متلازمة الركود الروحي

رباب طلال مدلول

الحياة مليئة بالتكرار، وكأنها دوامة لا نهاية لها،تلك الدوامة تأخذنا معها بقوة حتى نفقد الإحساس بالجديد، ونسقط في فخ الاعتياد. نعم، الاعتياد الذي يجعل كل شيء يبدو باهتًا في أعيننا، كما لو أننا ننظر إلى بحيرة ماء راكدة تغطيها الأعشاب الضارة، حتى تختفي ملامحها الأصلية وتتحول إلى بركة موحلة،ان تصاب بالاعتياد على الاعتياد نفسه، هو ضرب من الجنون. جنون يجعل الحياة باردة وباهتة، حيث لا شيء يثير اهتمامك، وكل شيء يبدو مثل لوحة زيتية قديمة رسمت منذ آلاف السنين وفقدت ألوانها ومعالمها، يحدث ذلك بسبب الركود، التكرار، والملل. يحدث لأنك لا تسافر، لا تتأمل، ولا تتحدث مع أناس جدد،
تعود إلى نفس الأماكن، تلتقي نفس الأشخاص، تسمع نفس الأحاديث، وتأكل نفس الطعام. وعندما تستمع لنفس المقطوعة الموسيقية يوميًا، قد تفقد قدرتها على الإمتاع. لكن ماذا لو جربت سماعها من عازف آخر أو بآلة موسيقية مختلفة؟ هذا التغيير البسيط قد يضيف لحياتك الرتيبة لمسة من السعادة، التغيير، إذن، ليس مجرد كسر للروتين، بل هو فن خلق “التغييرات المريحة”. الأمر لا يتعلق بتغيير جذري أو مفاجئ، بل بتحولات بسيطة تُحدث فارقًا. ولكن، يجب أن تكون واعيًا: ليس كل تغيير مفيدًا. أحيانًا، الحفاظ على استقرار الأمور أفضل من الخوض في تغييرات غير مرغوب فيها ، فكر الآن: ما هي الأشياء التي يمكنك تغييرها اليوم أو بعد شهر أو سنة؟ إذا كنت قادرًا على تغيير شيء ما، فلا تتردد. أما الأشياء التي لا حيلة لك فيها، فدعها للخالق العظيم. ثق بأنه يعلم الأفضل لك،
ثم فكّر: ما هي التغييرات التي قد تزعجك؟ وكيف يمكنك مواجهتها بأقل خسائر؟ عندما تتبنى هذه الطريقة في التفكير، ستصبح أكثر استعدادًا للتعامل مع المفاجآت، وستتمكن من تقليل تأثيرها السلبي عليك،
قد يبدو هذا التفكير مملًا ومقلقًا، لكنه الطريقة المثلى لتحمي نفسك من صدمات الحياة. التغيير لا يعني الهروب من الواقع، بل مواجهته بوعي وشجاعة.
“ليس عليك أن تكون قويًا طوال الوقت، يكفي أن تكون مرنًا لتتكيف مع تغيرات الحياة”
باولو كويلو

قد يعجبك ايضا