التي ترفض اي نوع الحكم الذاتي الموسع للكورد.
امتازت علاقة اقليم كوردستان مع بعض الدول العربية بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة وكانت المملكة الأردنية الهاشمية واحدة من تلك الدول التي ربطتها علاقات التعاون في مجالات مختلفة مع اقليم كوردستان .

تعتبر الأردن من الدول العربية التي تربطها علاقة جيدة مع إقليم كوردستان العراق حيث سعت المملكة إلى تعزيز التعاون مع الإقليم في العديد من المجالات. وكانت العلاقات بين إقليم كردستان و الأردن مبنية على أسس مشتركة من الاحترام المتبادل في إطار الوضع الإقليمي المعقد.
على الرغم من أن الأردن يعد وحدة العراق جزءًا من استراتيجياته الإقليمية إلا أن المملكة قدمت دعمًا دبلوماسيًا نسبيًا لحقوق الكورد في العراق وخاصة في ظل مطالبة الكورد بنيل حقوقه ثقافية و حكم ذاتي . وبذلك كانت عمان تميل إلى دعم الحكم الذاتي في إقليم كردستان دون أن تُعرِّض نفسها للخلافات مع الحكومة العراقية.

وتعد المملكة الأردنية الهاشمية من الدول التي تحتضن عددًا من الأقليات العرقية والدينية ومن ضمنها الأكراد . وقد بدأت العلاقة بين الكورد والأردن في سياق تأريخي وثقافي معقد يعود إلى بدايات القرن العشرين . مع تدفق العديد من الجاليات الكوردية إلى الأردن من مناطق مختلفة سواء بسبب الحروب أو الظروف السياسية في بلدانهم الأصلية مثل العراق و سوريا و تركيا و أصبح لهم دور مهم في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في الأردن.

وقد شهدت العلاقات السياسية بين إقليم كردستان والأردن زيارات رسمية متبادلة بين القادة الكورد و القادة الأردنيين حيث قام الرئيس مسعود البارزاني بزيارات رسمية عديدة إلى عمان مما يعكس رغبة الأردن في تعزيز العلاقة مع الإقليم. ومنذ تلك الزيارات بدأ التعاون بين الطرفين في مجالات متعددة مثل الاقتصاد و الأمن و الاستثمار . وأعقبت تلك الزيارات زيارات أخرى كان اخرها لرئيس حكومة اقليم كوردستان السيد مسرور البارزاني الذي اكد على عمق العلاقات الثنائية بين الجانبين

و على الرغم من التحديات الاقتصادية التي تواجه إقليم كردستان العراق إلا أن الأردن عمل على بناء علاقات اقتصادية متينة مع الإقليم في العديد من المجالات. يعكس ذلك توجيه الأردن لجزء من استثماراته إلى إقليم كردستان خاصة في القطاعات مثل البنية التحتية و التجارة و الصحة وبالفعل، فقد أصبحت عمان نقطة التبادل التجاري المهمة بين إقليم كردستان وبعض دول المنطقة.
و يعد الاستثمار في قطاع الطاقة و الإنشاءات من أبرز القطاعات التي تحظى باهتمام مشترك بين إقليم كردستان والأردن حيث تمت الاستفادة من الخبرات الأردنية في مجال البنية التحتية لتطوير مشاريع مشتركة.

ولكن يواجه الأردن تحديات في علاقاته مع الحكومة المركزية في العراق بسبب علاقته الوثيقة بإقليم كوردستان وهناك بعض الدول الإقليمية التي تحاول ان تلعب دورا في تدهور العلاقة بين الجانبين.
ولكن رغم تلك التحديات من المتوقع أن تستمر العلاقة بين إقليم كوردستان والأردن في التطور حيث يسعى إقليم كوردستان إلى تعزيز مواقعه الاقتصادية والسياسية في الشرق الأوسط. أما الأردن فسيظل مهتمًا بالاستفادة من فرص التعاون التجاري والاقتصادي مع إقليم كوردستان لتعزيز موقفه الإقليمي دون أن يؤثر ذلك على علاقاته مع العراق والدول الأخرى في المنطقة.
تعتبر علاقة إقليم كردستان مع الدول العربية بشكل عام، و الأردن بشكل خاص علاقة مهمة على المستوى الاقتصادي و الدبلوماسي . وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية والسياسية التي يواجهها إقليم كوردستان فإن التعاون بينه وبين الأردن يمكن أن يكون نموذجًا للعلاقات الإقليمية المستدامة. من خلال تعزيز التعاون المشترك في المجالات الاقتصادية والثقافية و الدبلوماسية . يمكن لإقليم كوردستان والأردن أن يلعبا دورًا مهمًا في تعزيز الاستقرار و التنمية في المنطقة.

قد يعجبك ايضا