الكورد ومستقبل الحكم في سوريا بعد الأسد

شيركو حبيب

بعد أكثر من نصف قرن من حكم عائلة الأسد، الذي انتهى أواخر عام 2024 على يد أحمد الشرع، بعد هروب بشار إلى موسكو، ظهرت الشائعات بأن عائلة الأسد ليست من اصول سورية. واجتهد أهل التفسير والتفكير مبكر جدًا في قراءة الجولاني ومستقبل حكم البلاد، بعد فترة تأريخية
صعبة عاشها الشعب السوري بين الظلم والشتات واللجوء خارج الوطن.

الكورد ظلوا جزءا من هذا الوطن والمشهد السوري ككل، فهم مواطنون لكنهم عوملوا وكأنهم من الدرجة الثانية، ولم يمنحوا الجنسية السورية، وكم هي المعاناة ذاتها لكل الشعب الكوردي بعد تقسيم دولته وتوزيعه داخل حدود سياسية جديدة عقب مؤامرة سايكس-بيكو، التي صورتهم كأقليات أو دعاة انفصال داخل دول مستحدثة نشأت على أرضهم ووطنهم الأصلي.

رغم أن المعارضة السورية قدمت نفسها علانية خلال مرحلة ما يسمى الربيع العربي، إلا أن نظام الأسد واجهها بالحديد والنار، ما أدى إلى تدمير العديد من المدن في البلاد ولجوء الملايين إلى الخارج خاصة تركيا ومصر وإقليم كوردستان العراق وبعض دول أوروبا التي سجلت كاميرات الإعلام العالمي قوارب الهجرة السورية باتجاه سواحلها، واستمرت المعارضة لأكثر من 13 سنة حتى اللحظات الأخيرة من الثورة. ولم تقاوم قوات الأسد، لكن بشار وعائلته وعدد من المقربين منه هربوا إلى موسكو.
من المرجح جداً أن تكون الولايات المتحدة قد سلمت سوريا إلى جبهة النصرة، كما سلمت أفغانستان إلى طالبان، ومن المرجح أيضاً أن تسلم العراق إلى البعثيين، وهكذا تدور عجلة إلهاء شعوب المنطقة عن مستقبلها ومحاولة تفتيت دولها والسطو على ثرواتها بذريعة إعادة الإعمار أو سيطرة الشركات المتعددة الجنسيات عليها .
من غير الواضح إلى أين يتجه مستقبل سوريا، خاصة وأن أحمد الشرع كان عضوًا في تنظيمات أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعٍش)، الذي انشق عنه لاحقاً وشكل جبهة النصرة.

الجولاني يظهر وكأنه شخص ذكي تعلم من تجربتي مصر وليبيا ولا يريد تكرارهما، فعندما انتخب مرسي رئيساً لمصر أراد تغيير النظام و الدستور خلال 24 ساعة وتوجه إلى بعض الدول التي لم تتفق مع مصر، وجاءت ثورة 30 يونيو 2013 لتصحيح المسار وانتخب المشير عبد الفتاح السيسي رئيسا للجمهورية بعد وضع دستور جديد للبلاد عبر لجنة الخمسين والاستفتاء عليه في يناير 2014.

لذلك؛ نرى الجولاني أعلن أن الدستور والانتخابات سيستغرقان أربع سنوات لتطبيق ما يريده، ولن يعارضه أحد، فهو يفكر بحكمة ويعرف أن سوريا بلد متعدد الأعراق والأديان على الرغم من صداقته مع تركيا، فأنقرة تدعمه وهي من الحلفاء المقربين له، و من المرجح أن تساعده في قتال الكورد إذا لم يتوصلوا إلى اتفاق معهم، لذا من الضروري على الكرد أن يتفقوا على صيغة مشتركة فيما بينهم تخدم قضيتهم، من ناحية أخرى.
بالإضافة إلى الكورد، هناك المسيحيون والعلويون والدرزيون الذين ينبغي مشاركتهم في الحكم وصنع القرار، لكن السؤال هنا : هل تعتمد الحركة على ذات معتقدات جبهة النصرة وتبقى ملتزمة بها؟.
وأخيرا؛ يجب أن لا ننسى أن سوريا هي الحدود الغربية للعراق، وأن هناك حكومة ذات أغلبية شيعية في السلطة ببغداد، وهو ما لا يتماشى مع تحركات الحركة، خاصة أن تغيير السلطة في سوريا أضر بالعراق وإيران وهما متناقضان.

قد يعجبك ايضا