زهير كاظم عبود
الدور المهم الذي يفترض أن يتناسب مع المكانة التي تشغلها المنظمة الدولية، والتي يتم التعويل على قراراتها وسعيها لتعزيز جميع الفعاليات المناطة بها دوليا لترسيخ أسس السلام العالمي، واتخاذ القرارات اللازمة لإيجاد صيغ تفاهم وتقارب بين الدول الاعضاء بغية تثبيت أسس الاستقرار العالمي ، والسعي لمنع التوترات والاشكال التي تحصل بين عضوين أو أكثر من أعضاء هذه المنظمة الدولية.
ومن يستعرض تاريخ المنظمة الدولية منذ تأسيسها سيلمس تلك المواقف والخطوات الإيجابية التي قامت بها ، والقرارات التي اتخذتها ، للتخفيف من الاندفاع باتجاه الحروب ،والسعي الحثيث لإيجاد صيغ للتفاهم والتقارب غالبا ما تنجح المساعي فيها ، وتؤدي الأقسام التابعة لها مهماتها المدرجة في قوانينها ما يعزز ويخدم الإنسانية ، ويزيد العلاقات الدولية متانة من خلال تبادل المصالح والاستجابة التامة والقناعة أيضا لخطوات وقرارات المنظمة الدولية .
برزت الى العلن اغلب النزاعات والصراعات الدولية في الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية، ولم تكن الخطوات التي قامت بها المنظمة الدولية تنسجم مع خطورة الاحداث، ولاسعت لتوظيف طاقاتها وقدراتها العسكرية وامكانيات أعضاؤها من إيقاف التدهور والتهور بين الدول ، والوصول الى المواجهات العسكرية المسلحة التي يفقد بها البشرمن كلا الجانبين الاف الضحايا والجرحى والمعوقين والابرياء من الأطفال والنساء والشيوخ.
ومع بروز معالم النظام العالمي الجديد كان لابد من التكيف والتطوير في اعمال المنظمة الدولية ، وان تضع الإصلاح في مؤسساتها وعملها وفقا للمتغيرات العالمية ، وبما ينسجم ويتماشى مع المتغيرات الحاصلة في علاقات الدول ، وتشخيص النزاعات والخلافات وفقا لمفهوم القانون الدولي ، وان تكون قادرة على إيجاد بدائل تفرض نفسها على الساحات الدبلوماسية للتدخل والتوسط بين الدول بما يحقق النتائج التي تحقق الحماية الفعالة للإنسانية بان توقف الاندفاعات والصراعات القائمة في مناطق التوتر .
ويمكن ان نقول ان العالم اليوم بحاجة الى السلام العالمي والاستقرار، وعلى الأطراف المتحاربة والمتنازعة والتي يدب بينها الخلاف ان تتجاوب مع المنظمة الدولية التي عليها ان تدخل الى الساحات بفعاليات اكثر وخطوات اكبر ، وان تحقق الحماية التي ينشدها المجتمع الدولي ، وحتى لا يبدو تحقيق الحلم بالسلام العالمي بعيد المنال ، وحتى يلمس المجتمع الدولي خطوات جادة ومثمرة تهتم بها بشكل سريع المنظمة الدولية لإيقاف التدهور الحاصل اليوم .
الحروب والصراعات القائمة اليوم بين عدد من الدول تشكل قلقا دائما لانعدام الحلول وفرض خطوات لإيقاف القتال والموت الذي يعمي ابصار القيادات في تلك الدول ، والوسائل التي تعتمدها المنظمة الدولية عليها وعلى جميع الدول الأعضاء اليوم ان تنتبه لمسارات كرستها الظروف وفرضتها عدد من الدول الكبرى ، تتمثل في ( حق الفيتو ) المفروض في مجلس الامن الدولي ، ومن يطالع النصوص القانونية الدولية التي يقوم بها ويقررها مجلس الامن ، يتأكد بان هذه الصلاحيات والنصوص تمهد الطريق للمجلس ان يوقف القتال ونشوب الحرب في كل مكان ، لولا حق النقض الذي تم اعتماده والعمل به ، والذي بات يتناقض مع حق المساواة الذي ينص عليه الميثاق بين الدول الأعضاء ، ويبدو ان هذه الهيكلية القانونية التي لا تصلح اليوم للاستمرار بالعمل بها لم تكن مطروحة للمناقشة ، ولافكرت الدول الأعضاء بإيجاد بديل لتفعيل وانسيابية عمل مجلس الامن ، ولهذا فان عملية الإصلاح التي ينتظرها المجتمع الدولي لا تتقيد فقط في أساليب عمل الهيئات ، ولا في طرق تحصيل الإمكانيات المادية من الأعضاء لاستمرار عمل المنظمة الدولية بشكل عام.
ان بقاء واستمرار العمل وفقا لما كرسته الظروف التي أحاطت بالنظام العالمي الجديد ، بان يتشكل مجلس الامن الدولي من كل من أعضاء خمسة هم كل من : ( ١- الولايات المتحدة الامريكية ٢- روسيا ٣- الصين ٤- بريطانيا ٥- فرنسا ) ولا بأس ان يتم توسيع عدد الأعضاء ، ولانجد مانعا من توسيع الصلاحيات المناطة بالمجلس ، الا انه وبنفس الوقت لا يحقق العدالة المنشودة ولا يوازن بين الدول الاعضاء في المجلس بتثبيت حق النقض لكل عضو من هؤلاء ، وبهذا فإننا على الاغلب نرى منع اغلب القرارات التي تختلف عليها الدول ، وبذلك تبقى الحرب الروسية – الأوكرانية ، والنزاع الفلسطيني – الصهيوني قائمة ومستمرة ليس لمجلس الامن في المنظمة الدولية حق الاقتراب منها او التدخل بها لإيقافها بأي شكل من الاشكال ، بحيث ان صوت معارض واحد يقيد الأصوات الباقية ويسكتها ، وبالتالي لن تكون هناك فعالية او جدوى من وجود هذا المجلس المشلول فعليا ، والذي تساهم النصوص القانونية في تقييده ومنعه من المساهمة في تحقيق السلام الدولي بين الدول .
وشكلت مواقف مجلس الامن التي استعمل فيها الأعضاء حق الفيتو تاريخا طويلا من الانغلاق وعدم صدور قرارات حاسمة وقاطعة توقف النزاعات وتنهي الحروب ، وتوصل الى حلول عقلانية وتحفظ حياة البشر ، ومن يدقق في المعادلة التي يقوم عليها مجلس الامن الدولي سيجد ان التمثيل بعيد عن التساوي بين الدول الأعضاء ، وان هذا الحق المعرقل للقرارات التي ينتظرها العالم لبذل الجهود الإنسانية وتحقيق الامن والاستقرار لملايين البشر المشردين في مجاهل الأرض ، والذين تم اسكانهم في مخيمات لا تقيهم البرد ولا حر الصيف ، وما تقوم به قوات حفظ السلام من تواجد في مناطق الحدود لا يمكن ان يفي بالغرض المنشود ويساهم فعلا في خلق خطوات للسلام وضبط النفس بين الدول .