د. صلاح عبد الرزاق
ميخائيل عواد (١٩١٢- ١٩٩٦) أحد القامات العراقية التي ساهمت في تقديم نتاجات شملت مختلف أوجه الحضارة. إذ له دراسات وبحوث في الحضارة العربية والإسلامية وخاصة في مجالات الكتب والتاريخ والأدب. كما كتب في التراث المسيحي وخصوصاً السرياني.
الأسرة والنشأة
ولد ميخائيل حنا عواد في الموصل في ٢٣ شباط عام 1912، كان والده الأب حنا الياس، الفنان العراقي الشهير، أول من ادخل صناعة (العود) الحديث في العراق في اوائل القرن العشرين. ولذلك لقّب بالعراد وهو شقيق العلامة كوركيس عواد.
الدراسة والوظائف
تلقى ميخائيل في مدارسه الموصل مبادئ العلوم، ثم واصل الدراسة في بغداد فتخرج في دار المعلمين الابتدائية عم 1931. اشتغل في سلك التعليم منذ تخرجه حتى عام 1943، وعين سكرتيرا لوزارة التربية منذ عام 1944 وبقي يشتغل بهذه الوظيفة حتى الأول من شهر مايس عام 1970 عندما أحال نفسه على التقاعد ليتفرغ إلى التأليف والكتابة.
استفاد عواد الذي يعتبر من أبرز المنقبين في خزائن التراث والتاريخ العراقي، من تردده الى المجلس العلمي للأب أنستاس ماري الكرملي، وتعلم منه الكثير، وكان يحضر أسبوعياً هذا المجلس، ويساعد في تنظيم بعض الأمور التي تخص مكتبة دير الآباء الكرمليين قرب الشورجة. وكان لهذا العمل دور كبير في اثراء مسيرة عواد وزيادة تعلقه بالكتب والدراسات خصوصا وأن الكرملي أهداه عشرة كتب في اللغة من مكتبته.
اختير ميخائيل عواد عضوا في المجمع العلمي العراقي عام 1979، وعمل في ثلاث لجان في المجمع العلمي العراقي هي لجنة اللغة والتراث ولجنة معجم الأدب السرياني ولجنة التاريخ.
وسعى الى اصدار المخطوطات التي كانت في حوزته في ثلاثة مجلدات تتعلق بالمستشرقين الذين زاروا العراق، وذلك ضمن ثلاثة أجزاء ما بين عامي 1979 و1983.
واختير ميخائيل عضوا مؤازرا في مجمع اللغة العربية الاردني عام 1980. شارك في الندوة الوطنية الاولى لعلوم الفضاء التي أقامها مجلس البحث العلمي عام 1984، والقى محاضرة بعنوان (نشوء فكرة الطيران عند العرب) ومثل المجمع في مجلس ادارة مركز التوثيق العلمي ببغداد عام 1984، وأسهم في الندوات العلمية التي اقامها المجمع. تتناول أعماله العلمية الحضارة العربية والتراث العربي. وقد نشر كثيرا من البحوث والمقالات في المجالات والصحافة داخل العراق وخارجه. واذاع كثيرا من الأحاديث في ميادين التراث والحضارة من اذاعة بغداد واذاعة لندن. يتقن العربية وله المام بالسريانية والإنكليزية.
ميخائيل وساطع الحصري
يقول ميخائيل عواد ردا على سؤال من اذاعة لندن 1960: (نعم.. ثلاثة وزراء من تلاميذي، وعشرات الادباء من تلاميذي). وسئل في 1980 من هم الوزراء ومن هم الادباء؟ فلم يفصح بل ذهب الى الصمت متواضعاً وحتى لا يتهم بالغرور.
وفي يوم أرسل عليه ساطع الحصري يسأله (من اي المسيحيين انت؟) لغرض ان يعينه في مصلحة الاثار العراقية باحثاً آثارياً قال: (انا عراقي..) ، فلم يفد الحصري بشيء وتركه وشانه، انما كان شأن ميخائيل دائماً ان يضخ اجتهاده لوطنه ويؤرخ لحقيقة من حقائقه التراثية والحضارية بعيدا عن الطائفية والعنصرية التي طالما دغدغت عواطف الحصري واضرابه، وكان شعاره الذي سمع في اروقة المجمع العلمي (العلم النزيه يعلو دائما علي الارضيات) هو الشعار الذي بقي يلازمه في حلة وترحاله منذ كتب مقالته الاولي في (مجلة النجم) الموصلية في بداية ثلاثينات القرن الماضي بعنوان (مآثر القرن التاسع عشر) أهكذا ينبغي ان تكون عين ميخائيل هي عين المؤرخ الذي يكتب وعينه ترنوا الي البعيد..!
مؤلفاته
ترك تراثاً كبيراً حيث شملت كتاباته وبحوثه مختلف أوجه الحضارة، فله 14 كتاباً، و8 نصوص محققة، ونحو 170 دراسة في التراث العربي. من مؤلفاته:
- الموسيقى والغناء في العصر العباسي.
- صور مشرقة من حضارة بغداد في العصر العباسي (بغداد ١٩٨١)
- دير فُنى موطن الوزراء (1939)
- المآخذ في بلاد الروم والإسلام (1948)
- صور من حضارة العراق في العصور السالفة، صناعة الزجاج والبلور (1962)
- ألف ليلة وليلة، مرآة الحضارة في العصر الإسلامي (1962)
- مرآة الحضارة والمجتمع في العصر الإسلامي (بغداد 1962)
- أبو تمام الطائي، حياته وشعره في المراجع العربية والأجنبية (1971). (بالاشتراك مع أخيه كوركيس)
- الخليل بن أحمد الفراهيدي، حياته وآثاره في المراجع العربية والأجنبية (1972). (بالاشتراك مع أخيه كوركيس)
- رائد الدراسة عن المتنبي (1979). (بالاشتراك مع أخيه كوركيس)
- رسوم دار الخلافة تأليف أبي الحسين هلال بن المحسن، (حققه عام 1964)
- أقسام ضائعة من كتاب تحفة الامراء في تاريخ الوزراء تأليف هلال بن المحسن الصابي، (حققه عام 1948)
- رسائل احمد تيمور الى الاب انستاس ماري الكرملي بالاشتراك مع كوركيس عواد (١٩٤٨)
- المآصر في بلاد الروم والإسلام (بغداد 1984)
- فهرس مخطوطات المجمع العلمي العراقي بثلاثة اجزاء (1975- 1983)
- وله العديد من الكتب المحققة ، وقد كتب بحوثاً ومقالات نفيسة في عدد من المجلات والجرائد العربية. كما له علاقة بالعلماء المستشرقين، ويحتفظ بأوسع خزانة كتب جمع فيها أمهات الكتب النادرة تضم نحوا من (١٥ ألف) مجلد.
- قدَّم باقةً من أبحاثٍ تكرِّس إصالة التراث العربي، والإسلامي وتكشف عن أن المسيحيين في العراق كانوا في القرن الاول الهجري بدأوا يُبرِزون مآثر الفكر الإسلامي في كتبٍ ورسائلَ خزنت في الصوامع والكنائس التي في العراق.