البارزاني المرجع والملجأ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

د.سعد الهموندي

 

البارزاني المرجع والملجأ هو عنوان كتاب بقلم الدكتور سعد الهموندي مستشار الرئيس مسعود بارزاني و رئيس مؤسسة رؤى للتوثيق والدراسات الأستراتيجية والمستقبلية، الذي يتضمن محطات مهمة من شخصية الرئيس مسعود بارزاني ومواقفه الانسانية والوطنية، التي جعلت منه مرجعاً سياسياً يستشار ويأخذ بتوجيهاته ونصائحه عند حدوث الأزمات والأنسدادات السياسية، وملجأ لجميع العراقيين اثناء المحن والظروف الصعوبة، لذلك نسعى من خلال نشر اجزاء الكتاب ان نلقي الضوء على خصوصياته الأخلاقية ومواقفه ازاء خصومه و صبره وحنكته وذكائه في التعامل مع المواقف الصعبة التي واجهته سواء اثناء ايام الكفاح المسلح او عند النزول من الجبل لينشأ اقليماً عامراً زاهراً ليصبح رقماً صعباً في المعادلات السياسية والتوازنات في العراق والمنطقة.

 

الحلقة السادسة

اما كردياً وسوريًا شعبيًا، فقد قام الاقليم بفتح بابه امام آلاف اللاجئين من سوريا، وامر رئيس الاقليم بتدريب الشباب الكرد المنشقين عن جيش النظام، في حين شهدنا العديد من الاتفاقات برعايته شخصيًا، كمحاولة لتوحيد صفوف الاحزاب الكردية في سوريا، واستقبل بعض قيادات المعارضة السورية التي رغبت، بتقوية العلاقات مع الاقليم، ودفعه للضغط على الاحزاب الكردية، للانظمام الى الاطر السياسية السورية، والتي تبلورت في الائتلاف الوطني السوري، لقوى المعارضة السورية الكردية.

ووصل الإقليم الى اعلى مواقفه من قضية الكرد في سوريا، عندما امر رئيس الاقليم بصفته القائد العام للبيشمركة، بالتوجه الى مدينة كوباني (عين العرب) الكردية السورية، بعد الحصول على تفويض من البرلمان الكردستاني، والتي اعتبرت، منعطفاً تاريخياً في العلاقة بين الاطراف الكردستانية، ومكسبًا كبيرًا لسياسة الاقليم. فلأول مرة تقوم قوات كردية بعبور حدود دولة، كانت تعتبرهم حتى الامس القريب خطرًا عليها، والوصول الى جزء كردستان آخروالقيام بواجب الدفاع عنه، وحينها صرح الرئيس مسعود البارزاني، بان الجبهة الكردية في مواجهة تنظيم داعش، تمتد من كوباني حتى شنكال.

 

عملية السلام في تركيا:

كان للحرب التي خاضتها حزب العمال الكردستاني، في كردستان تركيا، طوال 30 عامًا، الاثر الكبير على الإقليم، خصوصاً في فترة ما بعد 1991، وحصول الإقليم على الاستقلال الذاتي، فقد اتخذ الحزب من مناطق جبلية تابعة للاقليم، مركزًاً ومنطلقًا لعمليات ضد الجيش التركي، وكما لم تستطع تركيا ان تقتحم تلك الجبال، فلم يكن لدى الاقليم رغبة في المواجهة الشاملة، مع ان الطرفان دخلا في معارك شديدة، انتهت باحتفاظ الجميع باماكنهم.

 

هذا الواقع المتشنج تغير بعد حرب العراق، وحصول الاقليم على الاعتراف الرسمي بفدراليته، التي سمحت له بالتطرق لمسائل الخارج، وجاء انفتاح الاقليم الاقتصادي على تركيا، وتولي حزب العدالة والتنمية السلطة والذي طلب بشكل مباشر من الرئيس مسعود البارزاني، ان يكون راعي لإتفاق السلام والطرف الثالث الضامن في هذه العملية.

