الفنانة وداد الأورفلي .. سفر من الابداع والعطاء

 

التآخي: سالم بخشي

وداد مكي الأورفلي، ولدت في بغداد سنة 1929. ودرست الفن والخدمة الاجتماعية في الجونير كوليج في بيروت، وتركته في السنة الرابعة وأكملت الدراسة في كلية الملكة عالية، وتخرجت بدرجة أولى قسم الخدمة الاجتماعية. ودرست 4 سنوات في مرسم الدكتور خالد الجادر في كلية الملكة عالية وتخرجت من معهد الفنون الجميلة فرع الفنون التشكيلية قسم المسائي سنة 1960.

عضو نقابة وجمعية الفنانين العراقيين. شاركت في كل معارض الكلية والنقابة وجمعية الفنون التشكيلية وشاركت في أول معرض للفن العراقي للرواد والشباب سنة 1957. درست مادة الرسم في مدرسة الثانوية الشرقية. عينت في مركز وسائل الإيضاح لرسم وسائل إيضاحية للمدارس. عملت كمسؤولة للدعاية والإعلان في أكبر معمل ألبان في العراق.

عملت في مديرية التراث الشعبي كمسؤولة للمتحف واجرت دراسة ميدانية شاملة لتوثيق سوق الصفارين وحرفة الطرق على النحاس. ودرست فن المينا على النحاس، وفن الباتيك على القماش في باريس.

غادرت العراق ملتحقة بزوجها حميد عباس العزاوي وتنقلت بين عدد من الدول والعواصم، ألمانيا ونيويورك وباريس وعمان وإسبانيا والسودان وتونس ولندن واطلعت على المتاحف والقاعات في هذه البلدان.

 

 

بداياتها

ولدت الأورفلي في منطقة الأورفلية (البتاوين حالياً) وسط بغداد عام 1929 لأسرة ميسورة تهتم بالفن، مع ان والدها مكي عبد الرحمن كان رئيساً لمحاكم بعقوبة آنذاك. عندما كانت طفلة كانت مولعة بالرسم وقد كانت ترسم في أي مكان، على اثاث المنزل وعلى جدران المدرسة، لهذا فقد كانت تتعرض للتوبيخ، لكن هذا لم يمنعها أبداً من متابعة الرسم. عندما كبرت، أصبح الرسم مهنتها، وحينما كانت أسرتها تنام، كانت تبقى مستيقظة حتى الصباح.

الأسلوب الفني

صرحت الفنانة وداد الأورفلي بأنها تعشق بغداد، وان بغداد سحرتها وألهمتها لأنها مدينة جميلة، قديمة وحالمة، لذلك كانت دوماً تريد ان ترسم لبغداد شيئاً جديداً جميلاً لم يرسمه أحد، شيئاً ينصف تلك المدينة التي قضت فيها أجمل أيام حياتها؛ لذا تطغى البيئة البغدادية على لوحات الرسامة العراقية وداد الأورفلي التي تتميز بأسلوب خاص يشعر المشاهد معه كما لو أنه جالس في بغداد يقرأ إحدى قصص ألف ليلة وليلة. في بعض الأحيان كانت قطعة القماش البيضاء تبقى أمام عينها شهراً كاملاً وهي تفكر بالموضوع الذي سترسمه على تلك اللوحة. كانت دائماً تبحث عن شيء جديد لترسمه. وقد امضت وداد في إحدى المرات ستة أشهر بمعدل 10 إلى 15 ساعات في اليوم وهي ترسم لوحة طولها ستة أمتار.

حياتها المهنية

أنهت دراستها في معهد الفنون الجميلة في بغداد عام 1960 حيث تتلمذت على يد أستاذها ومعلمها خالد الجادر. وواكبت في حياتها الفنية رواد الفن في العراق امثال فائق حسن وعطا صبري وإسماعيل الشيخلي وفرج عبو وعبد الرحمن الكيلاني. وفي 1956 شاركت في أول معرض في بغداد، وعندما زار الملك فيصل الثاني آخر ملوك العراق المعرض أعجب أشد الإعجاب بإحدى لوحاتها وطلب وضعها في قصره. بعد تخرجها تزوجت الديبلوماسي العراقي البارز حميد العزاوي الذي رافقته في رحلاته وعمله خارج العراق في عدد من الدول الأوروبية والعربية حتى عام 1980 لتعود إلى بغداد مع اندلاع الحرب العراقية الإيرانية في العام نفسه.

