ثقافة الفشل والنجاح

نهاد الحديثي

بداية كل عام نرسم أهدافاً، ونحدد أطراً لتحقيقها، لكن الأيام تمضي، حتى ينصرم العام دون أن ننجز تلكم الأهداف، بل بعضنا قد يتراجع بدل أن يتقدم ,عدم الالتزام بالأهداف السنوية مشكلة شائعة، وتتكرر دوماً لأسباب عديدة، للأسف يقع أغلب اللوم فيها علينا نحن، وليس على ما حولنا.

يبدأ الفشل بغياب التخطيط الواضح! ذلك أن الأهداف تحتاج إلى خطة تنفيذية، تكون ذات تفاصيل ومواقيت، وأتذكر كثيراً من الأهداف “السهلة” التي وضعتها لم أحقق منها شيئاً، كوني لم أخطط لمراحل التنفيذ، وبالطبع هذا يقود إلى ضرورة أن تكون الأهداف واقعية، وليست حالمة وغير قابلة للتحقيق، بالطبع لا بد من الطموح والأمل، ولكن الواقعية تساعد على تحقيق الأهداف وتجنب الإحباط، لكن تذكّر أن تكون أهدافك مرتبطة بقيمك الشخصية، حتى تؤمن وتتلزم بها,, لعل أهم أسباب الفشل هو التسويف، هذا التأجيل المتواصل يؤدي إلى ضياع الوقت دون أن تشعر، وبالذات إذا كانت أهدافاً غير مرتبطة بموعد نهائي لإنجازها أو لا أحد يلح عليك بها ,, كما أن التركيز فقط على النتائج، دون الاهتمام بالمراحل أو العملية نفسها، قد يولد شعوراً بالضغط النفسي أو عدم الرضا عن الإنجاز، وقد يدفع البعض للتوقف قبل الوصول إلى خط النهاية، لذا من المهم أن نقوم دوماً بمراجعة لأهدافنا، وقياس تقدمنا، ولعلي لا أذيع سراً أنني احتفل بالإنجازات الصغيرة أو خطوات التقدم إلى الأمام، حتى تستمر جذوة الحماس، ولا أشعر بالضياع.
نحن نتعثر بسهولة بسبب العوائق اليومية، فالحياة مليئة بالتحديات والتغيرات، بل والأحداث القاهرة والملهيات الطارئة، التي قد تبعدنا عن المسار، لكن المؤمن بأهمية أهدافه يعود إلى مساره بأسرع وقت ,, كما ان الخوف غير المبرر من الفشل، وتجنب شرف المحاولة، لأننا نعتقد أننا لن نستطيع تحقيق ما نأمل، فنحرم أنفسنا من ما نستطيع دون أن ندرك ذلك , علينا ان نحدد اهداف واقعية ، مثل الحصول على شهادة جامعية أو مهنية، أو البحث عن العمل وفق مؤهلاتي
النجاح عبر التاريخ في مجالات كثيرة ليس دائما نتيجة مباشرة للمؤهل العلمي، الثقافة أيضا ليست محصورة في المسار الأكاديمي، حامل الشهادة الابتدائية قد يصل إلى قمة الإبداع الأدبي، المثقف بالمفهوم الشامل للثقافة قد يتفوق على أصحاب الشهادات في أمور الحياة المختلفة.
لا نقيم الناجح بمنجزاته أم بتأهيله العلمي أم بشهرته, ولا نقيمه بحاضره أم ماضيه ،المنجزات هي معيار التقييم وليس الشهرة أو الشهادات، المنجزات في مجالات مختلفة هي محصلة عوامل كثيرة من ضمنها المسار التعليمي لكنه ليس المؤثر الوحيد في تحقيق النجاح والإنجازات، ليس من المنطق الحكم على إنسان بأنه فاشل لأنه قرر ألا يلتحق بالجامعة واختار مسارا مهنيا في الحياة يتفق مع رغبته وقدراته وطموحه، هنا تذكير للآباء والأمهات بعدم إجبار أبنائهم وبناتهم على تحديد مستقبلهم الأكاديمي أو المهني، يقول المثل: يمكنك قيادة الحصان إلى النهر لكنك لا تستطيع إجباره على الشرب , ولكننا في عراقنا اليوم نرى اشخاصا ارتقوا اعلى المناصب بدون تعليم او شهادة اكاديمية او مهنية او عسكرية, بفضل التزلف والاحزاب والطائفية ولله في خلقه شؤون.

قد يعجبك ايضا