 

هذا الدور في تثبيت اسس العملية، تمت عبر زيارات مكثفة ايضاً، من رئيس حكومة الاقليم نيجيرفان البارزاني، والتي قابلها العديد من الزيارات الرسمية التركية، من رئيس الوزراء انذاك، و وزير خارجيته احمد داوود اوغلو، والذي ارسل رسائل ايجابية من مدينة السليمانية.

 

من هنا نرى ان البارزاني قد سار قدمًا لدعم السلام، والعمل الدؤوب لعقد المؤتمر القومي الكردي، والذي يبني ابناء القومية الكردية عليه آمال كبيرة، في تحديد مواقف الكرد ضمن اجزاء كردستان الاربعة.

 

الانتخابات البرلمانية لتطبيق الديمقراطية:

ان عملية تطبيق وممارسة الديمقراطية، التي دعا لها مسعود البارزاني عام ،2002 من خلال دعوته لانتخابات برلمانية آنذاك، ورفضه لحل البرلمان آتت اكلها في انتخابات البرلمان عام ،2013 رغم ان الحزب الذي يترأسه البارزاني قد خسر الكثير منذ ذاك الوقت، فخلال الاحد عشر عاماً تقلص عدد برلمانيه من 52 الى 38 ،وهي خسارة كبيرة في موازين الاحزاب السياسية، لكنها مكسب كبير بالنسبة للرئيس نفسه، فالتعددية والتقاسم هي رغبته الاولى، وهي طريقة لتسليم دفة الحكم كلياً في كردستان، الى اطراف او اشخاص آخرين. فمن الجدير بالذكر، ان مقاعد البرلمان الكردستاني يبلغ 111 ،وهي وفقًا لآخر نتيجة للإنتخابات كانت كالتالي: الديمقراطي الكردستاني 38 ،حزب التغيير 24 ،الاتحاد الوطني الكردستاني 18 ،الاتحاد الاسلامي الكردستاني 10 ،الجماعة الاسلامية 6 ،الحركة الاسلامية 1 ،الحزب الاشتراكي الديمقراطي في كردستان 1 ،قائمة الحرية1 ،وقائمة الاتجاه الثالث 1 . لكن المثير للدهشة، ضمن ما يعصف بالشرق الاوسط من دكتاتوريات، نجد في برلمان كردستان، شجرة متفرعة من كافة الاقليات الموجودة في الاقليم، والتي باعدادها الحقيقة لا تستطيع دخول البرلمان.

 

هذا التنوع الحاصل، والكثرة الحاصلة في عدد الاحزاب والكتل المعارضة، والتي باتت تقترب من نسبة الحزب الحاكم نفسه، ما هو الا امر ايجابي يصب في خانة منجزات الرئاسة الحالية، فلو كان العكس صحيحًا ،لما وجدنا هذا الكم الهائل، من الاحزاب السياسية المختلفة التوجه، من اسلامية الى يسارية، والتي لديها ادواتها الاعلامية الخاصة بها، من تلفزة وصحف واذاعات، وهذا الاختلاف والتنوع الكبير كله قام بالقبول والتمديد لرئاسة الاقليم، على مدى السنوات الماضية، وكل ذلك فقط كون جميع المكونات الحزبية توقن، ان مسعود البارزاني هو رجل الديمقراطية الاوحد في الشرق الاوسط دون مبالغة.

 

الاستراتيجية السياسية في مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية (داعش)

خلال العامين الممدة لرئيس الاقليم، شهد خلالها ملفات ضخمة جدًا عراقيًا وكردستانيًا واقليميًا، من تغير المالكي، الى عملية السلام في تركيا ،مروراً بالوضع السياسي السوري البلد المجاور حدوديا.

لكن الاكثر عصفًا بالاقليم، كان ظهور تنظيم الدولة الاسلامية، او ما يعرف بتنظيم داعش والذي لا يمكن اعتبار ظهوره صدفة، او تخطيط لمنظمة ارهابية بوحدها، بل هي مجرد مشروع استراتيجي ارهابي، موجه ومدعوم من قوى ودول كبيرة.

وكان اخطر مراحل التنظيم، حين حصل على اسلحة جيش كامل من محافظتي الموصل وصلاح الدين، وغيرها من المناطق، في صور لا تزال عالقة، في ذهن الجنود العراقيين.

