ماجد زيدان
مشكلة تغيير المناهج الدراسية تبرز مع كل انقلاب في النظم السياسية في البلدان غير المستقرة وتفتقد الى الفلسفة التربوية الحاكمة لدولها , وهي مبدأ تفرضه السياسية الانية في لحظة التغيير والسلطة صاحبة الشأن في ظرفها ووقتها .
اعلنت وزارة التربية السورية مؤخرا ,على سبيل المثال, تعديلات جديدة في المناهج مما اثارت قلقا واسعا وشعبيا في الاوساط الشعبية ,باعتبارها تعديلات اقصائية تتنافى مع ما هو معلن وتتصف بالضيق وقصر النظر , لان الامر لا يستند غلى رؤية جامعة بالحد الادنى وفي ظل غياب الدستور والتوافق على شكل الدولة وطبيعتها ومدى تمثيلها للشعب او على الاقل لأغلبيته , وليس فرض الامر الواقع استنادا الى امتلاك قوة آنية قد تزول في ظرف آخر .
واقع الحال ان قوى الاسلام السياسي تنهج هذا المسار وفي اكثر من بلد ,صحيح ان هناك حاجة ملحة لأجراء تغييرات تتعلق بأنهاء مفاهيم واسس ومبادئ الاستبداد والدكتاتورية ولكن ليس استبدال او احلال افكار مثيرة للمخاوف وتكرار ما تم الثورة عليه وازاحته بصبغة مغايرة , وانفراد مجموعة صغيرة او فئة من المجتمع في التعديلات لقضية تتطلب تأييد وتوافق اوسع فئات المجتمع من دون ان ضير وعلى حساب جزء منه .
فقد جرت تعديلات على المناهج في سوريا مثل عبارة المغضوب عليهم والضالين يقصد بها اليهود والنصارى بدلاً ممن أضلوا طريق الحق , ومبدأ الأخوة الإنسانية بالأخوة الإيمانية , وتغيير مفهوم الشهيد الذي كان كل من ضحى للدفاع عن تراب الوطن، ليصبح كل من ضحى في سبيل الله فقط , حذفوا كلمة القانون من عبارة “الالتزام بالشرع والقانون”، وغير ذلك الكثير مما يطلق عليه ” اسلمة المناهج “.
وعادة , ما يتم لجوء هذه القوى الى هذه الاجراءات بسرعة من دون تشكيل لجان متوازنة من حيث التركيبة المجتمعية والاختصاصية والفكرية فهي تقتصر على الطرف الحاكم الاقوى وبلا مشاركة من ذوي الاختصاص والخبرة . وفرض اراءه وتفسيراته القاصرة على الاخرين في مسالة وطنية عامة تتطلب قبول واسع وعدم استغلال مصادر القوة التي بيديه وممارسة ” الاستبداد” في الوقت الذي ان الهدف من التغيير هو البناء الديمقراطي للدولة ومؤسساتها حسب ما يصرحون .
ومثل هذه التعديلات تكون انتقائية ويراد منها اشاعة اهداف سياسية ضيقة وجهوية وتسجيل خطوة استباقية على الاخرين , وبالتالي ستكون موضع انتقاد وسعي لاستبدالها مرة اخرى , من القوى والفئات والطبقات الاجتماعية والقوميات والديانات التي ينتقص منها , ولا تمتلك الديمومة النسبية والاستقرار المطلوب .
ان خطوة تغيير المناهج الدراسية ينبغي ان تتم استنادا الى الدستور وفي ظرف الاستقرار السياسي وتعتمد على فلسفة تضمن التقدم العلمي وترسيخ التربية الديمقراطية والمساواة والتسامح في المجتمع والارتكاز الى مبدأ المواطنة ,وتستند الى عقد اجتماعي بين المواطنين يقروه بإرادتهم الحرة ..