شاركت الأورفلي التي نالت شهرة لم تحظَ بها غيرها من الرسامات في العراق، في معارض في كل من لندن، نيويورك، بون، بيروت، عمان، الدوحة، أبو ظبي ودبي إضافة إلى عشرات المعارض المحلية في بغداد. وأثناء تجوالها في المتاحف والمعارض الأوروبية كانت تحلم بافتتاح غاليري (معرض فنَي) كبير في بغداد، وهذا ما فعلته في 24 تشرين الأول (أكتوبر) 1983 ليصبح بذلك أول قاعة خاصة للرسم في العراق. وافتتحت «غاليري الأورفلي» وصار ملتقى الفنانين ومثقفي المدينة. بعد فترة قصيرة أصبح معرض الأورفلي علامة ثقافية للمثقفين والفنانين والنقاد والأدباء في بغداد.

المعارض

أقامت عشرات المعارض في العراق وفي دول العالم المختلفة خلال مسيرتها الفنية الحافلة.

كانت زيارتها إلى الأندلس عام 1973 نقطة تحول في مسيرتها الفنية حيث كان لمشاهداتها للحضارة الأندلسية بكل زخرفتها وأبداعها تأثير مباشر على وداد الفنانة، فجرت لديها رغبة في تغيير أسلوبها الواقعي في الرسم والتحول إلى عالم تعبيري جعل من أعمالها اللاحقة احتفالية مبهجة وغريبة تمثلت في «مدن الحلم». وغيرت اسلوبها من الواقعية إلى الفنتازيا بعد توقف 3 سنوات وهي تفتش عن اسلوب مميز، وعند عوتها للوطن اقامت المعارض اللاحقة عن بأسلوب عصري مميز يختلف عن الاساليب القديمة.

 

 

التحول من الرسم إلى الموسيقى والكتابة

ترعرعت وداد الاورفلي في بيت أحب الفن بأنواعه وتلقت الدعم والتشجيع لصقل موهبتها الفطرية وميولها نحو الموسيقى والرسم، ودرست العزف على البيانو بعمر ست سنوات، واستمرت بعدها رحلة ثماني عقود أغنت خلالها الفنون بغزارة حيث اتخذت من الموسيقى والرسم توائم روح لها. وتتلمذت على يد أفضل أساتذة الموسيقى وظلت تنهل من خبرتهم لأكثر من نصف قرن، ومنهم أساتذة البيانو التركي بهجت دادا العواد والإيطالي ألدو كاني وأساتذة العود الكبار صلاح القاضي وعلي الإمام، وهي تعزف البيانو والاوكورديون والعود بطلاقة.

لكن ظروفها الصحية منعتها من الاستمرار بهواية الرسم فعادت إلى عشقها الأول الموسيقى وبدأت بتأليف المقطوعات الشرقية والغربية، وقدمت مجموعة من الحانها إلى شركة EMI البريطانية للإنتاج والتوزيع. ولقد صدر أول البوم لها «أنغام عربية» في فبراير 2011. وتعتبر هذه أول سابقة في تاريخ الشركة ان تصدر الألبوم الأول لامرأة فنانة عربية وعراقية ورسامة وموسيقية بهذا العمر. الألبوم يتناول «رحلة من الأندلس إلى بغداد» وهو وجه آخر للوحات «مدن الحلم» من خلال الموسيقى.

 

 

والى جانب الموسيقى قامت وداد الأورفلي بكتابة مذكراتها عن حياتها ومشوارها الطويل مع الفن، في كتابها (سوالف وداد الاوررفلي) استغرق أربعة أعوام والفائز بجائزة العنقاء الذهبية الدولية لأجمل كتاب الدورة الثالثة لعام 2016.

الجوائز التكريمية

كرمت عدت مرات من قبل وزارة الأعلام العراقية ونقابة الفنانين وجمعية الفنانين في العراق.

جائزة العنقاء – حازت القلادة الذهبية عام 2006 في عمان.

كرمت في مهرجان الرواد والمبدعين العرب من قبل الجامعة العربية عمان 2010.

كرمت من قبل وزارة الثقافة والأعلام العراقية بدرع الأبداع في عام 2010.

كرمت من قبل رابطة الفنانين التشكيلية لأردنيين كانون ثاني 2011.

كتب صدرت عنها

صدر كتابا بعنوان (من الواقعية إلى الفنتازيا) من تأليف الناقد العراقي محمد الجزائري وهي دراسة نقدية تشكيلية عن النتاج الفني لها والمشهد التشكيلي في العراق عام 1997.

قد يعجبك ايضا