كما ان التنظيم تسلح بذخيرة وعتاد، فاق تعدادها 120 الف من الجيش العراقي وخلافًا لكافة دعاية التنظيم، في توجهه لعاصمة العراق والخوف الذي احدثه في بغداد واقترابه الفعلي منها.

قام التنظيم وخلال ايام، بتغيير وجهة سلاحه، ليتجه الى اقليم كردستان، بكافة الاسلحة ،التي استولى عليها من الجيش العراقي، والتي ضمت اكثر انواعها تطورًا من مدافع هاوتزر و1700 عربة همر مصفحة، والكثير من الاسلحة التي لا يمتلكها الاقليم، نتيجة الحصار المفروض عليه من بغداد حينذاك.

بالمقابل كانت جميع الاسلحة التي بحوزة الاقليم، هي التي استولى عليها في مواجهته للجيش العراقي ابان تحرير العراق، بينما قامت بغداد بربط اي تسليح لقوات البيشمركة بوزارة الدفاع العراقية، رافضة اي تسليح نوعي لها.

وهكذا شهدنا في بداية الهجوم تقدماً خطراً لداعش، ودخول التنظيم لشنكال الكردستانية الداخلة في المناطق المتنازع عليها، وقيامه باختطاف الالاف من الايزيديات، وقتل المئات الآخرين في ابشع جريمة في العصر الحديث.

وقد اثبت مجددًا رئيس الاقليم صدق كلامه، بانه بيشمركه وليس باحثًا عن منصب الرئاسة، عندما قام بالنزول الى الجبهات بنفسه، مع اولاده واقربائه، واعتذر عن حضور العديد من المؤتمرات الدولية لغاية عدم ترك الجبهة.

حتى انه استقبل العديد من الزيارات والوفود الاعلامية في الجبهة ،وليس في قصر الرئاسة، وقام بتفعيل شبكة علاقاته للضغط على المجتمع الدولي، لامداد البيشمركة بالاسلحة الضرورية، لمقاومة الهجوم الوحشي على الاقليم، والذي تحقق في جزء منه بحصول البيشمركه، على اسلحة مضادة للدروع وبعض العربات المصفحة، والمئات من المدربين العسكريين، لتقديم الدعم المعرفي اللازم في استعمال هذه الاسلحة، وتدريب دفعات جديدة، وحتى القديمة من البيشمركة على اساليب القتال الحديثة.

بالاضافة للضغط والتهديد الكبير، الذي سببته داعش للاقليم، فقد جاء دخول ما يزيد عن مليون عراقي  من مناطق المواجهات للاقليم، ليزيد الضغط المفروض عليه مع قطع الحكومة لميزانية الاقليم منذ اكثر من عام، في محاولة لكسر سياسة الاقليم في العديد من الملفات، منها موقفه من الحرب في سورية والسياسة النفطية، ومطالبة الاقليم بتطبيع الاوضاع في المناطق المتنازع عليها.

كما ان التقارب الكبير الذي حصل بين تركيا والاقليم، على خلاف حكومة المركز المتحالفة بشكل كامل مع ايران، والذي في الحقيقة يقوم بتهديد المشروع الايراني في الكثير من اجزائه، فتركيا تحاول العودة للسياسة الاقليمية من باب الاسلام السني المعتدل ،المتمثل بحزب العدالة، والذي سيكون لتحالفه مع السنة الكرد في كردستان العراق، تأثير كبير على دورها المستقبلي، خصوصاً مع فتح الإقليم لسوقه امام الشركات التركية، وايضاً قيامه بتصدير النفط عبر تركيا.

ولا ننسى دور الاقليم في عملية السلام، وايضا التأثير الذي يستطيع الاقليم القيام به في كردستان سوريا، في حال رغبت الاطراف الكردية وتركيا تحويل عملية السلام، الى اتفاق استراتيجي شامل، بين الدولة التركية والكرد.

 

البارزاني وحماية حدود كردستان بعد مرحلة داعش:

حين طرح مؤتمر المعارضة العراقية في فيينا عام 1993 ،حق الشعب الكردي في العراق تقرير مصيره، كان الهدف قائمًاعلى اساس تعزيز الوحدة الوطنية للشعب العراقي ،والمساواة التامة بين جميع المواطنين، وللشعب الكردي الحق في تقرير مصيره، لكن ضمن الوطن الواحد.

والحق ان هذا القرار يلغي نفسه بنفسه ،حين يرفق بهذا الشرط والاعتراض على هذا الحق بالنسبة للكرد، ينبع من هاجس الحفاظ على السيادة والوحدة والحيلولة دون تقسيم البلد مع احترام الحدود.

والحال ان حق تقرير المصير واحترام السيادة الوطنية، هما مبدآن اساسيان من مبادئ الامم المتحدة، ومبدأ حق تقرير المصير، يتمتع باهمية تفوق اي مبدأ اخر، وهو يأتي في مقدمة مبادئ الامم المتحدة.

والواقع ان لا العراق ولا اي دولة من الدول، التي تضم اجزاء من كردستان، وكلها موقعة على المواثيق الدولية، ان تعترض على مبدأ حق شعوبها في تقرير مصيرها، ولكنها تتخذ موقفًا آخر مغايرًا، عندما يتعلق الامر بالامكانية العملية لتطبيقه، فيما يخص الشعب الكردي الموزع، ضمن الحدود السياسية لتلك الدول.

وهذا ما كان يقلق مسعود البارزاني حقيقة الامر، لكن وبعد تهديد تنظيم داعش الارهابي لحدود الاقليم، والمواجهات الدموية التي وقعت بين البيشمركة وداعش، اعاد ترتيب الاوراق والاوليات على طاولة السياسة الكردية بنفسه، وصار الاستقلال وحق تقرير المصير، وانشاء دولة قومية امرًا مسلمًا به ليس فقط من ناحية تقرير المصير، بل صار لزاماً من ناحية امن الحدود والجغرافية الكردية.

ولنعرف الحالة السياسية التي يعيشها كردستان، علينا ان نطلع اكثر على التعقيدات التي تحيط بالقضية الكردية بشكل حيادي وواضح، وان نعرف ماذا يعني حق تقرير المصير للشعب الكردي، والاهمية التأريخية لقرار الاستفتاء.

فكردستان لم تكن ذات يوم دولة مستقلة، ولم يكن لها قط كيان جغرافي محدد، فمنذ ان فتح الكرد اعينهم، وجدوا انفسهم ضمن الحدود المرسومة، من جانب دول مركزية تصنع قراراتها وقوانيها بمعزل عن رأي الكرد ومصالحهم السياسية ومستقبلهم، وتاريخيًاكانت ارض كردستان تابعة للامبراطوريتين العثمانية والفارسية، فعادت وانبثقت ممالك كردية داخل الامبراطوريتين، وتمتعت هذه الممالك آنذاك باستقلال ذاتي، ولكن دون ان تنصهر كلها في بوتقه قومية جغرافية واحدة.

وعليه فان المناطق الكردية ظلت دومًا جزءًا خاضعًا لمركز خارجي غير كردي، وبعد الحرب العالمية الاولى وتقسيم العالم الى مناطق نفوذ وكيانات، ورسم الحدود وظهور دول حديثة لم يفلح الكرد في الحصول على كيان سياسي خاص بهم، وعلى الرغم من الوعود والمواثيق كمؤتمر سيفر عام 1920، الذي اقر منح الكرد في كردستان الطبيعية والجغرافية الاستقلال، بعد فترة الانتداب واعطى الحرية للكرد في كردستان العراق – ولاية الموصل – بالانضمام الى الدولة المنبثقة، اذا رغبوا في ذلك ضمن بنود المعاهدة 62- 63-64 من اتفاقية المؤتمر المذكور.

لكن وعلى العكس من ذلك تم تقسيم مناطق السكن الكردية (كردستان الكبرى) الى اجراء مبعثرة، فعلاوة على المنطقتين التقليدتين كردستان ايران وكردستان تركيا، تم سلخ ولاية الموصل عن السلطة العثمانية والحاقها بولايتي بغداد والبصرة، وتشكيل دولة العراق، كما الحقت المناطق الكردية الجزيرة، وكردداغ بالدولة السورية.

هذا التفتت الجغرافي المذهل، بدا وكأنه بدد حلم الكرد الطويل في اقامة دولة قومية مستقلة مستحقة تاريخيًا، ومثبتة جغرافياً عبر تضاريسها الطبيعية. ومع مرور الايام اصبح هذا التوزع الجغرافي الشاذ ،بمثابة قدر محتوم ويترتب على الكرد التكييف معه، والخضوع لمتطلباته، على الرغم ان الرغبة لم تفارقهم يومًا ،في التمتع بكيان وطني مستقل ومستحق بالاصل.

من هنا شهدت الاراضي الكردية انتفاضات لم تفارقهم يومًا، اي التمتع بكيان وطني مستقل، ثم شهدت ثورات متلاحقة موجهة ضد كل المراكز الحاكمة، والمسيطرة على كردستان، والممسكة بمصير الكرد، وكلها اغرقت في الدم. لقد دفع الكرد غاليًا ثمن ركضهم وراء هدفهم القومي، الذي فاق كثيراً ما دفعته شعوب اخرى، من اجل هذا الهدف. فالاجراءات الرهيبة التي لجأت اليها الدول والحكومات المسيطرة على كردستان ،قد افلحت في تحقيق غايتها، الا ان المتغيرات العالمية التي اشرنا اليها، والتي دفعت الكثير من الشعوب والامم المقموعة والمنسية الى واجهة الاحداث، واعادت الى الكرد ايضاً حلمهم القديم، ولم تكن انتفاضة آذار عام 1991 ،والمأساة التي تبعتها الا فعلاً آخر من فصول التراجيديا القومية للهدف والحلم الكردي.

والآن ثار الاستقلال وحق تقرير المصير والحصول على دول قومية، امورًا مسلمًا بها وهذا ما ادركه البارزاني الاب والابن، على مر التاريخ، فالشعور السائد لدى الكرد مازال كما كان دومًا ،وهو انهم استثناء في العالم، ومطالبتهم بحقهم القومي كالسباحة ضد التيار.

فليس هناك قانون دولي يمتع الكرد، من التمتع بحقهم في تقرير مصيرهم والانفصال عن البلدان، التي تضمهم ليشكلوا كيانهم السياسي المستقل، ولا يشكل عدم وجود دولة كردية مستقلة في السابق حجة عليهم، فشعوب كثيرة اقامت دولًا في الماضي القريب، دون ان يكون لها اي تراث لدولة، لا بل دون ان تتمتع حتى بالشروط والمقومات، التي يتمتع بها الكرد لاقامة دولة قومية مستقلة.

فالمشكلة اذًا تكمن من الجانب او النافذة، التي كان مسعود البارزاني مدركًا لها، وعارفًا بخفاياها في نقطة التقاء وتضارب مصالح بعض الدول السيادية في الشرق، فالبارازانيون عرفوا قديمًا، ان الاقوى يغير القوانين الهندسية لو اقتضت مصالحه، ذلك على حساب الشعوب الانسانية.

والواقع ان تلك المصالح كانت ولا تزال، تقتضي تشتيت الكرد وتقسيم وطنهم وامنهم، من الالتئام في كيان سياسي واحد مستقل.

لا بل ان تلك المصالح، دفعت الى حد تغيير الطابع الديمغرافي والسكاني لكردستان، وتهجير ابنائها، ولكن الكرد لا يفتقدون الى وطن قومي وحسب، انهم في البلدان التي يعيشون فيها يفتقدون الى امور سياسية للعيش كجماعة قومية، ضمن حدود هذه الدول. فلغتهم كانت ممنوعة في المدارس والجامعات، ومناطق سكنهم محرم عليها الرعاية الاجتماعية والاهتمام الحكومي والمفارقة، تكمن في انه على رغم من تمتع الاجزاء الاربعة من كردستان بكل الموارد والثروات الطبيعية بما في ذلك البترول والمياه.

قد يعجبك ايضا